بين الحاجة إلى تعزيز الأمن .. والمخاوف من انتهاك الحقوق الدستورية
ديربورن
من الآن فصاعداً، بات بإمكان شرطة مدينة ديربورن الوصول إلى البث المباشر لكاميرات المراقبة في مدارس ديربورن العامة، وهو ما اعتبره ناشطون حقوقين تعدياً فاضحاً على خصوصيات الطلاب والموظفين وانتهاكاً لحقوقهم المدنية والدستورية، رغم إصرار المسؤولين التربويين على أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين أمن المدارس وتمكين الشرطة من التدخل السريع لاحتواء حالات الطوارئ.
وأقر مجلس ديربورن البلدي بالإجماع، يوم الثلاثاء الماضي، الاتفاق الذي سبق وأقرّه مجلس ديربورن التربوي مع شرطة المدينة، بهدف «تعزيز حماية الطلاب والمعلمين والموظفين، في الوقت الذي تتوجس فيه الكثير من المدارس الأميركية من حوادث العنف وإطلاق النار».
ودافع أعضاء البلدية ومسؤولو المنطقة التعليمية عن الاتفاق الذي أبرم مع دائرة الشرطة، مؤكدين أنه «يحترم الخصوصية، ويساعد في تحسين السلامة».
وفي سياق تبريره لأهمية الاتفاق، استشهد عضو المجلس البلدي، روبرت أبراهام، بهجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، كمثال على ضرورة تشارك المعلومات لمواجهة المخاطر المحتملة، واصفاً الاتفاق بـ«الخطوة القيّمة» التي ستتيح المعلومات المهمة –بما في ذلك البث المرئي (الفيديو) والصوتي (أوديو)– «لعناصر مدربين تدريباً جيداً وقادرين على استخدام تلك المعلومات بشكل مناسب».
وأوضح أبراهام أن «عدم القيام بما يكفي لضمان الأمن.. سيكون له عواقب وخيمة»، مؤكداً حرص المنطقة التعليمية على التأكد من عدم استخدام تلك التسجيلات بشكل غير لائق. وأضاف: «أنا واثق تماماً من أن دائرة الشرطة تعرف كيفية التعامل مع تلك المعلومات، ولا أعتقد أن أحد الضباط قد يسيء استخدامها».
وقدم المشرف العام على منطقة ديربورن التعليمية، د. غلين ماليكو، ومدير قسم «التكنولوجيا وخدمات الكمبيوتر» بالمنطقة التعليمية، روبرت آتي، شرحاً مفصلاً خلال اجتماع الثلاثاء الماضي، للآلية التي ستتيح للشرطة الوصول إلى البث المباشر لكاميرات المراقبة الأمنية في مدارس ديربورن العامة.
وقال آتي إن الاتفاق يتيح للشرطة حق الوصول إلى اللقطات الحية المصورة، مشيراً إلى أن ذلك سيمكن عناصر الدائرة من متابعة الأحداث لحظة وقوعها، مما سيمكنها من التدخل الفوري في حالات الطوارئ، وحوادث إطلاق النار، كما سيساعدها ذلك في تعقب الجناة المحتملين.
ولفت آتي إلى أن الآلية الجديدة تختلف عما هو معتمد حالياً في العودة إلى اللقطات المسجّلة عند حدوث حالات تستوجب التحقيق، وقال: «من حيث تخزين اللقطات.. نحن قادرون على العودة ومراجعة اللقطات المسجلة، فعلى سبيل المثال، إذا تساءلنا: هل قام أحدهم بفتح باب ما في الساعة التاسعة من مساء أمس؟ فيمكننا العودة 24 ساعة إلى الوراء، وإلقاء نظرة على التسجيلات لمعرفة الجواب».
انتشار الكاميرات
من جانبه، أكد المتحدث باسم مدارس ديربورن العامة، ديفيد ماستونن، بأن السماح بوصول الشرطة إلى البث المباشر للكاميرات سيساهم في تعزيز السلامة العامة في مدارس ديربورن، وقال: «الهدف من هذا الاتفاق هو إضافة طبقة أخرى من الأمان في مدارسنا، تحسباً لحدوث أي نوع من حالات الطوارئ».
وأضاف ماستونن أن استخدام كاميرات المراقبة بمدارس ديربورن، ليس بالأمر الجديد، مشيراً إلى أنها معتمدة منذ ما لا يقل عن 15 عاماً في المدارس الثانوية، وعلى متن الحافلات المدرسية، لكن الوصول إليها كان يقتصر على الإدارة التعلمية.
وأوضح ماستونن أن كاميرات الحافلات المدرسية لا تتوفر حالياً على خاصية البث المباشر، وإنما يتم من خلالها تسجيل الأحداث فقط، لافتاً إلى أنه على مرّ السنين، أضيفت كاميرات أمنية في العديد من المدارس الابتدائية والإعدادية بهدف رصد محاولات التخريب التي قد تحدث خارج ساعات الدوام الرسمي.
ومع الاتفاق الجديد، ستتمكن الشرطة من الوصول إلى البث الحي للكاميرات المنتشرة في أروقة وأدراج المباني المدرسية ومكاتب الاستقبال والمخازن ومواقف السيارات والصالات الرياضية.
