فاز المدير السابق لـ«مركز ديترويت الطبي» مايك داغن، يوم الثلاثاء الماضي، برئاسة بلدية ديترويت متفوقاً بفارق مريح على خصمه شريف مقاطعة وين، بيني نابليون، بعد معركة حامية الوطيس تخللتها نقاشات ومواجهات حادة بين المرشحين اللذين حاولا إثبات أهليتهما لقيادة المدينة التي تشارف على الإفلاس وتستعد للنهوض من بين الأنقاض.
داغن يلقي خطاب النصر |
حصل داغن على ٥٥ بالمئة من الأصوات مقابل ٤٥ بالمئة لنابوليون حسب عملية الفرز النهائية. وأعلن داغن المبتهج بالنصر لأنصاره في إحتفال أقيم بعد إعلان النتيجة «لقد كانت سنة باهرة»، وهنأ خصمه نابليون على حملته الإنتخابية القوية وعلى التزامه طيلة حياته بمدينة ديترويت». وقال «عندما بدأت هذه الحملة لم أكن متوهماً حول الإنقسام العنصري في هذا البلد وأنا قلت منذ البداية أن الطريقة الوحيدة لتجاوز العنصرية هو الجلوس معكم أنتم والتعرف عليكم فرداً فرداً».
ولاشك أن وصول داغن إلى رئاسة بلدية ديترويت لايخلو من السبق التاريخي حيث أنه سيكون أول مرشح أبيض يتولى هذا المنصب منذ العام 1٩٧٤، تاريخ فوز كولمان يونغ برئاسة البلدية، كما أن سكان ديترويت إنتخبوا أول إسباني إلى المجلس البلدي لأول مرة منذ ١٠٠ سنة.
وأشار دوغان «في هذه اللحظة إن مايجمعنا هو أكثر وأقوى مما يفرقنا واليوم بدأ العمل الجاد والدؤوب». وتعهد بإقامة علاقة بناءة مع مدير الطوارئ المالي كفين أور المعيّن من حكومة الولاية لتسيير أمور ديترويت، ومع حاكم الولاية ريك سنايدر وأعضاء المجلس البلدي المنتخبين.
وقد أصدرا سنايدر وأور بيانين يهنئان داغن على فوزه وجاء في بيان أور «إنه تغيير مهم في المدينة وقد عبر أهل ديترويت عن صوتهم وتوقعهم للتقدم وأنا أتطلع للتعاون مع رئيس البلدية المنتخب من أجل بناء مستقبل زاهر وقوي لمواطني ديترويت، المستقبل الذي يستحقونه».
كذلك أعرب سنايدر عن أمله بالعمل مع داغن لجعل ديترويت «آمنة ونقطة جذب للناس لكي يعملوا ويعيشوا ويستثمروا أموالهم فيها ويُنشئوا شركاتهم التجارية» ووصف المرحلة الحالية في المدينة على أنها مرحلة التحديات.
أما نابليون فقد خاطب أنصاره الذين تجمعوا في مطعم «روسترتيل» معرباً عن خيبة أمله من عدم الفوز، لكنه هنأ داغن على نصره وقال «إن النتيجة جاءت كجزء من مسار غير مقبول في ضخ الأموال الضخمة التي أعتقد أصحابها أنهم يمكنهم شراء الناس وهذا ليس وقت إحناء رؤوسنا» وتعهد نابليون بمواصلة النضال من أجل ديترويت وسكانها لأن «المعركة لم تنته بعد وستروني من جديد».
وبعد كلمته قال نابليون إنه ليس واثقاً ماذا سيكون شكل مستقبله السياسي وأكد أنه لن يتحدى عملية فوز دوغان في الإنتخابات.
وذكر محللون سياسيون في ديترويت أن من أسباب نجاح داغن هو نجاحه بإحداث تغيير جوهري في مصير «المركز الطبي» الذي انتشله من الإفلاس وهذا ماحمل الناخبين في ديترويت الذين يئنّون تحت وطأة الأزمة المالية الثقيلة، إلى التصويت له أملاً بحل مشاكل الضرائب العالية والبطالة والجريمة.
