ديترويت – بعدما اكتسبت على مدى العقود الماضية، سمعة وطنية ودولية سيئة، واشتهرت بألقاب غير مرحّبة، مثل عاصمة الجريمة والمخدرات، تواصل ديترويت مسار العودة إلى أمجادها الغابرة، بنهضة عمرانية واقتصادية وحتى سياحية، حيث فازت المدينة مؤخراً بلقب أجمل ساحة عامة وأجمل كورنيش (ممشى) نهري في الولايات المتحدة.
ساحة كامبوس مارشوس
حصلت ساحة «كامبوس مارشوس» في الداونتاون على لقب أجمل ساحة عامة في البلاد لعام 2023، بحسب استطلاع أجرته صحيفة «يو أس أي توداي» ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي.
وتفوقت الساحة التي يعني اسمها باللاتينية «ميدان المريخ» –وهو مكان تشريف المحاربين الأبطال في زمن الإمبراطورية الرومانية– على ساحات مشهورة في نيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا، بحسب نتائج تصويت القراء الذين فضلوا «كامبوس مارشوس» على سائر الساحات العامة التي تم ترشيحها من قبل الخبراء في «يو أس أي توداي».
وتضم الساحة التاريخية الواقعة وسط ناطحات السحاب والمباني الشاهقة، عدة معالم مميزة، من بينها نصُب «الجنود والبحارة» و«نافورة وودورد» العملاقة. كما تتميز «كامبوس مارشوس» بقدرتها على جذب السكان المحليين والزوار للاستمتاع بوقتهم على مدار العام، حيث يتحول جزء من الساحة إلى شاطئ رملي حضري خلال موسم الصيف، وإلى حلبة تزلج على الجليد خلال الشتاء.
وكان القاضي الراحل أوغستوس وودورد قد أسس ساحة «كامبوس مارشوس» عند تقاطع شارعي وودورد وميشيغن أفنيو وجعلها «نقطة ارتكاز» لإعادة تصميم المدينة بعد الحريق الهائل الذي دمرها بالكامل عام 1805.
وكان وودورد (1774–1827)، أول رئيس للمحكمة العليا في ميشيغن، قد لعب دوراً رئيسياً في التخطيط العمراني لمدينة ديترويت على نسق تخطيط باريس وواشنطن.
ومنذ ذلك الحين شقت الطرق الرئيسية في منطقة ديترويت استناداً إلى موقعها من الساحة، فعلى سبيل المثال يبعد الميل السابع عن «كامبوس مارشوس»، سبعة أميال، فيما يبعد الميل الثامن ثمانية أميال… إلخ.
وفي تعليقه على نتائج الاستطلاع، قال ديفيد كوان، كبير مسؤولي الساحات العامة في داونتاون ديترويت، إن اختيار «كامبوس مارشوس» كأفضل ميدان عام في البلاد «لا يبعث فقط برسالة مفادها أن ديترويت هي وجهة سياحية شهيرة ومهمة، بل يعيد التأكيد أيضاً على ما عرفناه طوال الوقت، وهو أن التاريخ والثقافة والموهبة والقيادة التي تتمتع بها ديترويت كفيلة بجعل ساحة عامة مثل «كامبوس مارشوس» مكاناً استثنائياً حقاً».
وبعد «كامبوس مارشوس»، ضمت قائمة «يو أس أي توداي» لأجمل عشر ساحات عامة في الولايات المتحدة، كلاً من: «سنترواي سكوير» في مدينة كورنينغ (نيويورك)، و«سوق شارع الكنيسة» في برلينغتون (فيرمونت)، و«ديكاتور سكوير» بمدينة ديكاتور (جورجيا)، و«ميشين بلازا» بمدينة سان لويس أوبيسبو (كاليفورنيا)، و«سانتا فه بلازا» (نيو مكسيكو)، و«فاونتين سكوير» بمدينة سنسيناتي (أوهايو)، «ومالوري سكوير» في كي وست (فلوريدا)، و«جاكسون سكوير» في نيو أورلينز (لويزيانا)، بالإضافة إلى «رايت سكوير» في مدينة سافانا (جورجيا) التي حلت في المركز العاشر وطنياً.
المدينة ذات السمعة الوطنية السيئة تتحول إلى وجهة سياحية
أجمل كورنيش نهري
إلى جانب فوزها بلقب أجمل ساحة عامة في البلاد، احتفظت ديترويت –وفق استطلاع «يو أس أي توداي» السنوي– بلقب أجمل ممشى نهري (كورنيش) في أميركا، للعام الثالث على التوالي.
وتصدرت ديترويت نتائج تصويت القرّاء على أجمل عشر واجهات نهرية في أميركا، متفوقةً على مدن كبرى مثل تامبا (فلوريدا) ولويفيل (كنتاكي) وسنسيناتي (أوهايو) وسان أنطونيو (تكساس) وبوسطن (ماساتشوستس) وإنديانابوليس (إنديانا).
وقال مات كولين، رئيس جمعية «حماية واجهة ديترويت النهرية» في بيان: «يسعدنا أن نحصل على لقب أفضل ممشى نهري في أميركا مرة أخرى»، واصفاً التحوّل الذي شهده الممشى النهري خلال العقدين الماضيين بـ«الهائل». وأضاف «لقد انتقلنا من واجهة نهرية ملوثة وغير مستغلة إلى واجهة معترف بها على أنها الأفضل في البلاد لثلاث سنوات متتالية، وهذه شهادة على مدى حب الناس لواجهة النهر وعلى ما يمكن لمجتمعنا تحقيقه عندما نعمل جميعاً معاً»، موضحاً أن الكورنيش النهري يستقطب حوالي 3.5 مليون زائر سنوياً.
ويمتد ممشى ديترويت النهري لمسافة 3.5 ميلاً وتتخلله عدة منتزهات ومسارات خضراء في الداونتاون والجانب الشرقي من المدينة، في حين يجري العمل حالياً على تمديد الممشى لمسافة ميلين إضافيين غرباً، عبر بناء منتزه ضخم جديد باسم «رالف سي. ويلسون»، والذي من المتوقع افتتاحه في عام 2024.
وعند الانتهاء من أعمال البناء، سيمتد الكورنيش بين ثمانية منتزهات عامة مطلة على نهر ديترويت بطول 5.5 ميلاً، وذلك من جسر «أمباسادور» الدولي غرباً إلى جسر «مكآرثر» الذي يربط برّ ديترويت بجزيرة بل آيل شرقاً.
ويشار إلى أن جمعية «حماية واجهة ديترويت النهرية» التي تأسست عام 2003. ستقيم خلال العام الجاري سلسلة نشاطات وفعاليات ترفيهية احتفالاً بالذكرى السنوية العشرين لانطلاقتها، بما في ذلك تنظيم رحلات سياحية على متن القوارب في نهر ديترويت، فضلاً عن افتتاح منتزهين جديدين لإكمال الجانب الشرقي من الواجهة النهرية.
وقال المتحدث باسم الجمعية، مارك باسكو، إن المنظمة تشعر بالتواضع والامتنان لكل من صوت لصالح ممشى ديترويت النهري، مؤكداً أن الفوز باللقب للسنة الثالثة على التوالي سيجذب المزيد من الزوار إلى المدينة، ليس فقط على المستوى الوطني، وإنما أيضاً على المستوى المحلي في ميشيغن، حيث لايزال الكثيرون يجهلون حجم التغيير الذي شهدته المدينة خلال السنوات القليلة الماضية.
Leave a Reply