الدعوة إلى ديربورنما أن تلقيت الدعوة من جامعة ميشيغن – ديربورن تنسيقاً مع الغرفة التجارية الأميركية العربية وبرعاية وزارة الخارجية الأميركية، حتى سارعت إلى موقع مدينة ديربورن بواسطة «غوغل إيرث» على شبكة الانترنت. ووجدتها خضراء بأسماء الشوراع المهمة. ولكن الذي يشاهد المدينة عبر الشبكة الإلكترونية ليس كالذي يشاهدها على الطبيعة وفي الواقع. فبعد أن استغرقت الرحلة تسع عشرة ساعة خط «صنعاء – دبي – أمستردام – ديترويت» وكانت مرهقة، إلا أن كل ذلك التعب والإرهاق صار منسياً بعد أن تم الوصول. إلى ديترويت مدينة الجمال والصناعة والجالية العربية بثقافتها وتراثها ووجودها القوي والمشرق.ديربورن الجمال النائميحتار الزائر من أين يبدأ الكتابة عن مدينة ديربورن. هذه المدينة المنبسطة نهاراً الهاجعة ليلاً على بساط أخضر. لا تتوقف فيها حركة السيارات دون أن تسمع أصوات محركاتها ولا صوت للنفير أو الأبواق وهي تسير في خطوط متجاورة عدة ولكن في سرعة متقاربة، إن لم تكن واحدة، لا تتعدى 53 ميلاً في الساعة. تجمع سرعتها بين الحركة والهدوء والتناغم رغم تعدد الإتجاهات.في الصباح الباكر، قد ترى من نافذة ما طيوراً بيضاء تنطلق من بين الحشائش والأشجار باتجاه مقر فورد العلمي الهائل (ملك صناعة السيارات)، ثم لا تلبث أن تعود إلى حيث انطلقت. أما الهثيل وزخات المطر وربما الرذاذ فإنك تجد نزولها على البسط الخضراء فتزيدها خضرة ونضرة وجمالاً وتعطي المرء شعور من يكون في الفردوس. فيكون ما بين الإعجاب والذهول لهذه الطبيعة الخلابة المعطاءة. والشعور بالإسترخاء النفسي والإطمئنان الروحي. بل والعشق للنشاط العملي المتجدد. وذلك كله رغم ما تردد على مسمعي من تقلب للطقس في هذه المدينة النموذجية بين الآونة والأخرى بشكل ملفت، حيث قال لي أحد الزملاء «إذا لم يعجبك الطقس في ميشيغن فانتظر قليلاً لأنه سيتغير».
الجالية اليمنيةفي ديربورن تجمع كبير للجالية العربية ولا سيما اليمنية. فأنت تجد اللافتات وعناوين المحلات والمطاعم باللغتين العربية والإنكليزية. تجد عبارة أهلا وسهلاً على الأبواب والتنافس في عرض أنواع الوجبات العربية. حيث تبرز الوجبات والحلوى اللبنانية لما لها من تنوع وشهرة و كذا المطاعم الأخرى ومنها اليمنية وغيرها. وهاهم «معشر اليمانية» بحيويتهم المعهودة ينهضون، وهم فيها عمال ورجال أعمال وغير ذلك. وقد تطبعوا بطبع المدينة والرقي والتطور والحضارة، مثلهم كسائر الجاليات من إخوانهم العرب وغيرهم من الجاليات. في مدينة صناعة السيارات هذه ديربورن، مسقط رأس هنري فورد الثاني، وغيرها من المدن. وهم يشكلون بنهوضهم خلية نحل يمنية في مدينة تعد رمزاً من رموز لقاء الشعوب وحوار الحضارات والأديان ومن الدلائل على ذلك وجود مسجد ديربورن الكبير.
ديربورن مدينة المؤتمرات والمنتدياتوفيها تنعقد المؤتمرات والمنتديات واللقاءات في جوانب المال والأعمال، وفي الجوانب الإنسانية والإتجاهات الروحية وغيرها. ويجد الناشطون والعمليون والعاملون في هذه الجوانب حرية و أسقفا للحركة لا يجدونها في بلدانهم.
ديربورن وصحافتها العربية أما الصحافة العربية في ديربورن فقد قطعت أشواطاً كبيرة. فتقرأ جرائد عربية كهذه التي بين يديك وكأنك في مدينة عربية خالصة. وهي مزودة بإعلانات لخدمة القارئ ومنفعته وفائدة من يقدمون العروض والخدمات في كل جانب من جوانب الحياة. وتجد القسم الأكبر من الصفحات في مختلف الشؤون والقضايا العربية تعالج هموم وقضايا الإنسان العربي بمساحة ومصداقية وحرية لا تجدها في الوطن العربي. وهكذا صحيفة تشعرك بالأمان والإطمئنان على مستقبل أمة قدمت للتاريخ والحضارة، وأنت تنتمي إليها وهي في صراع مع النهوض وفي سعي للحوار من أجل المحبة والسلام.
Leave a Reply