وأعرب ماستونن عن أمله في أن «لا يتم استخدام البث المباشر أبداً»، مستدركاً بالقول: «لكن من المفيد معرفة أنه لدينا القدرة على القيام بذلك، فهذه الإجراءات يمكن أن تمنع حدوث إصابة، ويمكن أن تنقذ حياة شخص ما».
كما أكد أن الفصول الدراسية ليست فيها كاميرات مراقبة، نافياً وجود أية خطط لتركيب الكاميرات داخل الصفوف في الوقت الحالي. وقال: «إذا أرادت أية إدارة مستقبلية تركيب كاميرات داخل الفصول الدراسية، فسوف تحتاج إلى موافقة المجلس التربوي»، منوهاً إلى أن المجلس الحالي ليست لديه رغبة بإضافة تلك الكاميرات.
وفي سياق آخر، شدد ماستونن على أنه يمكن لمجلس ديربورن التربوي الانسحاب من الاتفاق الذي أبرم مع دائرة الشرطة، «في أي وقت من الأوقات»، مؤكداً أن الاتفاق يحدد ما يمكن أن تراه الشرطة.
وأردف ماستونن بأن خاصية البث المباشر ليست متوفرة في جميع الكاميرات المدرسية، كما أنه لن يكون هناك شرطي يشاهد البث المباشر لكاميرات المدارس على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع.
ونفى استخدام مدارس ديربورن لبرامج تقنية التعرف على الوجوه.
وتابع قائلاً: «سيقتصر الوصول إلى البث المباشر على عدد قليل من عناصر الشرطة المجازين الذين سيسمح لهم بمشاهدة البث في حالات الطوارئ فقط، مثل حالات إطلاق النار، أو الحالات الطبية الطارئة».
وأضاف بأن الاتفاق يتضمن آلية لتوثيق هوية العناصر الذين يشاهدون البث الحي، ووقت الدخول، والكاميرات التي تم الوصول إليها.
من جانبه، أشار ماليكو –خلال اجتماع المجلس البلدي– إلى أنه قد يتم في المستقبل تركيب كاميرات جديدة في بعض المدارس، قائلاً إنه لمس رغبة أولياء الأمور في تركيب المزيد من الكاميرات في المدارس الابتدائية من أجل تعزيز أمن وسلامة الطلاب.
وأضاف ماليكو: «تعد الكاميرات وسيلة اعتيادية في الوقت الحالي.. لدينا عدد كبير منها في الشوارع وفي المنازل وغيرها من الأمكنة الأخرى»، منوهاً بأن الكثير من الأشخاص يستخدمون هواتفهم الشخصية لتصوير العديد من الوقائع.
وقال: «إن تمكين الشرطة من الوصول إلى البث المباشر للكاميرات في مدارس ديربورن العامة هو مجرد طريقة أخرى، لتأمين وحماية طلابنا وموظفينا»، مؤكداً أن الكاميرات لن تنصب في بعض الأماكن لمراعاة الخصوصية، مثل الحمامات وغرف تغيير الملابس والصفوف الدراسية.
قلق واستياء
في المقابل، انتقد نشطاء في منظمة «المحاسبة لديربورن»، خطة منح الشرطة حق الوصول إلى الكاميرات المدرسية في المنطقة التعليمية التي تخدم زهاء 21 ألف طالب غالبيتهم من العرب الأميركيين.
ألكسندريا هيوز –الناشطة في المنظمة المدنية التي تأسست العام الماضي للمطالبة بإصلاح شرطة ديربورن– اتهمت المجلس التربوي باللامبالاة تجاه خلق بيئة آمنة للطلاب العرب والأفارقة الأميركيين، موضحة أن نصب كاميرات المراقبة في المدارس العامة وتمكين الشرطة من الوصول المباشر إليها، هو «ترويج للخوف والتطرف، ومحاولة لوسم العرب بأنهم إرهابيون».
وقالت هيوز إن هذه التكتيكات لطالما استخدمت ضد السود.
وكانت منظمة «المحاسبة لديربورن» قد أصدرت بياناً اعتبر قرار المجلس التربوي، الآنف الذكر، نوعاً من المراقبة الحكومية التي تشكل انتهاكاً للحقوق المدنية للطلاب والموظفين في مدارس ديربورن العامة.
وقال البيان: «نحن نعارض معاملة مناطق التعليم كمناطق تجريمية في مجتمعنا.. إذ لا يوجد ليل يشير إلى أن تقنية المراقبة تجعل المدارس أكثر أماناً، فضلاً عن أن بعض الأبحاث تشير إلى أنها قد تضر بسلامة المدارس».
وأردف البيان: «إن طلاب ومعلمي ديربورن يستحقون بيئات تعليمية خالية من التجريم ومراقبة الحكومة».
وكانت السنوات السابقة قد شهدت استياء بعض المعلمين من كاميرات المراقبة، كما رفعت مجموعة من مدرسي التربية البدنية دعوى قضائية ضد المنطقة التعليمية، متهمين مدير «ثانوية ديربورن» باستخدام الكاميرات للتطفل على خصوصياتهم وشؤونهم الشخصية.
Leave a Reply