وقال أحد المحللين ستيف هود «إن رسالته بالتغيير كانت عابرة للخطوط العرقية، تماماً كما حصل مع الرئيس باراك أوباما» وحذر من أنه بالرغم من أن ديترويت التي يشكل السود ٨٢ بالمئة من عدد سكاها قد إنتخبوا أول رئيس بلدية أبيض لأول مرة منذ ٤٠ سنة «إلا أن الإستقطاب العنصري يبقى قوياً».
وأضاف أن فوز داغن يعني أن الأميركيين الأفارقة إرتبطوا معه بطريقة كبرى لكن عليه أن يؤلف رسالة واقعية وعليه أن يفكر كيف يتعامل مع هموم السكان وسيما دور كفين أور «لأنه إذا لم يحسن التعامل معه قد ينتهي به الأمر في زاوية مكتب ويعطي حصة تموينية من البنزين»، في إشارة إلى رئيس البلدية الحالي ديفيد بينغ الذي عزل تماماً بعد تعيين سنايدر لمدير الطوارئ لإدارة أموال المدينة المالية.
وستكون أول مهام داغن هي إعادة المياه إلى مجاريها مع قادة النقابات وبعض القادة الدينيين في المدينة الذين دعموا نابليون. وبالمحطة النهائية فإن فوز داغن لم يكن كاسحاً لكنه مريحاً ونصراً واضحاً له كما أشارت إستطلاعات الرأي قبل الإنتخابات.
عشرة أضعاف
وقد أظهرت تقارير نشرتها لجنتا «العمل السياسي» (السوبر باك) الداعمتان للمرشحين فرقاً هائلاً في إجمالي التبرعات، حيث وصل مجموع التبرعات لحملة داغن الى أكثر من ثلاثة ملايين دولار، مقابل 300 الف دولار جمعت لحملة نابليون، وذلك وفق شبكة تمويل الحملات في ميشيغن.
أما الممولون الرئيسيون «للسوبر باك» التي تدعم داغن، فكانوا من كبار المستثمرين في منطقة وسط المدينة وعلى رأسهم: روجر بينسك مؤسسة شركة «بينسك» (500 ألف دولار)، ومؤسس «شركة كمبوير» بيتر كارمانوس (200 ألف)، تليهما شركة «فانغارد هيلث مانجمنت» التي تدير حالياً «مركز ديترويت الطبي» (210 آلاف)، ثم غرفة ديترويت الاقليمية (100 ألف)، شركة «دي تي إي أنيرجي» (75 ألفاً)، الصناعي ريتشارد مانوغيان (50 ألفاً)، «بي في أس للكيماويات» (50 ألفاً)، وليام فورد (٢٠ ألفاً)، ستيف هامب وهو رئيس «المبادرة الاقتصادية الجديدة» (٢٠ ألفاً)، الى جانب وليام وألفريد وروبرت تاوبمان، من شركة «تاوبمان» المالكة لسلسة مجمعات تجارية (مولات) بحوالي ١٦ ألفاً من كل منهم، كما تبرعت شركة «دلتا إيرلاينز» للطيران بخمسة آلاف دولار والمحامي مارك برنستين بثلاثة آلاف.
يذكر أن رجل الأعمال دان غيلبرت الذي يعد أحد أبرز المستثمرين في منطقة وسط المدينة (الداون تاون)، دعم أيضاً حملة داغن بأكثر من مئة ألف دولار لكن ليس عبر «السوبر باك» الداعمة له.
أما أبرز المتبرعين لحملة نابليون فكان «الصندوق التربوي في ميشيغن» (89 ألفاً) شركة «جي سي فوديل أنيرجي» (50 الفاً) مجموعة «أم بي أس» ومقرها فارمنغتون هيلز (٢٠ ألفاً)، نقابة عمال السيارات (ياو) (٢٠ ألفاً)، «بي في أس للكيمياويات» (١٥ ألفاً)، إضافة الى شركة «سنترال» للنقليات ومقرها مدينة وورن، والتي يملكها صاحب جسر «إمباسادور»، ماتي مارون (50 ألفاً).
Leave a Reply