قلم عتيق
«ديربورن انتهت!» (Dearborn is done!)، هذا ما جاء في تعليق كتبته إحدى الناشطات على «تويتر»، خلال حفل تنصيب رئيس البلدية الجديد، عبدالله حمود. فردّ أحدهم على التعليق بالقول: يبدو أن السيّدة منزعجة جداّ لأن اسمه عبدالله.
في الواقع، إن انزعاج السيّدة الأميركية ونعيها لمستقبل مدينة ديربورن بسبب مشهدية تولي شاب مسلم لرئاسة البلدية وأدائه القسم على القرآن الكريم، ليس موقفاً مفاجئاً أو شاذاً. فالسيّدة وغيرها الكثيرون من ضحايا الإعلام الموجّه وبروباغندا الإسلاموفوبيا، لا يُتوقّع منهم أن يهضموا القيادة الجديدة لديربورن بسهولة، وهم الذين ملئوا رعباً من الدعاية السلبية التي أنتجتها وسائل الإعلام والترفيه الأميركية على مرّ العقود، بالتخويف من بعبع الشريعة الإسلامية والمساجد والحجاب ولافتات المحلات العربية والمطاعم الحلال وكل ما هو!
بل لي بعض المعارف من الأميركيين الذين يعيشون في مدن قريبة، لكنهم يخشون زيارة ديربورن، ومنهم من لم يمر عليها منذ سنوات طويلة… لأن الإنسان عدو ما يجهل.
وبينما ينشغل الخبراء والمحللون والحكماء، عبر وسائل الإعلام المعادية للثقافة العربية والإسلامية، بتشويه صورتنا، نفشل نحن كعرب أميركيين في مواجهة تلك الدعاية السلبية، ونزداد تقوقعاً في مناطقنا، التي ينظر إليها الكثيرون على أنها تحولت إلى كانتونات معادية للثقافة الأميركية.
ومن هذا المنطلق، يحدوني الأمل بأن يشكل وصول حمود وفريقه المتنوع إلى السلطة في ديربورن، كوّةً في جدار العقول المتعصبة، فتتحقق الإنجازات ويتعزز الازدهار السكاني والعمراني والتجاري، فيخرس المتربّصون والمتصيّدون، وتسقطُ تهم التعصب والتخلف التي ألصقت بنا ظلماً وعدواناً، بسبب ما يفعله السفهاء منا.
هناك مثل صيني شهير يقول: انتبه مما تتمنى إذ سوف يتحقق بالتأكيد.
أمثال تلك السيّدة التي نعت ديربورن وغيرها كثيرون، يتمنون أن تنتهي ديربورن فعلاً، أو أن تكون ديترويت ثانية في الفشل والانهيار، لعل ذلك يشبع شعورهم بالتفوق العرقي. فإذا كانت ديترويت قد دخلت في نفق الانهيار بعد تولي أول إفريقي أميركي رئاسة البلدية في سبعينيات القرن الماضي، فإن هؤلاء يتمنون مصيراً مشابهاً لديربورن بعد وصول أول عربي إلى سدة الحكم، فيقولون إن العرب مثل السود، لا يليق بهم ولا يعرفون إدارة المدن وتصريف شؤونها. هذا للأسف ما يتمناه الكثيرون، حتى من العرب أنفسهم.
الحمل ثقيل جداً على حمّود وفريقه. وهو اختبار لنا جميعاً في هذه المدينة التي نحبّ. ومن الواجب علينا أن ندعمه، سواء انتخبناه أو لم ننتخبه، حتى لا يشمت بنا المتعصبون.
غريب الدار
Leave a Reply