ديترويت – قدّم رئيس بلدية ديترويت، مايك داغن، مقترح ميزانية السنة المالية القادمة، بحجم 2.6 مليار دولار، ارتفاعاً بنسبة 6.5 بالمئة عن ميزانية السنة الحالية، مؤكداً قدرة المدينة على سداد ديون الصناديق التقاعدية وتخفيض الضريبة العقارية، لأول مرة منذ عقود طويلة.
وحرص داغن على تقديم مقترح الميزانية قبل أيام قليلة من إلقائه خطاب «حال المدينة» السنوي، يوم الثلاثاء الماضي، والذي جدد فيه التزامه بمواصلة نهضة ديترويت الاقتصادية ومكافحة الجريمة وتحسين جودة المعيشة في جميع أحياء المدينة.
■ الوفاء بديون المعاشات التقاعدية
■ زيادة رواتب الشرطة وعموم الموظفين
■ تنظيف الطرقات السريعة والأزقة
■ مواصلة هدم المنازل المهجورة
■ تخفيض ضريبة الملكية العقارية لأول مرة
داغن الذي اختار إلقاء خطابه السنوي العاشر من محطة القطار التاريخية القديمة التي ستتحول في تموز (يوليو) القادم إلى مركز الابتكار التكنولوجي لشركة «فورد»، أكد أن ديترويت ستتفوق على «وادي السيليكون» بولاية كاليفورنيا في مجال مستقبل صناعة السيارات، لافتاً إلى أن المدينة شهدت افتتاح وتطوير العديد من المصانع الجديدة في عهده.
واستعرض داغن في خطابه، العديد من المشاريع العمرانية الضخمة التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة، متعهداً بإنجاح المزيد من تلك المشاريع السكنية والتجارية والصناعية التي ستعيد تشكيل وجه المدينة.
وكان داغن قد عرض يوم الجمعة المنصرم، مقترحه لموازنة السنة المالية 2023–2024، مشيراً إلى أن ديترويت تجاوزت التحديات والأعباء المالية التي دفعتها لطلب الإفلاس قبل عقد من الزمن، وهي اليوم مستعدة لمواصلة مسار النهوض الشامل.
مقترح الميزانية
وصف رئيس البلدية الوضع المالي للمدينة بأنه «تاريخي» بعد عشر سنوات على الخروج من الإفلاس، موضحاً أنه سيتم رفد الصناديق التقاعدية لعناصر الشرطة والإطفاء وعموم الموظفين، بنحو 149 مليون دولار، وذلك لسداد الديون القديمة والمستحقات الجديدة، وهو ما يؤكد المتانة المالية التي تتمتع بها المدينة، على عكس ما كان يعتقده الكثيرون خلال مفاوضات الإفلاس عام 2014.
وخلال عرض مقترح الموازنة أمام أعضاء المجلس البلدي، قال داغن: «هذا هو العام الذي كان من المفترض أن يكون يوم القيامة المالي، حيث توقع المحللون أنه سيكون عام الانحدار وعودة ديترويت إلى أزمتها المالية»، موضحاً أن إدارته تمكنت من إقرار موازنات متوازنة على مدى عقد من الزمن حتى أصبحت المدينة اليوم في وضع يسمح لها بالتعامل مع ديونها القديمة.
وأردف رئيس البلدية بأن الزيادة المقترحة في ميزانية السنة القادمة التي تبدأ في مطلع تموز (يوليو) القادم، هي «زيادة صحية» عن ميزانية العام الحالي البالغة 2.4 مليار دولار، لافتاً إلى أن المدينة ستتمكن من تخفيض الضريبة العقارية المخصصة لخدمة الدين، من 9 مِل حالياً (المل الواحد يساوي واحداً بالألف من القيمة الضريبية للعقار) إلى 8 مل في الصيف القادم و7 مل في العام التالي.
وأوضح داغن أن تأثير هذه التخفيضات سيكون «على الأرجح بين 50 و100 دولار لمعظم المُلّاك هذا العام و100 إلى 200 دولار في العام المقبل»، مشيراً إلى أن هذا التخفيض الضريبي سيكون الأول من نوعه في ديترويت، «على حد ما يذكر».
من إجمالي الميزانية المقترحة التي لاتزال بحاجة إلى موافقة المجلس البلدي، تم تخصيص 1.3 مليار دولار لصندوق الإنفاق العام، بواقع 55 بالمئة لأجور ومزايا موظفي المدينة، و18 بالمئة لسداد الديون ومستحقات المعاشات التقاعدية قبل الإفلاس و27 بالمئة لخدمات البلدية. ويأتي تمويل الصندوق العام من ضريبة الدخل، وتقاسم الإيرادات الضريبية مع الولاية، وضرائب الكازينوهات والملكية العقارية وغيرها.
وبحسب التقديرات، من المتوقع أن تبلغ إيرادات المدينة في السنة المالية المقبلة، 393 مليون دولار من ضريبة الدخل، و224 مليون دولار من مشاركة الإيرادات مع حكومة الولاية، و258 مليون دولار من ضرائب الكازينوهات والمقامرة عبر الإنترنت، و137 مليون دولار من ضرائب الملكية العقارية.
