بيروت – نبيل هيثم
يدرك نجيب ميقاتي ان لبنان بات فـي حاجة قصوى الى صدمة ايجابية تخرجه من الواقع التعطيلي المتفشي فـيه على كل المستويات منذ اشهر، ويهدد بالمزيد من الجمود والتعطيل.
تلك الصدمة، كما يراها ميقاتي، مسؤولية مشتركة من كل القوى السياسية، فلا تنفع المكابرة والمزايدة والاستعراضات على حساب الاولويات،
ولعل تلك القوى تدرك ان البلد لن يتعافى ابدا فـي ظل هذا الجو.
فالضرورات المحلية تتراكم على كل المستويات, وها هو الهم الامني الضاغط يتطلب ارتفاع القيادات السياسية الى مستوى المسؤولية لنزع فتيله, وترفعا عن كل الحسابات الشخصية و بالتالي الاصطفاف, ليس خلف المصالح الخاصة والكيديات, بل حول الوطن وحول كل ما يوحّد بين كل مكوناته.
ميقاتي |
اولى الاولويات فـي رأي ميقاتي توجب التقاء الكل لدرء ما يهدد السلم الاهلي او يتسبب بالاخلال فـي التوازن الوطني ويمس باتفاق الطائف وهذا غير مقبول وغير مسموح, واللبنانيون كما يقول محكومون بالالتقاء معا لرد الرياح الصفراء التي يمكن ان ينفخها الخطر الارهابي فـي اتجاه لبنان من وراء الحدود. ومن موقع الوسطية التي يعتبرها الخيار المثالي للبنان يرفض ميقاتي انضمام لبنان الى اية محاور سواء اكانت اقليمية او دولية, مشددا على ان سياسة النأي بالنفس تبقي لبنان بمنأى عن اية تداعيات او سلبيات.
صدى الوطن التقت رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي وكان هذا الحوار:
– كيف تقيم الوضع الداخلي فـي لبنان؟
الوضع ليس سليما على الاطلاق.
– فـي اي مجال؟
عندما وضع اتفاق الطائف, حصل خلال التطبيق نوع من «سوء تطبيق» لبعض مندرجاته, وكذلك عدم تطبيق او انحراف عن تطبيق بعض آخر من تلك المندرجات, ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك.
– هل هذا هو سبب الخلل القائم؟
هذا وغيره من الاسباب, ومن اعتاد على ان ينفذ الطائف «غلط» لن يستطيع ان ينفذه كما يجب. وهذه مسؤولية يتحملها الممتنعون عن التطبيق.
– ماذا تقترح؟
ان نذهب الى صيغة «اكثر من دوحة واقل من الطائف».
– هل معنى ذلك انك تطلب تعديل اتفاق الطائف؟
ابداً, الطائف ما يزال الاصلح لتدار السفـينة اللبنانية على اساسه. وانا اقول تعالوا نعد الى الطائف, وما اطرحه من صيغة «اكثر من دوحة واقل من طائف», هي تحت سقف الطائف اذ نستطيع ان نقوم باصلاحات معينة او تفسيرات معينة ارى ضرورة ان تحصل لكي يستقيم الحكم فـي لبنان.
– ما هو تفسير الطرح الذي تقدمه؟
خلال اتفاق الدوحة فـي العام 2008, جلس الفرقاء اللبنانييون مع بعضهم البعض وقرروا نتيجة انتخابات العام 2009 فما اطرحه اليوم يرمي للوصول الى اصلاحات حقيقية عبر قانون جديد للانتخابات النيابية, حقيقي, عادل, وقائم على اساس النسبية بصوت تفضيلي واحد, فمن شأن ذلك ان يحافظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين, ولا يستطيع احد ان يقول انه خارج التمثيل. وفـي الدوحة ايضا اتفقوا على نمط من الحكومات يعطي بعض الفرقاء ما سمي بالثلث المعطل، واساس الاصلاحات التي انادي بها هنا هو انه لا يوجد شيء اسمه تعطيل او ثلث معطل, ومن هنا انا اقول اريدها اكثر من دوحة وأن تكون اصلاحية كاملة تحت سقف الطائف.
