استعداداً للانتخابات العامة في نوفمبر القادم
ديترويت – بات معلوماً أن الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 قد أفرزت موجة متصاعدة في الأوساط التقدمية والليبرالية وفي أوساط الأقليات التي يسعى مرشحوها إلى تبوّء مختلف المناصب الحكومية والرسمية.
وفي ولاية ميشيغن التي فاز فيها الرئيس دونالد ترامب بالسباق الرئاسي، استعر الجدل بين الجمهوريين والديمقراطيين وتعمق الاستقطاب بينهم حول معظم السباقات في مختلف المواقع والمستويات. وفيما يبدو الاستقطاب أكثر حدة حول سباقات الحاكمية والادعاء العام وسكرتاريا الولاية، فإن السباقات الأخرى لا تقل احتداماً حول انتخاب قضاة المحكمة الدستورية العليا بميشيغن، والانتخابات البرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ، على المستويين المحلي والوطني، ناهيك عن عدد كبير من المرشحين المحليين الذين يتطلعون إلى الفوز في الانتخابات العامة، في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
زخم ديمقراطي
وقد تبدى الزخم الديمقراطي من خلال الحضور الكثيف والحماسة اللافتة لتأييد القيم التقدمية العميقة في دعم «مؤتمر الحزب الديمقراطي بميشيغن»، في 15 نيسان (أبريل) الماضي في مركز «كوبو» وسط ديترويت، الذي حضره زهاء 6700 شخص، مقارنة بـ700 شخص فقط حضروا مؤتمر الحزب، العام الماضي.
التحول الكبير داخل الحزب الأزرق في ميشيغن، مهّد الطريق أمام المحامية دانا نسل التي حصلت على أصوات أغلبية المشاركين لتفوز بتسمية الحزب لخوض السباق على منصب المدعي العام في الولاية، مقابل منافسها المدعي الفدرالي العام السابق لمنطقة غربي ميشيغن بات مايلز.
وكانت نسل قد حصلت على دعم المدافعين عن حقوق المثليين وتشريع الماريوانا، فيما حصل مايلز على تأييد النقابات العمالية بقيادة نقابة «عمال السيارات المتحدون».
كما صوّت أعضاء الحزب لصالح ترشيح العميدة السابقة لكلية الحقوق في جامعة «وين ستايت» جوسيلن بنسون لمنصب سكرتاريا الولاية.
وكانت الرئيسة التنفيذية لـ«مبادرة روس الرياضية من أجل المساواة»، ومرشحة الحزب الديمقراطي لمنصب سكرتاريا الولاية في 2010 ، قد تعهدت خلال المؤتمر الديمقراطي هذا العام بحماية حقوق التصويت لضمان إجراء انتخابات آمنة، والتأكيد على أن بإمكان المقترعين الإدلاء بأصواتهم في مختلف المراكز الانتخابية خلال أقل من 30 دقيقة.
أقلية مؤثرة
وعلى الرغم من المناخ المشحون ضد مجتمعات المهاجرين في عموم البلاد، فقد شهد مؤتمر الحزب الديمقراطي هذا العام حضوراً لافتاً ومؤثراً للأقليات –وفي مقدمتهم العرب الأميركيون– الذين لعبوا دوراً حاسماً في تسمية المرشحين الديمقراطيين للمناصب الحكومية والرسمية.
وقبيل انعقاد المؤتمر، انتهز المرشحون الديمقراطيون الفرصة للتحدث إلى عشرات التكتلات السياسية والتجمعات العربية الأميركية، في خطوة وصفها مشاركون بأنها شكلت منعطفاً في علاقة المرشحين بالناخبين العرب الأميركيين.
وقال النائب العربي الأميركي عبد الله حمود (ديمقراطي–ديربورن): «إن عدداً أكبر من المرشحين كانوا مهتمين بالتواصل مع العرب الأميركيين أكثر من قبل، لأنهم بدأوا يدركون أننا أقلية مؤثرة بسبب مواردنا وقدرتنا على جمع الأموال (لدعم الحملات الانتخابية للمرشحين)».
