تنتاغم العديد من الدوائر الحكومية لكي تنجز مهماتها في إدارة شؤون السكان، فالمناصب المختلفة –مثل رئاسة البلدية والمجلس البلدي واللجان والهيئات الأخرى– تلعب أدواراً حيوية في الحفاظ على نوعية الخدمات وجودتها، والتي يتوقعها منهم المواطنون.
وفي مدينة ديربورن يأمل معظم السكان الذين يشكل العرب أكثر من نصفهم بقليل، أن تعكس الدوائر الحكومية تمثيل الشرائح السكانية المتعددة، لكن هذا الأمر ليس متحققاً حتَّى الآن.
فبلدية ديربورن تضم 24 هيئة مختلفة الاختصاص، إضافة إلى ما مجموعه 221 متطوعاً من المفوضين الذين يعملون على تقديم النصح والمشورة مجاناً للمجلس البلدي ورئيس البلدية، خصوصاً في المسائل ذوات الصلة بالقوانين المحلية والتصنيف العقاري (زوننيغ) والإسكان والأمان المروري وتطوير الأعمال التجارية، وتجميل المدينة من بين هيئات اخرى، ومن بين هؤلاء المفوضين المتطوعين يرجح أن يكون بينهم 36 عربياً بحسب ما تشي أسماء عائلاتهم العربية، وفقاً لسجل البلدية الوظيفي الذي حصلت “صدى الوطن” على نسخة منه.
المفوضون هم من السكان وعادة ما يكونون أصحاب مصالح وخبراء في مجالات تخصصهم ويتم تعيينهم بشكل أساسي من قبل رئيس البلدية أو المجلس البلدي، ليخدموا لفترة عامين يمكن تجديدها وتمديدها إلى أجل غير مسمى.
من بين العرب المفوضين في الهيئات البلدية كيمبرلي إسماعيل التي أفادت لـ«صدى الوطن» عن ان عدم تمثيل العرب الأميركيين في تلك اللجان بنسبة تعكس وجودهم يعيق تقدم المدينة بشكل عام، ويقلل من المبادارت الفردية التي تنعش المدينة اقتصادياً واجتماعياً.
وأشارت إلى أن “انخفاض تمثيل العرب في البلدية لا يعني النقص في المتقدمين المؤهلين للمنصب، ولكنه انعكاس للاندماج المجتمعي المدني الهزيل من قبلهم»، كما أن «كثيراً من الناس أيضاً ليسوا على علم بأنه يمكن للأفراد أن يتقدموا بطلبات للتطوع في الهيئات»، وفقاً لإسماعيل، المفوض الحالي في «هيئة تجميل المدينة» التي تضم ثلاثة عرب أميركيين فقط بين أعضائها الـ25.
وأكدت على أنه وبالرغم من عدم تقاضيها راتباً تعويضاً عن خدمتها إلا أنها «تستمتع بدورها الذي هو جزء لا يتجزأ من القرارات التي تؤثر على نوعية الحياة في المدينة التي يترعرع فيها ابنها الوحيد».
واستدركت اسماعيل قائلة «ان جاليتنا تدعو البلدية إلى إجراءات أكثر إيجابية نحو مجتمعاتنا، لكن في الوقت ذاته هنالك قلة منهم مشاركة بالمجتمع المدني والبلدي. ومن المهم جداً للعرب الأميركيين اتخاذ موقف حاسم والانخراط في الحياة العامة”.
وبشكل مماثل، تضم «هيئة تطوير دوانتاون شرق ديربورن» عربياً أميركياً واحداً، هو د. خليل قازان.
خدم قازان في الهيئة لمدة أربع سنوات، وقال لـ«صدى الوطن» إن العديد من العرب الأميركيين «يسارعون الى الترشُّح لعضوية المجلس البلدي أو لرئاسة البلدية، بينما هناك قلة قليلة منهم على استعداد للعمل في المدينة كعناصر شرطة او أطفاء او مفتشين – حيث هناك يكمن العمل الأساسي» وأضاف: «الفجوة الثقافية واسعة جدَّاً» مؤكداً «أن العديد من المفتشين وعناصر الشرطة والاطفاء أيضاً لا يعيشون في ديربورن».
ونفى المزاعم التي تدعي بأن رئيس البلدية يبيت نوايا إقصائية بحق العرب الأميركيين، بالنسبة للهيئات واللجان وأنه اختبر بنفسه تأكيد رئيس البلدية الحالي جاك اورايلي على التنوع الثقافي والتدريب حول الحساسية الثقافية».
