خاص “صدى الوطن”
في الوقت الذي بدأت تظهر فيه بعض بوارق الأمل فيما يتعلق بتسوية الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي منها على نحو خاص، على خلفية وصول الرئيس باراك أوباما إلى قمة السلطة في الولايات المتحدة الذي تنتهج إدارته مقاربات مختلفة لعديد القضايا العالقة، ولا سيما لجهة إقامة الدولة الفلسطينية وإيقاف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
هذا على المستوى السياسي والاعلامي، أما في الواقع الحياتي المعاش فمازالت ممارسة السلطات الإسرائيلية على حالها، وما زال التضييق على الفلسطينيين في تفاصيل حياتهم اليومية على ذات الوتيرة، وربما أشد.. ناهيك عما يحدث في قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
وآخر القصص الواردة من الأراضي المحتلة، وتحديداً من حي “الشيخ جراح”، تتحدث عن قيام سلطات الاحتلال بطرد عائلات مقدسية فلسطينية من بيوتها، وإحلال مستوطنين يهوداً في مكانهم.. بهدف تهويد القدس الشرقية بعد طرد العرب منها.
وقد نقلت وسائل الإعلام في الفترة السابقة عن قيام القوات الإسرائيلية بطرد عائلة “الغاوي” التي تتكون من 29 شخصاً ويسكنون ست شقق، وفي الثاني من آب تم طرد عائلة “حنون” المكونة من 17 شخصاً ويسكنون في ثلاث شقق.. وهؤلاء جميعاً اختاروا السكن والإقامة في الشارع احتجاجاً على الممارسات القمعية الإسرائيلية، رافضين ما يسمى “المساعدات الإنسانية” موجهين نداءات عاجلة ورسائل واضحة إلى العالمين العربي والغربي، ولا مجيب حتى الآن.
سفر الخروج
في الساعة الخامسة وعشر دقائق من فجر الثاني من آب، قامت مجموعة من قوات الشرطةالإسرائيلية باقتحام منزل عائلة “حنون” التي تتكون من 3 أشقاء وزوجاتهم وأطفالهم، وقامت بطردهم من المنزل الذي يقطنون فيه منذ العام 1956، في الوقت الذي كانت فيه مجموعة من المستوطنين اليهود تنتظر قرب أحد الحواجز القريبة، وتهييء نفسها لتحل محل عائلة “حنون”.
ولم يثن قوات الشرطة الإسرائيلية محاولة الساكنين التشبث ببيوتهم، ولا باعتراض مجموعة من المحتجين اليهود العاملين من أجل السلام الذي قدموا إلى المكان تضامنا مع العائلات الفلسطينية، ولا الناشطون العاملون في مجال حقوق الانسان الذي يحملون جنسيات مختلفة، وأكملت قوات الشرطة مهمتها بطرد العائلات المقدسية واعتقال 15 ناشطاً من المتضامنين العاملين من أجل السلام والمحتجين على ممارسة السلطات الإسرائيلية التي قامت برمي الممتلكات والأثاث والمقتنيات في الشارع.
جدير بالذكر، إن إحدى أفرادعائلة “حنون” وتدعى نورين (24 عاما) التي تحمل الجنسية الأميركية قد قامت بتصوير قوات الشرطة عند اقتحام المنزل، وقد بثت الشريط المصور على موقع الفايس بووك، ويمكن رؤيته على الموقع الالكتروني لجريدة “صدى الوطن”. وعندما اشتبه رجال الشرطة بالتصوير، قاموا بمصادرة هاتفها الخليوي.
بداية القصة
تعود بداية القصة إلى العام 2002 حين ادعت جمعية استيطانية تدعى “جمعية السفاراديم” ادعت أمام المحاكم الاسرائيلية أنها صاحبة الملكية لهذين المنزلين، إضافة إلى 26 منزل آخر في حي الشيخ جراح، وادعت أمام المحاكم الإسرائيلية امتلاكها للمنازل الـ28 بموجب عقود شراء تم إبرامها مع السلطات العثمانية في العام 1875.
وفي العام 2002 أصدرت المحكمة الإسرائيلية قرارا بإخلاء المنزل الذي تقطنه العائلات الثلاث، فاخلوا المنزل بموجب حكم قضائي، واستمرت القضية معلقة لمدة سنتين بعد تقديم العائلة الفلسطينية طعوناً لقرار المحكمة بموجب العقود التي تملكها. وعادت العائلات إلى السكن في المنزل حتى العام 2008 بناء على اقتراح من محامي الأسرة. وفي العام 2008 أصدرت المحكمة الإسرائيلية قراراً في التاسع عشر من تموز بإخلاء المنزل، وقامت الشرطة الإسرائيلية باعتقال أحد أفراد الأسرة ويدعى ماهر حنون (53 عاما).
د. سفيان حنون يتحدث إلى “صدى الوطن”
وفي لقاء لـ “صدى الوطن” قال الدكتور سفيان حنون، شقيق ماهر: “إننا نسكن البيت منذ العام 1956، حين قامت الحكومة الأردنية بتمليكنا المنزل تعويضا عن أملاكنا التي فقدناها في القدس الغربية، عند إنشاء دولة اسرائيل، وانتقلت ملكية البيت إلى عائلتنا منذ العام 1962”. وأضاف “لقد أمضينا كل حياتنا فيه”.
وقال حنون: “لسنا سوى في البداية، كانت عائلة “الغاوي” أولا، ثم نحن، والدور سيأتي على الآخرين.. إن جمعية السفاراديم تدعي ملكيتها لـ 26 منزل آخر، وهي ستعمل على إخلاء هذه المنازل بشتى الطرق وطرد اصحابها منها، وسوف تقوم هذه الجمعية ببناء 320 وحدة استيطانية في هذه المنطقة.. إنهم يقومون بتطهير القدس الشرقية وتهويدها”.
وعن الظروف التي يمر بها أقاربه، قال: “إنهم يعيشون في الشارع، بالقرب من المنزل، لقد رفضوا كل المساعدات، فهم لا يريدون شيئا سوى العودة إلى بيوتهم”. وفيما يخص الادعاءات والوثائق التي تمتلكها جمعية السفاراديم، قال حنون: “لدينا وثائق ملكية تعود إلى العام 1962، أما قبل ذلك فإن صاحب المنزل الأساسي وهو من عائلة “حجازي” فهو يملك عقود ملكية تعود إلى العام 1927.
ما العمل؟
يقول الدكتور حنون: “إننا لن نفقد الأمل، وسوف نعمل كل ما بوسعنا. لقد أرسل أخي ماهر رسالة إلى الرئيس باراك أوباما قبل الإخلاء، ثم بعث بخطاب إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عن طريق السفارة الأميركية”. وأضاف “لقد أرسلت رسالتين إلى السيناتورين كارل ليفن وديبي ستابيناو، ورسالة إلى البيت الأبيض”.
وأنهى حنون حديثه: “نريد أن يعرف العالم بقصتنا، وأن يرى إلى الممارسات القمعية التي يعانيها الفلسطينيون.. لقد قامت السلطات الإسرائيلية حتى باعتقال ناشطين في مجالات حقوق الإنسان، ولكننا لن نفقد الأمل”.
Leave a Reply