وأضاف في حديث لـ«صدى الوطن» أنه كان في المؤتمر «موضوع شامل يتضمن الدفاع عن الحقوق المدنية»، مشيراً إلى أنه تحدث حول «القضايا المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار في المدارس العامة والبنية التحتية وحماية البيئة».
وعلى الرغم من هذه الرسائل التي توحّد الميشيغندريين، إلا أن حمود حذّر من افتراض أن ميشيغن تتحول إلى «ولاية زرقاء»، مشدداً على أن الحزب الديمقراطي ما يزال في طور البناء، وأنه يجب على المرشحين ألا يقصروا اهتمامهم بعد الآن على المناطق التي يترشحون فيها، مؤكداً أنهم «يحتاجون أكثر إلى التواصل مع المجتمعات المحافظة».
وفي سياق آخر، عزت النائب الثالث لرئيس الحزب الديمقراطي فاي بيضون ترشيح دانا نسل إلى «زيادة النشاط بين الشباب والنساء هذا العام مما عزّز القاعدة التقدمية»، وأضافت الرئيسة التنفيذية لـ«غرفة التجارة الأميركية العربية» أن الكثيرين كانوا «غير مصدقين» انتخابها، إذ كانوا يتوقعون فوز مايلز بتسمية الديمقراطيين، ووصفت نسل بأنها «كانت واضحة بشأن موقفها من مختلف القضايا، وهي مؤهلة جداً ولديها وسيلتها الخاصة بالتواصل مع الناخبين».
وقالت: «مع كل هذه التغييرات والسياسات التي نراها على المستوى الوطني فيما يتعلق بالمهاجرين «وحظر السفر»، فإنه من المهم جداً أن يكون لدينا مدعِ عام يتفهم هذه القضايا»، مؤكدة أن «دانا سوف تقف في الجانب الصحيح فيما يتصل بهذه المسائل».
وشددت على أهمية وحدة الحزب واستمرارها، حتى بعد الانتخابات، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات العامة، كما شددت على ضرورة العمل من أجل تحقيق النتائج المرجوة عن طريق المبادرات الشعبية.
من جانبه، المرشح لعضوية «مجلس مفوضي مقاطعة وين» حسان (سام) بيضون أكد أن العرب الأميركيين أظهروا تأييدهم لمجموعة كبيرة من المرشحين، بمن فيهم المرشحان على منصب حاكم ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر وعبدول السيد، وكذلك السناتور في مجلس الشيوخ الأميركي ديبي ستابينو والنائب في مجلس النواب الأميركي ديبي دينغل، اللتان تسعيان إلى إعادة انتخابهما لولاية جديدة.
وقال العضو في «نادي ديربورن الديمقراطي»: «بغض النظر عن أين يقف العرب الأميركيون، فإن ما يهم.. هو أنهم باتوا جزءاً من عملية صنع القرار السياسي ويطالبون بالشمولية في الحكومة».
انعطافة في العلاقات مع المرشحين
وفي الإطار ذاته، أكد رئيس «الجمعية الخيرية اليمنية الأميركية» (يابا) علي بلعيد على أن «العرب الأميركيين لعبوا دوراً حاسماً في التصويت لتسمية نسل»، مشيراً إلى أن أغلب المرشحين «توفقوا للتحدث مع التجمعات العربية».
بلعيد الذي صوّت ضد نسل على خلاف الأغلبية العربية، أشار إلى أن «مايلز يتمتع بفرصة أكبر لهزيمة منافسه الجمهوري»، مضيفاً في حديث مع «صدى الوطن»: يبقى الأهم هو المشاركة العربية الكثيفة والمؤثرة.. في السابق كنا نذهب (إلى المؤتمرات الحزبية) ونبحث عنهم ولكنهم باتوا اليوم يأتون إلينا، لافتاً إلى أن التجمع اليمني في المؤتمر ضم ما يزيد عن 100 شخص.
المرشحة العربية الأميركية للكونغرس الأميركي فيروز سعد أشارت إلى أن الناخبين الذين تحدثت إليهم أعربوا عن رغبتهم برؤية التغيير في الحكومة، ورؤية القادة «التقدميين بالفعل» في المناصب الرسمية. وأضافت سعد التي تسعى لخلافة النائب الجمهوري المتقاعد ديفيد تروت في الدائرة «11»: أنها من الممكن أن “تقلب” دائرتها إلى «زرقاء» حتى لو يمكن المقعد مفتوحاً.