أولويات البلدية
أكد داغن أن أهم أولويات إدارته هو، تجميل الأحياء السكنية وتحديث بناها التحتية وتحسين المنتزهات والنقل العام وإزالة بؤر الخراب ودعم الإسكان وتعزيز مساءلة ومحاسبة موظفي البلدية، فضلاً عن زيادة أجور عناصر الشرطة وسائقي الحافلات العامة وغيرهم من الموظفيين.
وينص مقترح الميزانية على زيادة قدرها 26 مليون دولار في ميزانية الشرطة لتغطية زيادات الرواتب التي تمت الموافقة عليها في الخريف الماضي، و18 مليون دولار لدمج خدمات الإطفاء والإسعافات الطارئة، و13 مليوناً لزيادة رواتب جميع موظفي المدينة، و15 مليوناً لدائرة النقل، و14.5 مليون دولار لتحسين المنشآت الإدارية وتطويرها تكنولوجياً وتعزيز أسطول المركبات التابعة للبلدية.
وفي مؤشر آخر على المتانة المالية، اقترح داغن أيضاً، إيداع ما يعادل 3 بالمئة من إجمالي حجم ميزانية السنة القادمة في «صندوق اليوم الممطر» (الاحتياط النقدي) الذي سيرتفع رصيده إلى 150 مليون دولار.
بدوره، أوضح المدير المالي في إدارة داغن، جاي رايزينغ، أن ميزانية السنة القادمة، تتضمن العديد من بنود الإنفاق التي ستصرف لمرة واحدة فقط، ما يعني أنها لن تشكل عبئاً طويل الأمد على البلدية.
ومن تلك البنود، يريد داغن إنفاق 13.5 مليون دولار لشراء مركبات ومعدات جديدة لدائرتي الشرطة والإطفاء، و13.3 مليون دولار لعمليات الهدم الطارئة، وستة ملايين لتنظيف الطرقات السريعة في ديترويت استعداداً لاستضافة قرعة دوري الفوتبول الأميركي NFL في ربيع 2024، وخمسة ملايين لتنظيف الأزقة، و2.6 مليون لصيانة الممتلكات الشاغرة، و2.4 مليون لتجميل الشوارع التجارية وإزالة رسوم الغرافيتي عن الجدران، ومليونين لمعدات ومرافق المنتزهات والمسارات الخضراء، و1.8 مليون لدعم الوحدات السكنية المخصصة لمحدودي الدخل، و1.4 مليون دولار لإجراء دراسات حول إعادة تخطيط بعض الأحياء السكنية.
الأحياء السكنية
تواصل إدارة داغن سياسة هدم المنازل المهجورة بوتيرة متسارعة بفضل «المقترح أن» الذي أقره الناخبون عام 2020، لافتاً إلى أن عددها انخفض من 16 ألف منزل قبل عام واحد إلى سبعة آلاف فقط حالياً.
وقال داغن إنه في غضون العامين المقبلين، سيتم هدم أربعة آلاف منزل إضافي واستصلاح ثلاثة آلاف أخرى وبيعها عبر بنك الأراضي (لاند بنك).
ورجّح أنه «بحلول نهاية العام 2024، سينخفض عدد المنازل التي يملكها بنك الأراضي إلى صفر».
واستدرك داغن بأن المدينة لاتزال تحتوي على ما بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف منزل مهجور مملوك للقطاع الخاص، مؤكداً على ضرورة معالجة هذه الآفات لتحسين جودة المعيشة في أحياء ديترويت، وذلك عبر تكثيف عمليات التفتيش من جانب دائرة المباني والسلامة بالمدينة وإصدار أوامر الهدم الطارئة في حال استدعى الأمر ذلك.
وقال: «خلال الأشهر الثمانية عشر القادمة سننتقل من هدم وبيع المنازل المملوكة لبنك الأراضي إلى هدم أو بيع المنازل الخاصة»، متعهداً بمواصلة رؤيته في جعل أحياء ديترويت مكاناً أفضل لعيش الأسر بسلامة وأمان.
كذلك ستقوم إدارة داغن بتخصيص 25 مليون دولار لإصلاح الأرصفة المتهالكة في الأحياء السكنية لاسيما أمام المدارس والكنائس، إلى جانب تنظيف ألف زقاق ومضاعفة خدمات إزالة القمامة وزراعة نحو 90 ألف شتلة زهور في مختلف أحياء المدينة.
والجدير بالذكر أن بنود مقترح الميزانية سوف تناقش في 46 جلسة استماع عامة في مختلف أقسام البلدية، قبل طرحه على التصويت أمام المجلس البلدي في شهر نيسان (أبريل) القادم، حسبما هو متوقع.
وتجدر الإشارة إلى أن المدارس والمكتبات العامة في ديترويت لا يتم تمويلها مباشرة من البلدية، بل لديها مصادر تمويل أخرى.
Leave a Reply