قازان كشف «أن القليل جداً من العرب الأميركيين هم على علم بوجود هذه الهيئات او اللجان، وأن العديد لم يصارحوه باهتمامهم للانضمام اليها» مؤكداً «أن المفوض هو متطوع وأن العديد من ذوي الخبرة والاختصاص قد يكونون مشغولين جداً عن القيام بدور خدماتي تطوعي، ولكن مع كل هذا فالعمل التطوعي مهم ومطلوب، عدا عن أنه يفتح الابواب أمام الكثيرين من أصحاب الأعمال ويساعدهم على اتباع القنوات السليمة لتطوير اعمالهم ومشاريعهم».
وختم بالقول «إذا كنت ترغب في جعل مدينتك أقوى وأكثر أمناً، عليك أن تشارك معنا وتأتي إلى الاجتماعات المفتوحة امام الجميع وتبدي ملاحظاتك».
بدورها، فاي بيضون –هي مفوض في «هيئة تطوير كوريدور وورن»– ليست غريبة عن المشاكل التي يعانيها أصحاب الأعمال الصغيرة على مدى عقود، وذلك لأنها تحمل صفة المدير التنفيذي لـ«غرفة التجارة العربية الأميركية في ميشيغن». وقد أكدت على أهمية أن يوجد أكثر من عربي في الهيئات الحكومة المحلية «وذلك حتَّى تتفهم البلدية بشكل أفضل و تستوعب نظُم السكان والمصالح التجارية».
منذ عدة سنوات تفاجأت «لجنة التخطيط والتصنيف العقاري» بتدفق طلبات تصاريح لتوسيع مصاطب المنازل مشيرة إلى «ان العرب يفضلون الجلوس على شرفات بيوتهم حسب عاداتهم القديمة، لذلك فالمفوضون يجب أن يشكلوا امتداداً للجالية التي تكمن مسؤوليتها في بناء علاقات مع المسؤولين البلديين، وان يتقدم العرب للخدمة بأعداد أكبر، ويهيئوا أنفسهم لممارسة دورهم في الهيئات واللجان».
جون حمود، وهو مقاول معروف ومفوض في «هيئة التخطيط والتصنيف العقاري» لمدة 20 عاما، نفى أن «البلدية تظهر تعصباً او تتمنع عن منح مواقع أو تحجبها عن أي كان على أساس العرق».
وقال إنه تم اقتراح إسمه من قبل كبير المحامين في البلدية وتم تسميته كمفوض في الهيئة من قبل رئيس البلدية السابق الراحل مايكل غايدو. وتابع «لقد كنت مقاولاً نشطاً في المدينة وهم أرادوا شخصاً خبيراً في البناء وفق القوانين البلدية، لذلك قد يكونون ارتأوا أنني خير من يتولى هذه المهمة». وخلص إلى القول «إن مسؤولي البلدية يبحثون عن أفضل الأفراد المؤهلين، ولكن القليل من العرب الأميركيين يسعون لطلب المناصب الحكومية».
حسان (سام) بيضون، وكيل عقارات معروف ومفوض في لجنة «استئناف التصنيف العقاري»، أكد على الحاجة لتمثيل عربي أفضل «وأن الجالية العربية الاميركية قطعت شوطا كبيراً في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «اثنين من العرب الأميركيين كانا قد خدما في نفس الهيئة خلال الاعوام السابقة، اضافة الى مدير التخطيط البلدي بالوكالة محمد أيوب». وأفاد أنه عرض عليه منصب المفوض في الهيئة ذاتها مرتين من قبل ولكنه رفض حينها لأنه كان ينوي الترشُّح لعضوية المجلس البلدي، وفي نهاية المطاف قرر عدم الترشُّح والقبول بعضوية الهيئة كجزء من خطته لمساعدة مجتمعه والبقاء على نشاطه المدني الاجتماعي. وتهدف «هيئة التصنيف العقاري» إلى الحفاظ على التناسق والجودة العالية في الأحياء السكنية والتجارية، والإشراف على أمور لوجستية تنسيقية مثل ارتفاع المباني ومتطلبات مواقف السيارات.
ولأنه يشارك في نفس المسعى خلال عمله النهاري اليومي، يقول بيضون «إنه قادر على جلب ثروة من المعرفة في عالم العقارات ووجهات النظر التي بدورها تساهم في زيادة فرص للمقيمين والتجار».
بيضون، الذي تنتهي عضويته في حزيران (يونيو) المقبل، ختم بالقول «إن البلدية تسعى جادة لاستقطاب متطوعين من العرب الأميركيين لتعيينهم مفوضين في هيئات أخرى».
Leave a Reply