بسبب نفاد أرقام الهواتف غير المستخدمة بحلول العام 2025
ديترويت – لطالما ارتبطت مدينة ديترويت وضواحيها المجاورة في مقاطعة وين، بالمفتاح الهاتفي 313، الذي تحوّل –منذ اعتماده في أواسط القرن العشرين– إلى رمز تاريخي وثقافي للمنطقة التي تحتضن اليوم، أكبر تجمع للجاليات العربية في الولايات المتحدة. غير أنه بحلول العام 2025، سوف يتعذّر إصدار أية أرقام هاتفية جديدة تبدأ بالكود 313، بسبب نفاد الاحتمالات، وهو ما دفع السلطات في ولاية ميشيغن إلى بدء الإجراءات اللازمة لاعتماد مفتاح هاتفي ثانٍ للمنطقة، والذي سيكون –على الأرجح– 679.
خلفية تاريخية
كانت ديترويت من أولى المناطق الأميركية التي حصلت على كود هاتفي خاص بها، عام 1947، حيث تم منحها الرقم 313، في حين حصلت نيويورك على الرقم 212، ولوس أنجليس على 213، وشيكاغو على 312، وذلك في إطار حرص المنظمين –آنذاك– على اختيار أرقام ثلاثية سهلة الإدخال عبر الهواتف ذات الأقراص الدوّارة، التي كانت شائعة الاستخدام في ذلك الوقت.
وكان الكود 313 –عند اعتماده– يغطي جميع مقاطعات جنوب شرقي ميشيغن، لكن النمو السكاني والتجاري دفع السلطات في العام 1993 إلى تمييز مناطق فلنت وبورت هيورون وبرايتون بكود جديد هو 810.
وفي العام 1997، تم تخصيص الرقم 734 لمدن وبلدات غرب مقاطعة وين وكامل مقاطعتي واشطنو ومونرو، والرقم 248 لمقاطعة أوكلاند ومدينتي ليفونيا ونورثفيل الواقعتين في شمال غربي مقاطعة وين. في حين خصص الرقم 586 لمقاطعة ماكومب في العام 2001.
أما الرقم 313 فمازال يغطي مدينة ديترويت وضواحيها القريبة في شرق مقاطعة وين، مثل ديربورن وديربورن هايتس وريدفورد وإنكستر وهامترامك وهايلاند بارك بالإضافة إلى مدن غروس بوينت ومدن جنوبي النهر (داون ريفر) التي تشمل آلن بارك ولينكولن بارك وتايلور وإيكورس وريفر روج.
وبحسب الخطة المقترحة، سوف تحصل هذه المدن نفسها على كود هاتفي ثانٍ بسبب استنفاد الأرقام التي تبدأ بـ313، وفقاً لهيئة الخدمات العامة في ميشيغن.
جلسة استماع
في بيان نشرته مؤخراً، أكدت الهيئة الحكومية التي تشرف على الاتصالات وشبكات الكهرباء والغاز في الولاية، أن أرقام المفتاح الهاتفي الأيقوني لمنطقة ديترويت، 313، ستصل إلى حدها الأقصى في غضون عامين أو ثلاثة.
ونتيجة لذلك، تخطط الهيئة لعقد جلسة استماع عامة عند الساعة 1:30 بعد الظهر من يوم 9 آذار (مارس) المقبل، في كلية «وين كاونتي» العامة بمدينة ديترويت، لاستمزاج آراء السكان حول إضافة كود هاتفي ثانٍ للمنطقة، وهو 679.
وأوضحت هيئة الخدمات العامة في ميشيغن، أنه بينما تتم إعادة تعيين بعض الأرقام الهاتفية التي تخلّى عنها أصحابها السابقون لمستخدمين جدد، فإن الأرقام التي لم يتم استخدامها قط، من المتوقع أن تنفد تماماً بحلول الربع الثالث من العام 2025، مؤكدة أن الخيار الأنسب هو تخصيص مفتاح هاتفي ثانٍ للمنطقة بدلاً من تقسيمها كما جرت العادة تاريخياً.