– كيف تقيم الأداء الحكومي الحالي؟
لا أرى سوى التخبط.
– فـي أي مجال؟
لنأخذ مثلا موضوع العسكريين اللبنانيين المحتجزين «لدى المجموعات الارهابية» فأنا ادعو لأن يتوقف سيل الكلام على غاربه، وليتوقف التنظير فـي المجالس الخاصة وفـي الصالونات, فالحكومة تقوم بواجبها فـي هذا المجال ويجب ان نكون جميعا خلفها. وهذا موقفـي الثابت, ولكنني ارى ان هناك تخبطاً كبيرا فـي بعض الاداء الذي يحصل داخل الحكومة.
– كيف؟
ارى تخبطا على مستويين, تخبطاً بالسياسة الخارجية, وتخبطاً بالامور المحلية اليومية للمواطنين. ففـي السياسة الخارجية فلقد رأينا كلنا ان لبنان شارك فـي مؤتمر جدة الذي اسس للتحالف الدولي لضرب تنظيم «داعش», وعدنا وتفاجأنا بموقف وزير الخارجية جبران باسيل ادلى به بعد مشاركته اجتماع باريس حول العراق, قال فـيه «اننا لم ندخل فـي محاور». وهنا يلفتني ان وزير الخارجية حضر مؤتمر جدة ووافق على كل المواضيع التي طرحت ثم يأتي ويقول نحن لم ندخل فـي محور، فكيف ذلك، ولست افهم كيف يقول اننا لم ندخل فـي محور؟. هذا تخبط واضح فـي مواقف واراء نفس الشخص, بينه وبين الحكومة؟
– هل تعتقد أن مشاركة لبنان فـي مؤتمر جدة خطوة خاطئة؟
لا يمكن لأي عاقل ان يقبل بدخول لبنان فـي اي محور, فلبنان امام كل الذين يحاولون ان ينسجوا التحالفات الدولية او وما شابه ذلك, وامام كل القمم التي تحصل، ليس مسموحا له, ان يظهر نفسه ولو كـ «تلّ» صغير امام تلك القمم.. اذ يجب ان يبقى لبنان كـ«وادٍ» يشرب من مياهه الكل.
– هل تعتقد ان المشاركة فـي المؤتمر تخفـي نية جدية بالانضمام الى التحالف؟
وهل معنى المشاركة غير ذلك؟ الا اذا كان هناك من شارك فـي المؤتمر, فقط من اجل التسويق لأمر معين مرتبط برئاسة الجمهورية.
– هل يستطيع لبنان ان يبقى خارج هذا المؤتمر, وبالتالي خارج التحالف الدولي؟
كل الموجودين بهذا المحور الدولي فـي جدة, وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي تقود الحركة الصحيحة فـي مكافحة الارهاب, تتفهم موقف لبنان لانها تعرف كم ان وضع لبنان حساس. وكذلك الامر بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية.
– الا تعتقد ان دخول لبنان الى هذا التحالف يشكل حماية له, خاصة وانه اصبح عرضة لخطر المجموعات الإرهابية؟
لا اعتقد ابدا بوجود ايجابيات لدخول لبنان فـي محور كهذا, وانا اسأل ماذا سيكون موقف لبنان واللبنانيين اذا ما استعملت الاراضي اللبنانية او الاجواء اللبنانية او المياه اللبنانية لضرب اية دولة مجاورة، هل ثمة من يقدر النتائج, وهل ثمة من يقدر السلبيات, وهل نستطيع ان نحتمل سلبيات؟
– لكن هناك اطرافا لبنانيين يؤيدون الدخول فـي هذا التحالف الدولي لضرب «داعش»
صحيح, ولكن انا اسأل هؤلاء الذين يدعمون التحالف الدولي لضرب الارهاب فـي العراق وسوريا, ويؤيدون دخول لبنان فـي هذا المحور الدولي, بعدما ايدتم هذا التحالف ودخوله الصراع فـي سوريا والعراق, واعني هنا فريق «14 آذار», و«تيار المستقبل» على وجه الخصوص, هل تستطيعون بعد اليوم, ان تواصلوا حملتكم على «حزب الله» وتقولوا له انك اخطأت بالدخول الى سوريا, او هل تجرؤون على مطالبته بالخروج من سوريا وهي الاسطوانة التي تكررت بشكل يومي طيلة الفترة الماضية.
