مريم شهاب
أينما تطلعت في الصحف العالمية والعربية والمحلية، تقع على خبر إضافي عن الاغتصاب والتحرش بالنساء، مما دفع بأحد الصحافيين الأميركيين بتقديم نصيحة ساخرة للمرأة بأن لا تعرّض نفسها للأذى بالمقاومة أو تضيع وقتها مع الشرطة حين تصف لهم كيف جرى اغتصابها، وقال: الأفضل لها أن تستسلم وتستمتع!
يحمّل الكثير من الرجال، لا بل أغلبهم، المرأة مسؤولية إغرائها للرجل، حين تستعرض عريها ومفاتنها، ولذلك عليها ألّا تشتكي إذا تحرش الرجال بها. وهذا رأي شائع بين الذكور.
الكاتب الماركسي برتولت بريخت، عبّر عن ذلك في مسرحيته الشهيرة «دائرة الطباشير القوقازية» في مشهد محاكمة خادم اغتصب سيّدته. رمى القاضي قلماً على الأرض وقال لها اذهبي والتقطيه وآتني به. مشت السيّدة تتهادى وتتمايل بجسمها ثم ركعت لالتقاطه فبان حجم قفاها الممتلىء. حينها قال القاضي: «لقد ثبتت جريمة الاغتصاب. أيتها المرأة لقد اغتصبتِ هذا الشاب المسكين بما عندك من إغراء».
وفي هجوم مضاد على تهم نساء الفن، من نجمات وممثلات غربيات انخرطن في حملة «أنا أيضاً»، قال المخرج السينمائي الفرنسي المشهور جان بيار كاستالديي: الممثلات يأتين إلى مهرجان «كان» شبه عاريات بأثداء تفيض عن ثياب رمزية بثقوب كشبكة الصيد ثم تدهشهن شهوات البعض. وتابع متسائلاً: لماذا يتعرّين على هذا الشكل ثم يقمن بالشكوى من الفضائح المترتبة على ذلك».
هذا الكلام فيه الكثير من الحقيقة لما يدور في عالمنا العربي الإعلامي والتلفزيوني. فقد كثرت في الآونة الأخيرة التعليقات والملاحظات عن روعة وجمال المذيعات والمعلقات من الصبايا الحسناوات على الأحداث السياسيّة العربية والثورة في السودان والتوتر بين أميركا وإيران وحماقات وفساد الزعماء والوزراء وتفاهات الملوك والأمراء، وكل ذلك يجعل المشاهد أو المتابع يشكك فيما تقوله المذيعة وبمصداقيتها، متسائلاً: من علّم الوجه الجميل الحقيقة؟
وما يزيد الطين بلة أن المذيعة تقضي ساعات في عملية الماكياج قبل ظهوره لتقرأ النشرة الجوية، فينشغل المشاهد بالتفرج على جمالها ويفوت عليه ما تقول. في الغرب عموماً وهنا في أميركا يستعملون الصبايا الحسناوات في برامج الترفيه. أما في البرامج الجدية ونشرات الأخبار فيكلفون نساء فهيمات.
من شاهد وتابع المسلسلات العربية، خصوصاً اللبنانية والسورية، في شهر رمضان، تفاجأ بكم العريّ وغياب الحشمة في أزياء الممثلات، إلى جانب المشاهد الخليعة والمشاهد الجنسية الفاضحة، أملاً في جذب أكبر عدد من المشاهدين في «صفقة مع الشيطان» تخالف تربيتنا وتقاليدنا الاجتماعية.
قد يكون تعرّي المرأة سبباً مباشراً للتحرّش بها وإغوائها من قبل بعض الرجال. والمرأة التي ترضى بإقامة علاقة لا تجرؤ على فضحها، فالفضيحة في مفاهيمنا الشرقية لاتزال تلطخ المرأة وحدها أما الرجل فلا يعيبه ذلك. ومن حق الرجل أيضاً عندما يرى امرأة تعرض له جمالها أن يتقدم منها بسؤال، فإما ترفض أو تقبل. وأما إذا وقعت الواقعة دون رضاها التام فمن الأفضل لها أن تدفع الثمن بصمت، وألا تكون فضحية بجلاجل.
ليس المطلوب العودة إلى العصور القديمة وحبس المرأة في اللباس الخانق خلف جدران البيت، لكن الحشمة والأدب هما رأسجمال الأنثى.
Leave a Reply