وتعتبر الدائرة «11» –التي تضم عدة مدن وبلدات في مقاطعة أوكلاند وغربي مقاطعة وين– أكثر دوائر الكونغرس تأرجحاً بين الجمهوريين والديمقراطيين في ميشيغن التي يمثلها 14 نائباً (9 جمهوريون و5 ديمقراطيون حالياً).
انخراط الشباب العربي
وقالت المرشحة اللبنانية الأصل: إنه وعلى الرغم من وجود مجال للنمو، إلا أن المجتمع العربي الأميركي قطع أشواطاُ بعيدة فيما يتعلق بالمشاركة المدنية والترشح للمناصب، مضيفة أنها شهدت فرقاً ملحوظاً بين الحاضر والماضي.. حين كانت تعمل على اجتذاب وإشراك الشباب العربي الأميركي في المؤتمرات الحزبية الديمقراطية، منذ 18 عاماً تقريباً.
وأفادت «إن ما نشاهده اليوم هو أن الشباب باتوا يهتمون وينظمون صفوفهم، للتأكد من أن أصواتهم ستكون مسموعة». «إن صانع الفرق.. سيوحد الأصوات العربية الأميركية وسيضمن أن أفراد المجتمع لا يتوانون عن التصويت والاكتفاء بالتسجيل فقط».
واستدركت «لا ينبغي افتراض وجود «موجة زرقاء» قادمة.. علينا الاستمرار في العمل الجاد والتحدث إلى الناخبين»، مشددة «إننا نعمل على خلق تلك: الموجة الزرقاء».
وفي ذات السياق، أكد الناشط رشيد بيضون على أنه عمل على الدوام من أجل اجتذاب الشباب العربي الأميركي إلى المؤتمرات الحزبية، لافتاً إلى أنه تمكن من إحضار 40 طالباً من مدارس ديربورن إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي في نيسان الماضي.
وقال: الكثير من العرب الأميركيين ساعدوا نسل 100 بالمئة للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي وهم يدعمونها بسبب تفهمها لآثار «حظر السفر» على مجتمعاتهم، وعزا ذلك إلى «خبرتها –جزئياً– كمدعية عامة في محكمة مقاطعة وين».
وأكد على أن المرشحين بدأوا يدركون القوة العربية الأميركية في تشكيل السياسات، «حيث أصبحوا أكثر انتشاراً في دائرتي الكونغرس 12 و13»، وقال «نحن بحاجة إلى تسليط الضوء على روايتنا التي تتم كتابتها.. وهذا شيء يجب أن نحتفل به»، لافتاً إلى أن «الموجة الزرقاء قادمة»، متسائلاً «لكن أين سيكون موقعنا منها.. أعلى الهامش مكتفين برؤية الأمواج أو في الصميم منها عبر المساهمة في صياغة السياسات العامة؟».
واعتبر رئيس «اتحاد الطلاب العرب» (أي أس يو) هلال بزي أن حضور المؤتمر الديمقراطي كان «فرصة عظيمة لأنه أتاح لـ30 من أقرانه معاينة العملية السياسية في سن مبكرة». وأشار بزي –وهو طالب في ثانوية فرودسون بديربورن– إلى أنه حضر في السابق ثلاثة مؤتمرات حزبية ولكن لم يكن فيها أي مستوى من الإثارة بالمقارنة مع المؤتمر الأخير.
وأفاد أن العديد من المرشحين قد تحدثوا إلى التجمعات العربية الأميركية وأعربوا عن قلقهم من «الخطاب التقسيمي ضد مجتمعاتنا»، وقال «لقد رأينا الموجة الزرقاء بالفعل»، مضيفاً «هنالك الكثير من المرشحين العرب والمسلمين الأميركيين، لكن المشكلة –في كثير من الأحيان– هي أننا نكافح من أجل التوحد.. عندما يتعلق الأمر بدعم أحد المرشحين»، مشدداً «نحن بحاجة إلى إسماع أصواتنا وإيصال آرائنا.. والعمل كفريق واحد في صناديق الاقتراع».
Leave a Reply