– هل تعتقد انهم قد يتوقفون عن مهاجمة «حزب الله» على خلفـية تدخله فـي الازمة السورية؟
لقد سمعت رئيس الوزراء البريطاني كاميرون يقول «انا سأحارب الارهاب والتطرف فـي العراق لأنني لا اريد ان يصل الارهاب الى بريطانيا».. اي ان كاميرون سيقطع ما يزيد عن اربعة الاف كيلومتر ليأتي الى العراق لمحاربة الارهاب, لماذا؟ لكي لا يصل الارهاب الى بريطانيا. طيب, هناك حالة مماثلة جداً وقريبة جداً من سوريا ولا تبعد أكثر اربعة الاف كيلومتر بل مسافة قصيرة, حيث ان طرفا لبنانيا «حزب الله» وجد ان الخطر يتهدده, والارهاب على الحدود, فتدخل, فحمل عليه «تيار المستقبل» و«14 آذار» ليل نهار وهاجموه ولاموه على تدخله للتصدي للارهاب! فعلا انه امر عجيب ولذلك بعد موافقة هذا الفريق على التدخل الاجنبي العربي لمهاجمة الدول اكان العراق او سوريا, فلم يعد من حق اي طرف ان يقول لأي طرف آخر لماذا تتدخل فـي سوريا ولماذا تتدخل مع فريق ضد فريق؟
-ألا تعتقد فـي ظل هذا التدخل ان سياسة النأي بالنفس قد انتهت وسقطت؟
اعود واؤكد انه امام كل هذه التحديات، ما يزال قرار حكومتنا بالنأي بالنفس هو القرار الذي يجب ان يعتمد, وليس ان ينفذ البعض هذا القرار عندما يجد انه يناسبه ولا ينفذه عندما يرى انه لا يناسبه. فهذا بحد ذاته تدخل عندما يكون النأي بالنفس موسمياً, الناي بالنفس يجب ان يكون كاملا وشاملا, ولبنان بحساسيته الداخلية لا يستطيع ان يكون فـي محور مع اي طرف فـي المنطقة, ولذلك انا ادعو مجددا «حزب الله» الى ان ينسحب من سوريا والا ندخل فـي اي محور, فهمنا اليوم يجب ان يكون على اراضينا وثقتنا تكون كبيرة بالجيش اللبناني لمكافحة اي تطرف واي ارهاب على اراضينا.
– اين اماكن التخبط الاخرى فـي الحكومة الحالية؟
أعتقد انه على الحكومة ان تهتم بالامور الحياتية للمواطن اللبناني, الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية, نحن عندما نسمع الرئيس تمام سلام يقول ان الوضع المالي فـي خطر, نسأل ما هي الاجراءات التي تتخذ لكي نعالج هذا الخطر؟, وعلى سبيل المثال وضع الكهرباء ينذر بمزيد من التقنين وبساعات اقل فـي التغذية الكهربائية للمواطن, وهذا كله لمصلحة اصحاب المولدات المحلية حيث يدفع المواطن اضعاف ما يدفعه للدولة. ناهيك عن موضوع المياه والشح وكذلك المدارس كلها مواضيع اجتماعية يجب على الحكومة ان تواكبها لا ان نتذرع بالوضع الاقليمي ونترك الامور الحياتية على جمودها وتعطلها.
