ديربورن، هامترامك
بدأت احتفالات عيد الفطر في منطقة ديترويت ليلة الخميس الماضي، حيث شهدت المدن ذات الكثافة الإسلامية، مثل ديربورن وهامترامك، إطلاق مفرقعات وألعاب نارية كثيفة إيذاناً بانتهاء شهر الصوم، في حين أجّل البعض احتفالاتهم يوماً إضافياً بانتظار رؤية هلال العيد.
وفي حين انقسم المسلمون حول العالم بشأن موعد العيد، بدا لافتاً –هذا العام– ازدياد الاعتراف الرسمي بهذه المناسبة الدينية، حيث غدت ديربورن وهامترامك أول مدينتين أميركيتين تُدرجان عيد الفطر ضمن قائمة العطل الرسمية المعمول بها في الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب، مع أعياد الشكر والميلاد والفصح.
اعتراف متزايد بالمناسبات الإسلامية على المستويين المحلي والوطني
وفي سابقة تاريخية، قررت البلديتان منح جميع الموظفين فيهما إجازة مأجورة في أول أيام العيد الذي يصادف يوم الجمعة 21 نيسان (أبريل) الجاري.
وكان رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود ورئيس بلدية هامترامك أمير غالب، قد أعلنا –مؤخراً– بأن إدارتيهما ستعلقان الدوام الرسمي بشكل كامل في أول أيام عيد الفطر في المدينتين اللتين تضمان كثافة عربية وإسلامية، سواء لناحية السكان أو المسؤولين والموظفين الإداريين في الحكومتين المحليتين.
وحول تداعيات هذا القرار، أفاد حمود بأنه لم يدرك أهمية هذا الإجراء، إلا بعد ذيوع الخبر ونشره عبر العديد من وسائل الإعلام الأميركية التي وصفت هذه الخطوة بـ«التاريخية».
حمود، الذي يتحدر من أصول لبنانية، هو أول مسلم وأول عربي يتولى قيادة المدينة التي تلقب بـ«عاصمة العرب الأميركيين»، كان قد دخل –العام الماضي– مفاوضات مع النقابات العمالية من أجل إدراج عيدي الفطر والأضحى ضمن قائمة العطل المدفوعة الأجر في بلدية ديربورن.
وقال حمود: «بوجود مسلمين يشكّلون حوالي نصف سكان المدينة، إلى جانب عدد كبير منهم في الطواقم الإدارية في مدينتنا، فإنه من المنطقي أن نقدم لهم إجازة مدفوعة الأجر خلال عيدي الفطر والأضحى، أسوة بأعياد الشكر والميلاد والجمعة العظيمة».
وأضاف حمود: «في عيد الفطر الذي يستمر لثلاثة أيام، أعطل لأمضي الوقت مع عائلتي، وكذلك يفعل معظم الموظفين المسلمين الآخرين»، لافتاً إلى وجوب تقدير واحترام الشعائر الدينية لشرائح واسعة من سكان المدينة التي تضم زهاء 108 آلاف نسمة، يشكلون العرب والمسلمون حوالي نصفهم.
وإلى جانب حمود الذي يتولى قيادة ديربورن، فإن مجلس المدينة الذي يتكون من سبعة أعضاء يضم ثلاثة مسلمين بمن فيهم رئيس المجلس مايك سرعيني، ناهيك عن عشرات الموظفين المسلمين في مختلف الأقسام والاختصاصات واللجان الإدارية.
ورغم أن الحكومة الأميركية تعترف بشكل غير رسمي بالأعياد الإسلامية، إلا أنها لم تقرّ اعتبارها عطلاً رسمية، ونتيجة لذلك يتعين على المسلمين الأميركيين الذين يودون الاحتفال بعيد الفطر أو الأضحى، الحصول على إجازة رسمية من أصحاب العمل ومدراء المؤسسات الحكومية أو الأكاديمية التي يعملون فيها، علماً بأن بعض المناطق التعليمية التي تضم أعداداً كبيرة من المسلمين باتت تعتبر عيد الفطر عطلة رسمية، بما في ذلك مدينة ديربورن.
من جانبه، أفاد رئيس بلدية هامترامك أمير غالب بأن المدينة ستمنح موظفيها إجازة مدفوعة الأجر في أول أيام العيد، الذي يعرف بـ«العيد الصغير» عند المسلمين، وقال: «هذا الإجراء كان يجب اتخاذه منذ وقت طويل».
وأضاف غالب في حديث مع «صدى الوطن»: «إن رئيس البلدية وكامل أعضاء المجلس البلدي، إلى جانب الكثير من الموظفين، هم من المسلمين، وكان من المهم جداً منحهم الفرصة للاحتفال مع عائلاتهم وأقاربهم في هذه المناسبة المباركة».
