منذ أن تولى مهامه نائبا للرئيس الأميركي باراك أوباما ظل جوزيف بايدن يمثل الصوت المتشائم بشأن أفغانستان في الإدارة الأميركية والمعارض الأقوى لزيادة القوات الأميركية بهذا البلد، بل ورائد المشككين في مدى نجاعة إستراتيجية الرئيس في حل الصراع الدائر هناك. غير أنه اليوم لم يعد وحيدا في ذلك التوجه، فقد استقطب إليه عددا متزايدا من مسؤولي البيت الأبيض في الوقت الذي بدأ فيه أوباما يعيد التفكير في الإستراتيجية التي أعلن عنها قبل سبعة أشهر. ويعتبر موقف بايدن المذكور تطورا في تفكيره، إذ يتبين من خلاله أنه لم يعد ذلك الصقر الليبرالي الذي سعى جاهدا إلى التدخل الأميركي في أفغانستان. لكن بعد أن تفاقم استياؤه من الحكومة الأفغانية شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة تراجع اقتناعه بضرورة استمرار التورط الأميركي بأفغانستان، الأمر الذي يعكس في الواقع تحول الأميركيين البطيء وإن بوتيرة مطردة ضد هذه الحرب، إذ لم يعد يؤيدها حسب استطلاع للرأي أجرته محطة “سي بي أس” الأسبوع الماضي سوى 37 بالمئة فقط من الأميركيين. ولا يؤيد بايدن حتى الآن الانسحاب من أفغانستان، بل يرى أن على أميركا أن تحافظ على مستوى وجودها العسكري الحالي في هذا البلد وتركز بدلا من حماية المدنيين الأفغانيين على تدريب القوات الأفغانية لتمكينها من تولي زمام المعركة، على أن يصاحب ذلك تكثيف لمطاردة عناصر تنظيم القاعدة باستخدام القوات الخاصة والطائرات بدون طيار. فبايدن يرى أن مصلحة أميركا هي في باكستان وهو ما يتنافى مع استثمار واشنطن بصورة غير مناسبة وغير متكافئة في البلد الخطأ أفغانستان، حسب رأيه. ويبدو أن كثيرا من أعضاء الحزب الديمقراطي الحاكم اقتنعوا بنظرة بايدن بشأن هذا الصراع.
Leave a Reply