– هناط اطراف لبنانيون يهاجمون الجيش اللبناني…؟
هذا امر مرفوض, لا خيار لنا ولا خيار لأي مواطن لبناني مسالم, الا ان يكون داعما للجيش اللبناني.. الجيش هو خشبة الخلاص ويجب ان نتوحد كلبنانيين جميعا خلف الجيش حتى نقدر أن نحمي بلدنا من كل من يتربص به.
– هل تعتقد ان التحالف الدولي لضرب «داعش» سيؤدي الى نتيجة؟
التحالف تحت نقطة اساسية هي مكافحة الارهاب؟, هل هناك دولة تقبل الارهاب, لا اعتقد ذلك ولذلك ارى من الضروري ان كل دولة اولاً يجب ان تكافح الارهاب فـي ميدانها, وهنا علينا كلبنانيين ان نقوي الجيش ونبني
الروح الوطنية لديه ونقوي العصبية الوطنية فـيه, ونمنع عنه العصبية المذهبية والطائفـية والمناطقية. لا بد من اعادة بناء العقيدة الوطنية الاساسية وليس الدخول فـي زواريت وحواري صغيرة. هناك من يقول بين الحين والاخر ان الجيش فـي خطر والجيش ركيك, ابدا فـي كل مرة يثبت الجيش اللبناني انه متماسك ضباطا وافرادا, وكلهم يستبسلون ويقومون ببطولات.
– ماذا عن الإنتخابات النيابية فـي لبنان؟
انا من حيث المبدأ مع إجراء الانتخابات النيابية ووفق القانون النسبي مع الصوت التفضيلي, ولا أعتقد أن اي سياسي يمكن ان يعتبر ان تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي هو الخيار الانسب, ولكن انا اقول انه ابغض الحلال. خاصة فـي ظل عدم وجود رئيس جمهورية، فهل نستطيع ان نجري انتخابات فـي غياب رئيس الجمهورية, ولنفرض أننا اجرينا انتخابات نيابية جديدة ولم نتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية, فالحكومة ستعتبر مستقيلة حكما, وكيف ستشكل حكومة وهذا معناه فراغ رئاسي وفراغ حكومي؟.اضافة الى ذلك، الوضع الامني, هل باستطاعة كل المرشحين ان يقوموا بحملاتهم الانتخابية الطبيعية لشرح افكارهم واهدافهم؟. انا اقول ان كل شيء يجب ان يوضع على الطاولة ولا يأخذنا احد بالمزايادات, وانا على يقين ان هؤلاء المزايدين الذين يدعون كل يوم الى اجراء الانتخابات وما الى ذلك, يدركون تماما انهم يقومون بمناورات سياسية ويدركون ايضا ان الانتخابات النيابية من المستحيل ان تحصل.
– أين أصبحت رئاسة الجمهورية فـي لبنان؟
انا ادعو إلى إجراء الانتخابات فـي اسرع وقت ممكن, واعتقد ان حظوظ اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية فـي لبنان ستزداد اكثر بعد التمديد لمجلس النواب..
– كيف تقيم الوضع الداخلي فـي لبنان؟
الوضع ليس سليما على الاطلاق.
– فـي اي مجال؟
عندما وضع اتفاق الطائف, حصل خلال التطبيق نوع من «سوء تطبيق» لبعض مندرجاته, وكذلك عدم تطبيق او انحراف عن تطبيق بعض آخر من تلك المندرجات, ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك.
– هل هذا هو سبب الخلل القائم؟
هذا وغيره من الاسباب, ومن اعتاد على ان ينفذ الطائف «غلط» لن يستطيع ان ينفذه كما يجب. وهذه مسؤولية يتحملها الممتنعون عن التطبيق.
– ماذا تقترح؟
ان نذهب الى صيغة «اكثر من دوحة واقل من الطائف».
– هل معنى ذلك انك تطلب تعديل اتفاق الطائف؟
ابداً, الطائف ما يزال الاصلح لتدار السفـينة اللبنانية على اساسه. وانا اقول تعالوا نعد الى الطائف, وما اطرحه من صيغة «اكثر من دوحة واقل من طائف», هي تحت سقف الطائف اذ نستطيع ان نقوم باصلاحات معينة او تفسيرات معينة ارى ضرورة ان تحصل لكي يستقيم الحكم فـي لبنان.
