ستيفن مارتن – «صدى الوطن»
بالنسبة للدكتور يوسف مسلّم، تأثير التعليم لا يقاس بنتائج الامتحانات، بل هو صناعة المستقبل ومرآة لآفاق المجتمع، «فالمسألة هي، هل قمت بتشكيل حياة رجال ونساء كما يجب ليقوموا بدورهم بتشكيل حياة الآخرين».
ومدينة ديربورن التي نشأ فيها وتخرّج من مدارسها العامة، هي المجتمع الذي يحظى بكل اهتمام المربي العربي الأميركي، الذي يؤمن بأن التغيير لا بد أن يبدأ على المستوى المحلي أولاً.
مسلّم (41 عاماً) هو أحد ثلاثة مدراء تنفيذيين يقومون بتقييم إنجازات طلاب مدارس ديربورن العامة (٢٠ ألف طالب)، ويقدمون تقارير دورية للمشرف العام د. غلين ماليكو، حول مستواهم واحتياجاتهم.
ويتولى مسلّم هذا المنصب منذ سنتين، بعد أن كان يشغل منصب مدير «ثانوية فوردسون» التي تخرج منها عام ١٩٩٤ ليعود إليها مديراً في العام ٢٠١٠.
نبذة أكاديمية ومهنية
تخرج مسلّم من «ثانوية فوردسون» في 1994 وبعد 16 عاماً تسلّم منصبه على رأس الثانوية كأصغر المدراء سناً.
لم يقصد مسلّم الجامعة مباشرة بعد تخرجه من الثانوية وإنما عمل لمدة سنتين قبل أن يلتحق بـ«كلية هنري فورد» التي درس فيها لمدة عامين، ثم انتقل إلى «جامعة وين ستايت» وتخرج منها عام 2000 بحصوله على شهادة بكالوريوس في التعليم الثانوي باختصاصي التاريخ واللغة الإنكليزية.
ونال بعدها شهادة الماجستير في الإدارة العامة من «جامعة ميشيغن–ديربورن». وفي عام 2015 حاز على شهادة الدكتوراه في الإشراف التربوي والتعليمي من «جامعة وين ستايت».
خلال مسيرته الأكاديمية، تمكن مسلّم من تحقيق درجات متميزة، حيث نال شهادة البكالوريوس بمعدل 3.75 وشهادة الماجستير بمعدل 3.85. ويعزو مسلّم تفوقه في الدراسة الأكاديمية إلى النضج الذي اكتسبه من تجارب الحياة خلال العامين اللذين توقف فيهما عن الدراسة بعد تخرجه من الثانوية، قائلاً «خلال السنتين اللتين توقفت فيهما عن الدراسة، أجبرتني تجارب الحياة حقاً على معرفة وتحديد ما أريده لكي أكون شخصاً ناجحاً».
وكان مسلّم قد استهل مسيرته المهنية في المنطقة التعليمية عام 1998، وشغل منصب مدير ابتدائية «ريفر أوكس» بين عامي 2008 و2010، ثم تقلد منصب إدارة «ثانوية فوردسون» بين عامي 2010 و2015 ثم مديراً تنفيذياً لأداء الطلاب في مدارس ديربورن العامة منذ ذلك الحين.
وفي العام ٢٠١٢ اختار خريجو كلية التعليم في «جامعة ميشيغن–ديربورن» مسلّم كشخصية العام، وفي ٢٠١٥ تمت تسميته «مربي العام» من قبل جمعية الأهالي والمعلمين والطلاب.
وينسب مسلّم النجاح في مسيرته المهنية إلى العمل الجماعي والثقة والصدق والقيادة القائمة على مبدأ خدمة الناس، مشيراً إلى أنه وفريقه يخوضون مناقشات ببيئة تعمها الثقة «وهو مفتاح شديد الأهمية، ولكن النقاش يجب أن يكون مقتضباً ومركزاً ومشفوعاً بالبيانات.. لا البيانات الكمية فقط، مثل درجات الاختبار، وإنما أيضاً البيانات النوعية التي تساعد على فهم مدارس ديربورن العامة ووجهات نظر المجتمع المحلي حولها».
ديربورن أولاً
في هذا السياق، يبدي مسلّم، اللبناني الأصل، اهتماماً خاصاً بمجتمع المدينة ويعزو ذلك الاهتمام إلى كونه قد ولد وترعرع في ديربورن، مضيفاً «أولادي يتعلمون في مدارس ديربورن العامة، وزوجتي تدرّس في المدينة، ولهذا فإن هذا المجتمع بأكمله هام بالنسبة لي، ولا يقتصر اهتمامي على مدارس ديربورن العامة فقط».
ويؤكد «إذا كان باستطاعتنا التأسيس والعمل على قواعد صحيحة، فإننا نساعد في تأسيس حياة 20 ألف طفل في المدينة التي نشأت فيها.. لا شيء يضاهي مثل هذا الشعور».
المفارقة أن مسلّم لم يرد في يوم من الأيام أن يصبح معلماً، حيث بدأ دراسته الجامعية بـ«كلية هنري فورد» في مجال الأعمال (البزنس) ولكن أستاذه البروفسور مايكل ضاهر «نوّر له الطريق» للاهتمام بالأدب، وهو ما دفعه –إلى جانب تطوعه لتدريب فريق كرة قدم أميركية محلي للشباب– إلى تغيير اختصاصه.
وما يزال هذا الإلهام مستمراً إلى اليوم، فبحسب مسلّم «إذ لم نعمل كفريق واحد فإن مجتمعنا سوف ينهار.. لقد تعلمت منذ وقت طويل أنه إذا أردت أن تصنع فرقاً في هذا العالم، فعليك أن تبدأ محلياً، هكذا بكل بساطة، حيث يمكنك إحداث تغيير فوري، وبعدها سوف يتفرع التغيير».
وأضاف «لقد أمضيت 18 عاماً في التعليم ورأيت الكثير من طلابي السابقين الذين يقومون الآن بصنع الفرق وهذا هو التعريف الحقيقي للتعليم».
ويشدد «كلما أمضيت وقتاً أطول في التعليم، كلما بدأت تدرك أنك تفعل شيئاً يعود بالفائدة على المجتمع ككل».
مسلّم وزوجته سناء لهما أربعة أبناء، مادلين (16 عاماً) وجمال (13 عاماً) وإليسا (10 أعوام) وخليل (7 أعوام) وجميعهم يدرسون في مدارس ديربورن العامة.
Leave a Reply