وقالت الهيئة إن الكود 679 سوف يغطي المنطقة الجغرافية نفسها لكود 313، مشيرة إلى أن أصحاب الأرقام الهاتفية التي تبدأ بـ313 سوف يتمكنون من الاحتفاظ بأرقامهم الحالية، غير أن الأرقام الجديدة التي ستصدر ابتداء من خريف العام 2025، سوف تحمل المفتاح الجديد 679، بحسب الخطة المطروحة للنقاش.
وجاء اقتراح الرقم 679 كمفتاح هاتفي ثانٍ لديترويت، بتوصية من «إدارة خطة الترقيم في أميركا الشمالية»، وهي الجهة المسؤولة عن تخصيص المفاتيح الهاتفية في الولايات المتحدة وكندا والعديد من دول الكاريبي.
فقدان ميزة
على الرغم من أن الخطوة لا تعني التخلي عن الكود التاريخي 313، إلا أن إضافة مفتاح هاتفي ثانٍ، سوف تُفقد السكان المحليين، ميزة هامة لطالما تمتعوا بها على مدى العقود الماضية، وهي عدم الحاجة إلى إدخال الرقم 313 عند طلب هاتف محلي آخر.
غير أن هذ الميزة سوف تنتهي بمجرد إضافة الكود 679 بعد عامين ونيّف، حيث سيضطر المتصلون –وقتئذ– إلى إدخال الرقم الهاتفي بأكمله (عشرة أرقام من ضمنها المفتاح الثلاثي) لطلب هاتف محلي آخر حتى وإن كان الرقم المطلوب يبدأ بالمفتاح 313 أو 679.
كما سيتطلب هذا التغيير إعادة برمجة بعض الأجهزة مثل معدات الاتصال التلقائي والأجهزة الطبية وأنظمة أمان المنزل لاستيعاب الأرقام الإضافية إذا كانت هذه المعدات مبرمجة حالياً لطلب سبعة أرقام فقط، بدلاً من عشرة.
أبعاد ثقافية.. ودينية
يعتبر الكود 313 جزءاً من هوية ديترويت وتاريخها الحديث، حيث يمكن أن تجده في أسماء الشركات والمنظمات المحلية وفي الأعمال الفنية والموسيقية، كما على القبعات والملبوسات والإكسسوارات وغيرها من المنتجات المرتبطة بعاصمة السيارات في العالم.
كذلك يعتبر يوم 13 مارس من كل عام (3/13)، يوماً ثقافياً للاحتفال بإرث ديترويت في صناعة الموسيقى والأفلام والمأكولات.
يذكر أنه عندما تم تعيين الرقم 313 عام 1947، كانت ديترويت تعتبر رابع أكبر المدن الأميركية من حيث عدد السكان (بعد نيويورك وشيكاغو ولوس أنجليس)، وكان يقطنها في ذلك الوقت، زهاء 1.9 مليون نسمة، مقارنة بحوالي 640 ألف نسمة فقط في الوقت الحالي.
ورغم أن ديترويت وضواحيها شهدت منذ ذلك الحين، العديد من التقلبات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن ارتباط السكان المحليين بالرقم 313 لم يتغير قط، سواء كانوا من أثرياء البيض في غروس بوينت أو فقراء السود في ديترويت أو حتى العرب الأميركيين في الديربورنين، الذين لدى الكثيرين منهم ارتباط وجداني من نوع آخر بهذا الرقم، بسبب رمزيته الدينية.
فبينما لا يتردد الكثيرون من السكان المحليين في وشم رقم 313 على أجسامهم، تعبيراً عن انتمائهم إلى منطقة ديترويت، يذهب البعض من أبناء الجالية العربية إلى وشم أنفسهم بهذا الرقم للدلالة على إيمانهم بظهور الإمام المهدي المنتظر، وفق بعض المعتقدات الأسلامية.
وتشير روايات تراثية، إلى أن الإمام المهدي يظهر في آخر الزمان ومعه 313 من أصحابه المخلصين، وهو نفس عدد المسلمين الذين شهدوا معركة بدر مع النبي محمد، ونفس عدد المؤمنين الذين جاوزوا النهر مع طالوت لقتال جالوت.
Leave a Reply