– ما هو تفسير الطرح الذي تقدمه؟
خلال اتفاق الدوحة فـي العام 2008, جلس الفرقاء اللبنانييون مع بعضهم البعض وقرروا نتيجة انتخابات العام 2009 فما اطرحه اليوم يرمي للوصول الى اصلاحات حقيقية عبر قانون جديد للانتخابات النيابية, حقيقي, عادل, وقائم على اساس النسبية بصوت تفضيلي واحد, فمن شأن ذلك ان يحافظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين, ولا يستطيع احد ان يقول انه خارج التمثيل. وفـي الدوحة ايضا اتفقوا على نمط من الحكومات يعطي بعض الفرقاء ما سمي بالثلث المعطل، واساس الاصلاحات التي انادي بها هنا هو انه لا يوجد شيء اسمه تعطيل او ثلث معطل, ومن هنا انا اقول اريدها اكثر من دوحة وأن تكون اصلاحية كاملة تحت سقف الطائف.
– كيف تقيم الأداء الحكومي الحالي؟
لا أرى سوى التخبط.
– فـي أي مجال؟
لنأخذ مثلا موضوع العسكريين اللبنانيين المحتجزين «لدى المجموعات الارهابية» فأنا ادعو لأن يتوقف سيل الكلام على غاربه، وليتوقف التنظير فـي المجالس الخاصة وفـي الصالونات, فالحكومة تقوم بواجبها فـي هذا المجال ويجب ان نكون جميعا خلفها. وهذا موقفـي الثابت, ولكنني ارى ان هناك تخبطاً كبيرا فـي بعض الاداء الذي يحصل داخل الحكومة.
– كيف؟
ارى تخبطا على مستويين, تخبطاً بالسياسة الخارجية, وتخبطاً بالامور المحلية اليومية للمواطنين. ففـي السياسة الخارجية فلقد رأينا كلنا ان لبنان شارك فـي مؤتمر جدة الذي اسس للتحالف الدولي لضرب تنظيم «داعش», وعدنا وتفاجأنا بموقف وزير الخارجية جبران باسيل ادلى به بعد مشاركته اجتماع باريس حول العراق, قال فـيه «اننا لم ندخل فـي محاور». وهنا يلفتني ان وزير الخارجية حضر مؤتمر جدة ووافق على كل المواضيع التي طرحت ثم يأتي ويقول نحن لم ندخل فـي محور، فكيف ذلك، ولست افهم كيف يقول اننا لم ندخل فـي محور؟. هذا تخبط واضح فـي مواقف واراء نفس الشخص, بينه وبين الحكومة؟
– هل تعتقد أن مشاركة لبنان فـي مؤتمر جدة خطوة خاطئة؟
لا يمكن لأي عاقل ان يقبل بدخول لبنان فـي اي محور, فلبنان امام كل الذين يحاولون ان ينسجوا التحالفات الدولية او وما شابه ذلك, وامام كل القمم التي تحصل، ليس مسموحا له, ان يظهر نفسه ولو كـ «تلّ» صغير امام تلك القمم.. اذ يجب ان يبقى لبنان كـ«وادٍ» يشرب من مياهه الكل.
– هل تعتقد ان المشاركة فـي المؤتمر تخفـي نية جدية بالانضمام الى التحالف؟
وهل معنى المشاركة غير ذلك؟ الا اذا كان هناك من شارك فـي المؤتمر, فقط من اجل التسويق لأمر معين مرتبط برئاسة الجمهورية.
– هل يستطيع لبنان ان يبقى خارج هذا المؤتمر, وبالتالي خارج التحالف الدولي؟
كل الموجودين بهذا المحور الدولي فـي جدة, وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي تقود الحركة الصحيحة فـي مكافحة الارهاب, تتفهم موقف لبنان لانها تعرف كم ان وضع لبنان حساس. وكذلك الامر بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية.
