ديربورن – خاص “صدى الوطن”
يحمل الزميل بلال شرارة أكثر من لقب في المهام والأنشطة التي يقوم بها في لبنان، فإلى جانب منصبه الرسمي كمدير للشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني، يتولى مهمة أمانة سر كتلة التنمية والتحرير النيابية التي يرأسها رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، وهو أيضا عضو المكتب السياسي لحركة أمل التي يرأسها الرئيس بري.
غير أن أبرز ما يعرف به بلال شرارة هو تأسيسه بمساعدة نخبة من المجتمع الثقافي اللبناني للحركة الثقافية في لبنان في أوائل التسعينات وترؤسه لهذه الحركة التي تمثل أنشطتها سلسلة من التقاطعات بين العديد من المنتديات والبنى الثقافية على امتداد لبنان.
ومنذ أن تم تحرير الأرض اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000، راودت شرارة فكرة بناء مركز دائم للحركة الثقافية في مدينة بنت جبيل، وتطورت هذه الفكرة-الحلم في السنوات الأخيرة إلى مشروع بناء، بعدما تم شراء خمسة دونمات ونصف الدونم من الأرض، وباشرت الحركة بعملية البناء فوق تلك الأرض الواقعة في منطقة وسط بين بنت جبيل وعيترون ومارون الراس وعيناتا، وبعدما وضعت كل الخرائط اللازمة، مع تصورات الكلفة الإجمالية لإتمام المشروع والتي قدرت بحوالي المليون دولار.
الزميل بلال شرارة، الذي يزاول الكتابة في العديد من المواقع الإعلامية، إلى جانب اهتمامه بالشأن الثقافي عرّج على مدينة ديربورن الأسبوع الماضي، خلال رحلة أميركية للمشاركة في ورشة عمل عن التشريع في مدينة فيلاديلفيا، ومكث في ديربورن لعدة أيام زار خلالها مؤسسات وأندية وبيوت لأصدقاء قدامى وجرى تكريمه في لقاءات موسعة حضرها أفراد من الجالية اللبنانية في المدينة.
“صدى الوطن” التقت الزميل شرارة خلال زيارته إلى ديربورن وتحدث إليها عن الحركة الثقافية في لبنان كفكرة وانطلاقة وعن واقعها الحالي وأنشطتها، والتوقعات المستقبلية، خصوصا على صعيد إنجاز مشروع البناء الدائم للحركة في بنت جبيل.
قال شرارة لـ “صدى الوطن”: إن سبب فكرة الحركة الثقافية هو أن مؤسسات المركز الثقافية، مثل اتحاد الكتاب اللبنانيين واتحاد النقابات الفنية وجمعية الفنانين التشكيليين وغيرها من المؤسسات كانت علاقتها بأعضائها على مساحة لبنان علاقة متصلة بالاستحقاقات التنظيمية (خصوصا الانتخابات كل سنتين)، وبعد ذلك تفقد صلتها بالأعضاء.
وعن انطلاقة الحركة يقول شرارة: بعد زيارات متعددة لمناطق لبنانية تشكلت هيئة تأسيسية مهمتها صياغة مشروع الحركة الثقافية، وكان ذلك مطلع التسعينات (إعلان التأسيس) والتي أخذت طابعا رسميا بموجب علم وخبر رسميين في أواخر العام 1995.
وبمجرد الحصول على الترخيص تشكلت أول هيئة إدارية ضمت نخبة من نجوم الشارع الثقافي متعددي الاختصاصات والمواهب، من شعراء وأدباء ورسامين ومسرحيين. هكذا انطلقت الحركة الثقافية والتي تحولت مباشرة لتكون العمود الفقري للأنشطة التي كانت مخصصة على مساحة لبنان من أجل نشر وعي يتصل بالوقائع الإسرائيلية واحتلال الأراضي اللبنانية.
ويشدد شرارة على أن الحركة الثقافية، خارج الدور الذي يتصل بنشر الوعي حول المشكلات على حدود الوطن الجنوبية والناجمة عن العدوانية الإسرائيلية، قام مشروع هذه المؤسسة على فكرة أن تكون منبرا ثقافيا، وأن تتجنب التورط لتكون حزبا أو تعبيرا عن حزب أو نقابة ترتكز مهمتها على نشر الوعي الثقافي في مختلف المجالات الفكرية والفنية والإبداعية، ولنشر وعي تجاري واقتصادي وقانوني وسياحي..إلخ.
ورداً على سؤال عن وصفه للواقع الحالي للحركة يجيب شرارة: بعد عشرين سنة على الولادة و15 سنة على بدء مأسسة المشروع، وعلى خلفية انعقاد المؤتمر الرابع للحركة خلال شهر تموز الحالي، يمكن القول إن إدارة هذا المشروع هي من كل مناطق وطوائف لبنان (21 عضوا) والاختصاصات الفنية المتعددة. وهذه المؤسسة كانت في أساس الفكرة التي انطلقت قبل عام لتأسيس ملتقى للهيئات الثقافية في لبنان، والتي عقدت مؤتمرا تأسيسيا بدعوة من الحركة الثقافية.
