زارت إحدى العائلات صديقا لهم في بيته وكان يملك رأس ذئب محنط. وخلال أحاديثهم العابرة أخبرهم بأن رأس الذئب ذاك يملك القدرة والامكانية على تحقيق ثلاث أمنيات لمن يملكه. لكن خطرا غامضا يقترن بتحقيق تلك الأمنيات الثلاث. وقال لضيوفه أنه بالرغم من أنه ورث ذلك الرأس عن جده وعن أبيه فهو يفكر جديا في التخلص منه.
ألحت العائلة الزائرة بأن يمنحهم إياه، لكنه حرص على تحذيرهم من طلب تحقيق الأمنيات الثلاث، وطلب منهم أن يلقوا برأس الذئب بعيدا عنه وعنهم، فلم يلق ذلك منهم آذانا صاغية ولم يهتدوا بنصيحته.
وبالفعل أخذوا منه رأس الذئب. تمنى رب العائلة أن يكون لديه مليون دولار. عصر اليوم التالي كانت العائلة قد نسيت حكاية رأس الذئب الغريبة وأمنيتهم الخاصة للحصول على مليون دولار. دق بابهم رجل غريب ذو وقار وهيبة. حاول بارتباك وتردد أن ينقل لهم خبرا سيئا بأن ابنهم المهندس تعرض لحادث مفجع اثناء تفقده احدى المنشآت العمرانية مما أدى الى وفاته. وبصفته مديرا للشركة فهو على استعداد لتعويضهم مبلغ مليون دولار عن مصابهم الأليم في ولدهم.
قوة الألم، أصابت العائلة بانهيار واكتئاب جعلهم لا يبالون تماما لملء الاستمارة اللازمة للحصول على تعويض المليون دولار.
بعد اسبوع على ذلك الحادث المؤلم هبت الأم واقفة من نومها وراحت تصرخ بصورة هيستيرية: مازالت لدينا أمنيتان. وأقنعت زوجها باستقدام رأس الذئب مرة ثانية كي يطلبوا عودة ابنهم من الموت. وافق الزوج على طلبها. بعد ساعات تفاجئوا بطرق شديد على الباب وعندما فتحوه، ارعبتهم عودة ابنهم بمنظر مشوه وقبيح جدا. راح يزمجر ويهرول في المنزل كالذئب الهائج مكسرا كل ما يقع تحت يديه ومتوعدا بالانتقام لما حدث.
أفسد وجود الابن بتلك الصورة حياة الأب والأم وتمنى كلاهما التخلص من هذا الوحش المشوه واستخدما رأس الذئب المحنط للمرة الثالثة في ابعاد ذلك الوحش المتمرد عن منزلهما. وانتهت بذلك فرصة الأمنيات الثلاث دون تحقيق أي ربح بل على العكس، كانت خسارتهم صاعقة في وفاة الابن بشكل مأساوي.
في أحيان كثيرة يتمنى الانسان شيئا ويركزعليه بقوة فيتحقق في الأغلب، لكنه لا يكون حذرا في اختيار أمنياته، هذا اذا أراد أن تكون تلك الأمنيات سببا دائما في سعادته وسعادة من حوله. وكثير من الأمنيات التي تبدو له أن تحقيقها سيقلب حياته مثل مصباح علاء الدين، الى جنة رائعة، يكتشف بعد تحققها بأنه أخطأ في اختياره وأن رغبته الملحة فيها، حالت دون التبصر في جودة اختيار الأمنية مما قد يتسبب في ارباك حياته على المدى البعيد.
العديد من البشر عندما لا يحصل على ما يريده أو تواجهه بعض العراقيل في بعض الأهداف، يعتقد أن الحياة ظالمة وصعبة، فلا يحاول الاستسلام لقدرة الله واستقبال الرحمة المستترة خلف تلك العقبات.
عموما، أنا أتذكر هذه القصة الخرافية بكل انكسار وحسرة على ما أراه على وجوه أهلنا وأحبائنا والشعب العربي الذي أراد التغيير وسعى اليه في السودان والعراق وتونس ومصر وليبيا وسوريا فماذا كانت نتيجة اراداته وأمانيه؟ عسى ألا تكون ذئبا هائجا يقضي على الصالح والطالح معا
Leave a Reply