غالب الذي يتحدر من أصول يمنية، لفت إلى أن إدارته تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الديموغرافية في المدينة التي تضم ما يربو على 28 ألف نسمة، وقال: «لقد تمكنا في الآونة الأخيرة من تأمين مواقف مجانية لمدة عشرة أيام على طول الشارع الرئيسي في المدينة، وهو شارع جوزيف كامبو، والتي ستشمل الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك ولغاية ثاني أيام العيد الصغير».
وأكد أول مسلم وأول عربي يتولى قيادة المدينة، بأن إدارته تواكب التغيرات السكانية التي طالت هامترامك خلال السنوات الأخيرة، حيث بات المسلمون –ومعظمهم من الجاليتين اليمنية والبنغالية– يشكلون أكثر من 60 بالمئة من السكان.
ولدى سؤاله، عما إذا كانت الإجازة مدفوعة الأجر، أجاب غالب: «وهل يجب أن تكون مختلفة عن العطل الأخرى؟»، مضيفاً: «ستكون عطلة مثل غيرها، وسوف نطبق عليها نفس القواعد المعمول بها بالنسبة لباقي العطل، فإذا كانت العطل الأخرى مدفوعة، فإن عطلة عيد الفطر ستكون مدفوعة الأجر أيضاً».
مشروع قرار في الكونغرس
على الصعيد الوطني، تقدّمت النائبتان في الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، ديبي دينغل ورشيدة طليب بمشروع قرار لإحياء شهر رمضان وعيد الفطر تحت قبة الكابيتول، «بغية إظهار التضامن والدعم للمجتمع المسلم»، و«اعترافاً بالمساهمات التي لا حصر لها للأميركيين المسلمين» في الولايات المتحدة.
وقالت طليب في بيان مشترك مع دينغل: «رمضان هو الوقت المناسب لتجديد إيماننا والتفكير في قيمنا المشتركة المتمثلة في الوحدة والكرم والرحمة». وأضافت «مع انتهاء شهر الصيام هذا، أنا فخورة بتكريم المجتمع المسلم الجميل في الدائرة 12 في ميشيغن، وحول العالم، عبر هذا القرار بينما نحتفل سوياً بعيد الفطر».
وختمت النائبة الفلسطينية الأصل بالقول: «من قلبي إلى قلبكم، عسى أن يجلب لكم هذا العيد الفرح والألفة والازدهار. عيد مبارك!»
بدورها، قالت دينغل: «مع اقتراب شهر رمضان المبارك من نهايته، يعد هذا وقتاً مقدساً لأصدقائنا وجيراننا المسلمين لإعادة الالتزام بقيم التعاطف والكرم والاحتفال ببركات الحياة العديدة»، معربة عن فخرها بتقديم قرار إحياء عيد الفطر في الكونغرس لإظهار التضامن والدعم للمجتمع المسلم «اعترافاً بالمساهمات التي لا حصر لها للأميركيين المسلمين».
وإلى جانب دينغل وطليب، شارك في رعاية مشروع القرار، النواب: جان شاكوسكي (إيلينوي)، بيل باسكريل (نيوجيرزي)، راؤول غريجالفا (أريزونا)، أندريه كارسون (إنديانا)، توني كارديناس (كاليفورنيا)، جينيفر ويكستون (فرجينيا)، أيانا بريسلي (ماساتشوستس) وإلهان عمر (مينيسوتا).
ويشار إلى أن عمر وطليب وكارسون هم الأعضاء المسلمون الوحيدون في مجلس النواب الأميركي.
وقد أشار نص القرار الذي من المتوقع عرضه على التصويت يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، إلى أن هناك أكثر من 4,500 مسلم يخدمون في القوات المسلحة الأميركية، إلى جانب ما يزيد عن 2,300 يخدمون كأفراد احتياط، إضافة إلى أكثر من 200 مسؤول منتخب في عموم الولايات المتحدة.
ووصى البيان بأهمية تقدير المساهمات المتزايدة للمسلمين الأميركيين الذين ينخرطون بفعالية في مجالات الطب والعلوم والهندسة والاقتصاد والرياضة والتعليم والقانون، مؤكداً بأن التقديرات تشير إلى وجود 1.2 مليون ناخب مسلم في أميركا.
ويتزامن مشروع القرار، مع تواصل الجهود الرامية إلى إدراج الأعياد الإسلامية ضمن العطل الرسمية في البلاد التي تشهد نمواً متزايداً للسكان المسلمين، حيث قدرت دراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2018 أن هناك 3.45 مليون مسلم يعيشون في الولايات المتحدة، أو ما يقرب من 1.1 بالمئة من السكان الذين يتوقع أن يتضاعف عددهم إلى 8 ملايين بحلول العام 2050 بحسب الدراسة.
Leave a Reply