وعن أنشطة الحركة الثقافية ومشاريعها يجيب شرارة: “إن الحركة أطلقت مشروع إطار لعمل مؤسسات الرأي العام الثقافية في لبنان، وتلعب حاليا دور الرافعة لاتحاد الكتاب اللبنانيين ولمختلف النقابات الفنية. والحركة هي واجهة التحرك الثقافي لمختلف المؤسسات والذي أدى إلى إصدار مجلس النواب أربعة قوانين تتصل بتنظيم المهن الثقافية وهيكلية وزارة الثقافة وغيرها.
وأوضح شرارة أن الحركة تشارك في مشروع “بيروت عاصمة عالمية للكتاب” وهي ستعقد في تشرين ثاني 2009 مؤتمرا بمناسبة مرور 150 سنة على إصدار أول صحيفة لبنانية. وأضاف شرارة: إن الحركة تشارك أيضا في أنشطة داعمة لـ “القدس عاصمة للثقافة العربية” وستنظم مهرجان شعر ومعارض للفن التشكيلي وندوات لشرح الأخطار المحدقة بالقدس جراء الأطواق الاستيطانية الإسرائيلية.
وعن النشاطات التي تقوم بها الحركة في بنت جبيل يقول شرارة: في بنت جبيل انعقدت سلسلة أنشطة كان آخرها ندوة شعرية للشاعر عصام العبدالله والاحتفال التكريمي للمحسنين الكبيرين المرحومين الدكتور اسماعيل عباس وشقيقه الحاج موسى عباس، إضافة إلى تكريم عدد من المبدعين الاغترابيين ومنهم الشاعر عبدالنبي بزي، وعقد لقاء مع المغتربين في بنت جبيل حول أوجه التعاون بين بنت جبيل المقيمة والمغتربة.
وعن توقعاته من زيارته الأميركية، وخصوصا للمغتربين من أبناء بنت جبيل والجالية اللبنانية عموما في منطقة ديترويت قال شرارة: إن الحركة الثقافية كرّمت بنت جبيل لإنها اتخذت قرارا بإنشاء مركز ثقافي عصري في بنت جبيل وهي اختارت هذه المدينة لأسباب تتصل بتاريخها القومي والوطني والثقافي.
وهذا التكريم عبارة عن مركز يضم المساحات المطلوبة لمختلف الأنشطة ومنها ديوان للشعراء وقاعة للتدريب على أجهزة الكمبيوتر، وقاعات لتعليم مختلف الفنون التشكيلية وقاعة لعرض التراث الشعبي، إضافة إلى مكتبة عامة مقروءة وسمعية-بصرية، وقاعة عامة للأنشطة السينمائية والمسرحية، عبر قاعة متعددة الأغراض.
وقد تم وضع حجر الأساس في احتفال برعاية الرئيس نبيه بري وبمشاركة وزارة الخارجية والمغتربين و”الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم” وبلدية بنت جبيل ورموز ممثلين للمؤسسات الثقافية.
وأوضح شرارة أن المشروع يقوم على مساحة 5500 متر مربع وكلفته مع الأرض حوالي مليون دولار، وقد تم دفع ثمن الأرض بالكامل وبدأت الأعمال بإنجاز قسمين من المبنى يضمان قاعات لأنشطة مختلفة وسيجري افتتاح أحد الطوابق في القسم (أ) قبل نهاية شهر آب القادم. وتم صرف حوالي 200 ألف دولار في أعمال البناء الأولية ووزع تقرير عن تقدم الأعمال وعن المشروع خلال الاحتفال الذي نظمه نادي بنت جبيل خلال هذه الزيارة إلى ديربورن.
وردا على سؤال حول تمنياته وتوقعاته من المغتربين اللبنانيين والعرب في هذه المنطقة، قال شرارة: أتمنى أن أبني في أذهان الأخوة المغتربين قناعة حول أهمية هذا المشروع وهو المشروع الثقافي الوحيد على امتداد الحدود من الناقورة إلى العرقوب. وأتمنى تجاوب الإخوة المغتربين مع حاجات هذا المشروع للاكتمال، فنحن لانزال بحاجة للأموال لإنجازه، ونعوّل على إرادات هؤلاء الأخوة في رفد دعم هذا المشروع لكي يصبح الحلم حقيقة واقعة.
وفي الختام أريد أن أشير إلى أن الحركة الثقافية في لبنان بصدد إطلاق مشروع “نادي الشباب المغترب” الذي لن استبق الأمور قبل اكتمال المشروع لإعلانه.
Leave a Reply