حسن خليفة – «صدى الوطن»
لدى القيام بجولة سريعة بالسيارة وهي تجوب بنا شارع دوكستيتر فـي وسط مدينة ديربورن هايتس، لا يسع الشخص إلا أن يمعن النظر ويتأمل القصور الشاهقة التي تصطف على جانبي الطريق بين شارعي جون دايلي وإنكستر.
دوكستيتر، وهو شارع سكني ضيق يقع مباشرة الى الجنوب من طريق فورد الرئيسي، يكتظ اليوم بعشرات المنازل الضخمة التي يفوق سعرها المليون دولار، ولكن أصحاب هذه القصور اليوم قلقون، والسبب أن حدائقهم الخلفـية ستصبح قريباً مقابلة لمحال تجارية مع توجه البلدية الى تحويل أكثر من 15 منزلاً مطلة على شارع فورد الى محال تجارية، فـي إطار مشروع أوسع، يهدف الى إنشاء وسط تجاري لمدينة ديربورن هايتس، وفق ما كشف رئيس البلدية دان باليتكو لـ«صدى الوطن».
وسط ديربورن هايتس (خرائط صدى الوطن) |
قصور دوكستيتر
لعب موقع شارع دوكستيتر ورحابة قطع الأرض اللواتي يتميز بها، دوراً أساسياً فـي جذب عشرات العائلات العربية الثرية الراغبة بالعيش فـي قلب مجتمع الجالية، فقاموا ببناء القصور الضخمة مكان البيوت القديمة على جانبي الشارع وكان أولها فـي العام ٢٠٠٩ الذي شهد تشييد ثلاثة منازل عملاقة، لتكرّ السبحة فـي الأعوام التالية، ليتحول الشارع الى أحد أثرى الأحياء فـي مدينة ديربورن هايتس، وإن ظل يحتضن بعضاً من البيوت متوسطة الحجم والصغيرة.
«هذا أكبر منزل رأيته أمامي فـي حياتي العملية» قال ساعي البريد المدهوش لشدة انبهاره من فخامة قصر كبير ظل محدقاً فـيه لوقتٍ طويل. ولكن هذا المنزل وغيره من المنازل الواقعة على الضفة الشمالية من شارع دوكستيتر ستصبح مجاورة لمواقف سيارات ومحال تجارية واقعة على شارع فورد، وهذا ما لم يكن فـي حسبان الأسر عندما قررت بناء منازل أحلامها على هذا الشارع، كما أنه قد ينعكس سلباً على قيمة هذه المنازل.
لا شيء يدعو للقلق
يقول محمد صبح، مدير قسم البناء والهندسة فـي بلدية ديربورن هايتس، إن المئات من السكان المحليين أعربوا له عن قلقهم بشأن خطة البلدية الساعية الى تحويل محيط المنازل الواقعة على طريق فورد بين شارعي جون دايلي وإنكستر الى منطقة تجارية، لكنه يطمئنهم دوماً «بأن لا شيء يدعو للقلق» مؤكداً أن البلدية ستحرص على ألا يتأثر سكان دوكستيتر سلباً بالمشروع.
وأوضح صبح أن عدداً من المنازل الواقعة على شارع فورد تم بيعها فعلاً، فـيما لا تزال المنازل المتبقية معروضة للبيع بأسعار تتراوح بين ٧٠٠ و٩٥٠ ألف دولار.
وأشار صبح إلى أن البلدية يمكنها المحافظة على قيمة عقارات دوكستيتر وطمأنة سكانها، ليس من خلال تحديد هوية المشتري بل من خلال تحديد طبيعة المحال التجارية التي ستقام مكان المنازل المعروضة للبيع، مشيراً الى أنه وردت للبلدية استفسارات من مشترين محتملين أرادوا تحويل بعض العقارات الى معرض لبيع السيارات المستعملة ومحطة للوقود، لكن طلباتهم قوبلت بالرفض.
