طرابلس تختبر الصراع الدولي على الاراضي اللبنانية
يوما بعد يوم يتورط لبنان في اتون الأزمة السورية المشتعلة نتيجة التجاذبات الاقليمية والدولية. عملية “جسّ نبض” قصيرة لما يمكن أن تكون عليه احوال البلاد اختبرها أطراف المواجهة على الساحة اللبنانية من خلال الاشتباكات التي اندلعت الاسبوع الماضي بين جبل محسن وباب التبانة وراح ضحيتها قتلى وجرحى من المدنيين وعسكريي الجيش اللبناني الذي سارع الى الحسم عبر التدخل الميداني الحازم، مع الإشارة الى انه لا يمكن الفصل بين الاشتباكات الأخيرة وخطوة الجيش الأخيرة بنشر وحداته في مناطق عكار الحدودية، الأمر الذي لم يحز على رضا قوى “١٤ آذار”، وعلما أيضا أن اشتباكات الشمال تزامنت مع انفجار مدوٍ في مخزن للذخيرة في منطقة “ابي سمراء” من دون أن يُعلن حتى الساعة رسميا ملابسات هذا الانفجار والجهة التي تمتلك هذا الكم الضخم من الذخائر والغاية منه.
ومع ذلك، لم تغير المستجدات الأمنية الخطيرة الكثير في مشهد الجمود السياسي لناحية تمسك كل طرف بموقفه التصعيدي الرافض للعودة الى الحكومة قبل الاتفاق على تسوية تراعي مصالح الجميع، علما ان آفاق هذه التسوية لا تلوح في الأفق خاصة مع تلويح الرئيس ميشال سليمان بإقالة وزير العمل شربل نحاس او تبديل حقيبته بسبب رفضه توقيع مرسوم بدل النقل، ورد الجنرال ميشال عون بأن الحكومة كلها “ستطير” في حال المس بنحاس.
وما يزيد الطين بلّة اعلان الرئيس نجيب ميقاتي أن تجديد البروتوكول الخاص بالمحكمة الدولية لا يرتبط بقرار الحكومة اللبنانية “لأن القرار يعود لمجلس الأمن”، وذلك في معرض استلامه رسالة من أمين عام الامم المتحدة بان كي مون يطلب فيها ردا رسميا من قبل الدولة اللبنانية حول موضوع التجديد.
بدوره، لم يتحرك الرئيس نبيه بري، المعتاد على ابتكار الحلول السياسية، على خط معالجة الأزمة الحكومية لاعتبارات واضحة على قاعدة أن المحافظة على الوضع على ما هو عليه أفضل من الدخول في المجهول، وكون الاستقرار السياسي “الهش” ارجح من الفراغ الحكومي بالنسبة لقوى “٨ آذار”، علما ان ميقاتي يراهن على الوقت وحصول متغيرات دولية على ما يبدو لإعادة عقد جلسات وزارية، وهو ما يفسره تساؤله قبيل مغادرته الى العاصمة الفرنسية حول “الفائدة من انعقاد الحكومة اذا لم تكن منتجة”.
في هذه الأثناء، فجّر النائب وليد جنبلاط قنبلة سياسية بإعلانه انتهاء مفعول اتفاق الطائف ودعوته لطائف جديد “بين السنة والشيعة”، واضعا هذا الموقف في سياق الحاجة الى “تسوية جديدة”.
موقف جنبلاط جاء بعد اقل من يومين على احياء قوى “١٤ آذار” لذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث كتب المشاركون كلماتهم على ثابتة غير ثابتة في علم السياسية بتوقع سقوط النظام السوري، وبالتالي اطلاق مواقف بناء على هذه الأمنية. وهو ما عكسته مثلا كلمة سعد الحريري التي تقاطعت مع كلمة المعارضة السورية بالخوض في مرحلة “ما بعد نظام الأسد”.
ورسمت المعارضة السورية في الكلمة التي تلاها فارس سعيد العلاقة بين دمشق وبيروت على ضوء الحُكم الجديد المفترض، من دون ان تستند الى وقائع يمكن الركون اليها في مقاربة ملف العلاقات المشتركة بين البلدين.
وبدت رسالة المعارضة السورية اقرب الى بيان معتاد تصدره قوى الرابع عشر من آذار لما حملت من عناوين تنادي بها هذه القوى منذ العام 2005.
وسبق احتفال “البيال” كلمة متلفزة للحريري عبر تلفزيون “المستقبل” استغرب خلالها قول السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير ان “حزب الله” سيفكر بقراره إذا ضُربت إيران، “وكأنه ليس هناك رئيس جمهورية ولا طاقم سياسي لاتخاذ القرار إذا ضُربت إيران”، معتبرا ان السيد نصرالله يأخذ البلد الى مكان لا يريده أحد، ومتسائلا عما إذا كان لبنان يحتمل الدخول في حرب جديدة.
Leave a Reply