– الا تعتقد ان دخول لبنان الى هذا التحالف يشكل حماية له، خاصة وانه اصبح عرضة لخطر المجموعات الإرهابية؟
لا اعتقد ابدا بوجود ايجابيات لدخول لبنان فـي محور كهذا, وانا اسأل ماذا سيكون موقف لبنان واللبنانيين اذا ما استعملت الاراضي اللبنانية او الاجواء اللبنانية او المياه اللبنانية لضرب اية دولة مجاورة، هل ثمة من يقدر النتائج, وهل ثمة من يقدر السلبيات, وهل نستطيع ان نحتمل سلبيات؟
– لكن هناك اطرافا لبنانيين يؤيدون الدخول فـي هذا التحالف الدولي لضرب «داعش»
صحيح, ولكن انا اسأل هؤلاء الذين يدعمون التحالف الدولي لضرب الارهاب فـي العراق وسوريا, ويؤيدون دخول لبنان فـي هذا المحور الدولي, بعدما ايدتم هذا التحالف ودخوله الصراع فـي سوريا والعراق, واعني هنا فريق «14 آذار», و«تيار المستقبل» على وجه الخصوص, هل تستطيعون بعد اليوم, ان تواصلوا حملتكم على «حزب الله» وتقولوا له انك اخطأت بالدخول الى سوريا, او هل تجرؤون على مطالبته بالخروج من سوريا وهي الاسطوانة التي تكررت بشكل يومي طيلة الفترة الماضية.
– هل تعتقد انهم قد يتوقفون عن مهاجمة «حزب الله» على خلفـية تدخله فـي الازمة السورية؟
لقد سمعت رئيس الوزراء البريطاني كاميرون يقول «انا سأحارب الارهاب والتطرف فـي العراق لأنني لا اريد ان يصل الارهاب الى بريطانيا».. اي ان كاميرون سيقطع ما يزيد عن اربعة الاف كيلومتر ليأتي الى العراق لمحاربة الارهاب, لماذا؟ لكي لا يصل الارهاب الى بريطانيا. طيب, هناك حالة مماثلة جداً وقريبة جداً من سوريا ولا تبعد أكثر اربعة الاف كيلومتر بل مسافة قصيرة, حيث ان طرفا لبنانيا «حزب الله» وجد ان الخطر يتهدده, والارهاب على الحدود, فتدخل, فحمل عليه «تيار المستقبل» و«14 آذار» ليل نهار وهاجموه ولاموه على تدخله للتصدي للارهاب! فعلا انه امر عجيب ولذلك بعد موافقة هذا الفريق على التدخل الاجنبي العربي لمهاجمة الدول اكان العراق او سوريا, فلم يعد من حق اي طرف ان يقول لأي طرف آخر لماذا تتدخل فـي سوريا ولماذا تتدخل مع فريق ضد فريق؟
-ألا تعتقد فـي ظل هذا التدخل ان سياسة النأي بالنفس قد انتهت وسقطت؟
اعود واؤكد انه امام كل هذه التحديات، ما يزال قرار حكومتنا بالنأي بالنفس هو القرار الذي يجب ان يعتمد, وليس ان ينفذ البعض هذا القرار عندما يجد انه يناسبه ولا ينفذه عندما يرى انه لا يناسبه. فهذا بحد ذاته تدخل عندما يكون النأي بالنفس موسمياً, الناي بالنفس يجب ان يكون كاملا وشاملا, ولبنان بحساسيته الداخلية لا يستطيع ان يكون فـي محور مع اي طرف فـي المنطقة, ولذلك انا ادعو مجددا «حزب الله» الى ان ينسحب من سوريا والا ندخل فـي اي محور, فهمنا اليوم يجب ان يكون على اراضينا وثقتنا تكون كبيرة بالجيش اللبناني لمكافحة اي تطرف واي ارهاب على اراضينا.
