ديربورن – بعد حملة أطلقها نشطاء بيئيون لمكافحة التلوث في الطرف الجنوبي من مدينة ديربورن (الساوث أند)، أقر المجلس البلدي بالإجماع –الثلاثاء الماضي– مرسوماً بلدياً يقضي بتغطية الشاحنات المحملة بالمواد المسببة للانبعاثات السامة والمخلفات الصناعية والغبار والأدخنة والروائح الكريهة.
ويهدف القانون الجديد، إلى إلزام الشركات الصناعية بتقليص كميات الأوساخ والحطام والغبار والانبعاثات على الطرقات العامة في المدينة، تحت طائلة غرامة مالية قدرها 500 دولار للمخالفة الأولى، مع مضاعفة الغرامة في حال تكرار المخالفة، على أن تستثمر الغرامات المحصلة في مشاريع لتعزيز الصحة العامة والوقاية من التلوث في مدينة ديربورن.
وكان مقترح المرسوم قد تقدم به، قبل أكثر من 20 شهراً، كلٌّ من عضو مجلس نواب ميشيغن، عبدالله حمود (ديمقراطي عن ديربورن)، والناشط البيئي صلاح علي، وهو من سكان حي الساوث أند، ونيك ليونارد، المسؤول في «مركز قانون البيئة في منطقة البحيرات العظمى».
وتكونت النسخة الأولية من 21 صفحة وقد وصفت مستوى التلوث في منطقة الساوث أند بـ«الأزمة البيئية»، إلا أن المجلس البلدي عدل المقترح واختصره إلى خمس صفحات فقط، مكتفياً بوصف التلوث بأنه «مصدر إزعاج عام» في المدينة.
وفي هذا السياق، أعرب الناشط علي (37 عاماً) عن خيبة أمله لعدم «وجود مضمون حقيقي» في النسخة المعدلة، والاكتفاء بتقييم المشكلة على أنها من مصدر «إزعاج عام»، لافتاً إلى أن ذلك يعني أن المسؤولين «لن يتخذوا أية إجراءات جوهرية ولن يحركوا ساكناً إذا لم يشتك أحد من السكان». وقال: «بمرور الوقت، سيبصح هذا القانون عديم الفعالية».
بدوره، أكد ليونارد أن الحملة البيئية التي شارك في إطلاقها استهدفت «التحكم في كمية الغبار والمواد الغازية السامة في منطقتي ديكس وشارع ميشيغن أفينيو»، لافتاً إلى أن النشطاء البيئيين خسروا معاركهم في الماضي، لأن «القضايا البيئية لا تزال قضايا حزبية».
وتسبّب الغازات والأبخرة والمخلفات الصناعية المنبعثة من حمولات الشاحنات، مشاكل وأمراضاً في الجهاز التنفسي، كما تتسبب الأبخرة والأدخنة المنبعثة من حمولات الشاحنات بسوء الرؤية مما يزيد من الاختناقات والحوادث المرورية في منطقة الساوث أند. وكانت «وكالة حماية البيئة» الأميركية قد صنفت –في شباط (فبراير) الماضي، منطقة «ديربورن–ديترويت–وورن» في المرتبة الـ13، بين أسوأ المناطق الحضرية تلوثاً في عموم البلاد.
وتضم مقاطعة وين، 8 من أصل أكثر 15 رمزاً بريدياً تلوثاً فـي ولاية ميشيغن، ومن ضمنها الرمز البريدي 48120 في الطرف الجنوبي من ديربورن.
وقد صنَّفتْ دائرة الصحة فـي حكومة ميشيغن، مقاطعة وين، التي تضم العديد من المصانع الثقيلة، بأنها «قطب الرحى فـي تحمُّل عبء الربو» في الولاية، وذلك بسبب المشاكل الصحيَّة التي تُواجهها الأسر في المناطق القريبة من المنشآت الصناعية.
