حملت بعض وسائل الاعلام العربية أخباراً عن «افلاس مدينة ديترويت، رمز صناعة السيارات في الولايات المتحدة الاميركية» وقالت تلك الوسائل: إن مدينة ديترويت تتقدم بطلب اشهار بالافلاس بعد ان كانت رمزا لصناعة السيارات الاميركية في مطلع القرن العشرين وباتت يوم الخميس 18 تموز (يوليو) اكبر مدينة تعلن افلاسها وهي تعيش في آخر محطات مدينة تحتضر ببطء.
أعترف انني شعرت بالمرارة والحزن على ديترويت التي فتحت ذراعيها واستقبلت آلاف اللبنانيين والعرب وفي الطليعة أبناء بنت جبيل وتبنين من أعمال جنوب لبنان منذ حوالي المئة عام إلى اليوم.
شعرت بالمرارة والحزن وأنا بعد لم أعرف كيف سينعكس الأمر على سكان تلك المدينة وبينهم الكثير من الأصدقاء والأهل رغم أني أعاني من عواطف باردة وردة فعل متأخرة إزاء الاحداث على أنواعها خصوصا الافلاس باعتباري أعاصر اليوم افلاسا وانهيارا للنظام العربي برمته من المحيط إلى الخليج وهذا الامر يحتم علينا الاعتراف بأننا نحن على مساحة الوطن العربي أفلسنا تماما ففي آخر رحلة لعمليات البورصة الدولية خسر العرب مئات المليارات دون أن يرف لهم جفن أو أن ينبسوا ببنت شفة ودون أن نسمع أنينهم أو أحزانهم على ثرواتهم الضائعة.
كما وأنه وعلى مساحة الوطن العربي تستمر خسارة الاستثمارات «المالية» على اسقاط هذا النظام وإقامة نظام بديل لا يشبهه بل اسوأ منه إلا إذا انتقلت عدوى 30 حزيران (يونيو) من مصر الى ما عداها ان شاء الله وتخلصنا من المعارضات الرسمية المشبوهة للنظام العربي السابق واتجه النظام العربي نحو استفتاء الناس على غرار ما حدث في شارع مصر يوم الجمعة 26 تموز 2013.
نحن في الوطن العربي نحتاج ربما الى مئة مليار دولار لإعادة إعمار سوريا إذا توقفت الحرب فيها اليوم أما إذا استمرت فإن كلفة تلك الحرب ستكون: «علينا الفوضى بسوريا».
نحن نحتاج الى مشروع الدولة والى ادوار الدولة في كل مكان من الوطن العربي.
لقد آن أن نتعلم لا أن نتفرج فقط على أزمة ديترويت، لقد آن لنا ان نتعلم سبل إدارة الازمة.
المشهد الاميركي.. في واشنطن، في البيت الابيض، يراقبون الوضع عن كثب في المدينة المفلسة ويبحثون في وسائل مساعدتها على النهوض مجددا وتحريك أوضاعها والحفاظ على مكانتها في طليعة المدن الاميركية.
في ديترويت يترافق التراجع الاقتصادي على ما ذكر لي مع تقهقر اجتماعي ونزوح للسكان وآلاف المباني المتداعية ولم يعد بوسع البلدية تأمين الانارة العامة وتعاني المدينة على ما يقول خبراء من سوء الادارة المالية والتراجع الديمغرافي واضمحلال القاعدة الضريبية.
في ديترويت.. يا الهي كأننا نتحدث عن أية مدينة عربية كبرى إذ أن ديترويت يصيبها ما يصيب عواصمنا باستثناء أن الهجرة المعاكسة تتم عندنا إلى العواصم باعتبار أن الأرياف أفلست من ترابها وفلاحيها ولم يعد هناك احد يأكل مما يزرع.
في ديترويت يتفاوضون مع دائني المدينة ويستاء أولهم صندوق التقاعد الذي تدين له المدينة حتى لا يتم الاقتطاع من معاشات التقاعد.
في ديترويت.. عفوا في بيروت.. إفلاس سياسي تام. حكومة مستقيلة وأخرى لا تتشكل، مجلس نواب مجدد له وممنوع من التشريع. أحلام ممنوعة من الصرف، ديون على المستقبل «مستقبل أبنائنا وأحفادنا» بلغت ما يزيد عن سبعين مليار دولار، تقلص في الضمانات والائتمانات، تراجع عن إقرار سلسلة جديدة للرواتب والرتب، ما يزيد عن مليون مهجر ونازح سوري وفلسطيني من مختلف انحاء سوريا ومخيماتها.
في ديترويت.. عفوا في بيروت سنجتمع قريبا لبحث وسائل مساعدة ديترويت ونقل تجربتنا إليها في مجال الدين وخدمة الدين وسندات الخزينة والتهميش العقاري وتصدير المواطنين «بيع الرقيق الابيض الحامل للشهادات الجامعية في انحاء العالم» وفي مجال تقليص أيام ضخ مياه الشفة وتقنين الكهرباء وتنظيم فوضى السير وتهريب السلاح والخطف والثأر وتجارة الممنوعات والسوق السوداء!
في الولايات المتحدة الأميركية سيجدون وسيلة لتقويم مدينة ديترويت واعادتها لتكون مدينة مضاءة على تل.
في بيروت سيستمر الانحلال ليصل الى القعر..
أما بعد تحياتي لكم يا اهالي ديترويت..
Leave a Reply