– اين اماكن التخبط الاخرى فـي الحكومة الحالية؟
أعتقد انه على الحكومة ان تهتم بالامور الحياتية للمواطن اللبناني, الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية, نحن عندما نسمع الرئيس تمام سلام يقول ان الوضع المالي فـي خطر, نسأل ما هي الاجراءات التي تتخذ لكي نعالج هذا الخطر؟, وعلى سبيل المثال وضع الكهرباء ينذر بمزيد من التقنين وبساعات اقل فـي التغذية الكهربائية للمواطن, وهذا كله لمصلحة اصحاب المولدات المحلية حيث يدفع المواطن اضعاف ما يدفعه للدولة. ناهيك عن موضوع المياه والشح وكذلك المدارس كلها مواضيع اجتماعية يجب على الحكومة ان تواكبها لا ان نتذرع بالوضع الاقليمي ونترك الامور الحياتية على جمودها وتعطلها.
– هناط اطراف لبنانيون يهاجمون الجيش اللبناني…؟
هذا امر مرفوض, لا خيار لنا ولا خيار لأي مواطن لبناني مسالم, الا ان يكون داعما للجيش اللبناني.. الجيش هو خشبة الخلاص ويجب ان نتوحد كلبنانيين جميعا خلف الجيش حتى نقدر أن نحمي بلدنا من كل من يتربص به.
– هل تعتقد ان التحالف الدولي لضرب «داعش» سيؤدي الى نتيجة؟
التحالف تحت نقطة اساسية هي مكافحة الارهاب؟, هل هناك دولة تقبل الارهاب, لا اعتقد ذلك ولذلك ارى من الضروري ان كل دولة اولاً يجب ان تكافح الارهاب فـي ميدانها, وهنا علينا كلبنانيين ان نقوي الجيش ونبني
الروح الوطنية لديه ونقوي العصبية الوطنية فـيه, ونمنع عنه العصبية المذهبية والطائفـية والمناطقية. لا بد من اعادة بناء العقيدة الوطنية الاساسية وليس الدخول فـي زواريت وحواري صغيرة. هناك من يقول بين الحين والاخر ان الجيش فـي خطر والجيش ركيك, ابدا فـي كل مرة يثبت الجيش اللبناني انه متماسك ضباطا وافرادا, وكلهم يستبسلون ويقومون ببطولات.
– ماذا عن الإنتخابات النيابية فـي لبنان؟
انا من حيث المبدأ مع إجراء الانتخابات النيابية ووفق القانون النسبي مع الصوت التفضيلي, ولا أعتقد أن اي سياسي يمكن ان يعتبر ان تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي هو الخيار الانسب, ولكن انا اقول انه ابغض الحلال. خاصة فـي ظل عدم وجود رئيس جمهورية، فهل نستطيع ان نجري انتخابات فـي غياب رئيس الجمهورية, ولنفرض أننا اجرينا انتخابات نيابية جديدة ولم نتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية, فالحكومة ستعتبر مستقيلة حكما, وكيف ستشكل حكومة وهذا معناه فراغ رئاسي وفراغ حكومي؟.اضافة الى ذلك، الوضع الامني, هل باستطاعة كل المرشحين ان يقوموا بحملاتهم الانتخابية الطبيعية لشرح افكارهم واهدافهم؟. انا اقول ان كل شيء يجب ان يوضع على الطاولة ولا يأخذنا احد بالمزايادات, وانا على يقين ان هؤلاء المزايدين الذين يدعون كل يوم الى اجراء الانتخابات وما الى ذلك, يدركون تماما انهم يقومون بمناورات سياسية ويدركون ايضا ان الانتخابات النيابية من المستحيل ان تحصل.
– أين أصبحت رئاسة الجمهورية فـي لبنان؟
انا ادعو إلى إجراء الانتخابات فـي اسرع وقت ممكن, واعتقد ان حظوظ اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية فـي لبنان ستزداد اكثر بعد التمديد لمجلس النواب..
Leave a Reply