من جانبه، أشار النائب حمود إلى وجود «تغيير في العقلية وطريقة ممارسة الأعمال التجارية في ديربورن»، واصفاً الأعمال التجارية بأنها «شريكة مع المجتمع». وقال إن «الساوث أند هي قلب ديربورن، وقلب تراث شرائح واسعة من سكان المدينة، ومن المؤسف أنها لا تزال الأكثر إهمالاً، ونحن نحاول تغيير ذلك».
وأضاف في حديث مع «صدى الوطن»: «بينما أشعر بسعادة غامرة لتمرير هذا المرسوم، مازلت أدرك أن هنالك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به».
وفيما أكد الموقع الإلكتروني لبلدية ديربورن على أن المدينة ملتزمة بتوفير بيئة آمنة وصحية لجميع السكان، وصف رئيس البلدية جاك أورايلي، المرسوم الجديد بأنه «سيساعد في سد الثغرات». قائلاً: «نحن أفضل المدافعين عن سكاننا، ولهذا فنحن نقوم بمهام هي في الأساس من مسؤولية حكومة الولاية، ونفعل ذلك من أجل تحسين صحة أفراد مجتمعنا».
وبحسب أورايلي، تناط بحكومة ميشيغن مسؤولية تنظيم جودة الهواء في الولاية، إلا أن بلدية ديربورن بادرت إلى تمرير القانون لمعالجة مخاوف السكان من التلوث وتأثيره على صحتهم وصحة أطفالهم.
وقالت رئيسة المجلس البلدي، سوزان دباجة، إنه مع قرب الأحياء السكنية في ديربورن من العديد من المنشآت الصناعية، فإن هذا المرسوم «لايهدف فقط إلى تحسين جودة الهواء، وإنما أيضاً المساهمة بقدر المستطاع للحد من التلوث»، مضيفة: «نحن نهتم بسكاننا، ونريد ضمان تمتعهم بجودة حياة عالية».
وأشارت إلى أن بلدية ديربورن اضطرت إلى إقرار المرسوم الجديد مع أنه يقع ضمن «اختصاص الولاية»، «ولكن بدلاً من مجرد ترك المسألة لحكومة الولاية، قررنا المضي قدماً من أجل مصلحة سكاننا.. وأقررنا مرسوماً قابلاً للتطبيق».
وتابعت بالقول: «لقد أمضينا ساعات لا تحصى لمعالجة المخاوف وكيف يمكن حلها، وعقدنا جلسات دراسية واجتماعات مطولة في البلدية، لأنه من المهم بالنسبة لنا الاستماع إلى المقيمين»، موضحة أن تعديل المقترح واعتبار التلوث مسألة إزعاج عام، يتوافق مع ما كان يمكن أن تفعله حكومة الولاية في حال قررت التصدي لهذه القضية.
وأكدت دباجة أن بعض المنشآت الصناعية في ديربورن، بادرت بالفعل إلى اتخاذ نهج استباقي، مشيرة إلى أن مسؤولي المدينة التقوا خلال الفترة السابقة مع العديد من ممثلي المؤسسات التجارية، وبعضها بدأ بالفعل بتغطية الشاحنات بالأقشمة المشمعة للحد من كمية الانبعاثات السامة، كما أكدت أن بعض الشركات التزمت بتغيير مسار شاحناتها، للحد من حركة المرور قرب الأحياء السكنية.
ولفتت دباجة إلى أن قسم سلامة المباني في بلدية ديربون، سيقوم بتعيين مفتش خاص لملاحقة القاطرات والشاحنات التي تنتهك المرسوم الجديد، مؤكدة أن المفتش الذي سيتم تعيينه سيكون مسؤولاً فقط عن المخالفات التي تنتهك المرسوم البلدي، وأن الغرامات سيتم تخصيصها حصراً لمشاريع بيئية وصحية في المدينة.
Leave a Reply