وتساءل صبح «عندما يكون لديك العديد من المنازل التي تقدَّر قيمتها بعدة ملايين من الدولارات على شارع دوكستيتر، ثم يأتيك شخص يريد أن يبني موقفاً للسيارات المستعملة بجوار حدائقها الخلفـية، فما برأيك يمكن أنْ يحدث للممتلكات؟».
داونتاون ديربورن هايتس
من جهته، قال رئيس البلدية دان باليتكو لـ«صدى الوطن» إنه يتوقع أنْ يتحول شارع فورد إلى «داونتاون» (وسط تجاري) لمدينة ديربورن هايتس المزدهرة مع بناء القاطع التجاري الجديد.
وأكد أنه من أجل منع تدهور القيمة العقارية لقصور شارع دوكستيتر المتاخمة فإنَّ البلدية ستحرص على تحديد طبيعة المشاريع التجارية التي ستقام فـي المنطقة. وأضاف «القصور الجميلة» تدل على أن المدينة مكان يرغب الناس بأن يقيموا ويعملوا ويلعبوا فـيه.
غير أن باليتكو أشار الى وجود شكاوى من أصحاب بعض المنازل على شارع دوكستيتر الذين عبروا للبلدية عن سخطهم واحتجاجهم على إقامة قصور جيرانهم العملاقة التي «قزّمت» منازلهم فـي الحي، لكنه استدرك بالقول إن السكان «لا يمكنهم ان يستمروا فـي هذا المجتمع إلا إذا كانوا على استعداد للقيام باستثمارات فـي منازلهم».
وتابع «إنه واقع الحياة، فحتى نتمتع بمجتمع حيوي علينا السماح بالتغيير»، مشيراً الى أن تطوير المنطقة التجارية الجديدة سيساهم فـي تنمية ديربورن هايتس اقتصادياً وتحسين خدمات البلدية مثل الشرطة والإطفاء والخدمات الأخرى.
مشاكل مرورية
وفـي السياق، لفت صبح الى أن قرار تطوير المنازل السكنية الى منطقة تجارية جاء بالدرجة الأولى استجابةً للمشاكل المرورية التي كان يشهدها شارع فورد، والناجمة بمعظمها عن حركة دخول وخروج السيارات من والى المنازل الواقعة على الشارع.
ووفقاً لمدير تنمية المدينة رون أمين، «كان شارع فورد موضوع دراسة قبل ثلاث سنوات» بسبب المشاكل المرورية التي يشهدها. وقد أظهرت النتائج أن متوسط السرعة على الطريق خلال ساعات الذروة بلغ ٢٥ ميلاً فـي الساعة بينما الحد الأقصى المسموح به للسرعة هو ٤٠ ميلاً فـي الساعة. وكشفت الدراسة أيضاً أن محيط تقاطع فورد وبيتش دايلي شهد خلال السنوات الماضية عدداً قياسياً من الحوادث المرورية، بما فـي ذلك أعلى معدل لحوادث «الاصطدام الخلفـي» على صعيد ولاية ميشيغن.
وتوصلت الدراسة الى أن الحل هو بإزالة ١٥ مدخلاً من مداخل البيوت الواقعة على شارع فورد (بين جون دايلي وإنكستر). ولفت أمين الى أن عدة اقتراحات قدمت من بينها بناء شارع خلفـي منفصل لسكان تلك المنازل إلا أنه تم فـي النهاية اعتماد مشروع التطوير التجاري.
وختم أمين بالقول «ان الهدف هو تسهيل حركة المرور وخفض عدد حوادث السير» إضافة الى الأثر الإيجابي على اقتصاد المدينة، حاثّاً المواطنين على عدم التخوف من مشروع تطوير فورد تجارياً، مرجحاً أن يتم بناء جدار عازل بين منازل دوكستيتر والمحال التجارية المزمع إقامتها على فورد.
Leave a Reply