سامر حجازي – «صدى الوطن»
يواجه رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي دعوى قضائية فدرالية تتهمه باستغلال نفوذه وسلطته لمضايقة رجل الأعمال العربي الأميركي حكيم فاخوري ودفعه الى التخلي عن أملاكه في منطقة الوسط التجاري في غرب المدينة.
وتزعم الدعوى التي تقدم بها المحامي شريف عقيل بالنيابة عن موكله أمام محكمة ديترويت الفدرالية الثلاثاء الماضي، بأن رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي قام بتسليط الشرطة والمسؤولين في الدائرة القانونية بالبلدية على فاخوري الذي كان يملك العديد من العقارات الكبرى في «داونتاون» غرب ديربورن، قبل أن يضطر الى التخلص من معظمها عام 2014 بسبب الضغوطات التي مورست عليه من قبل أورايلي، وهو ما أدى الى تكبيده خسائر بملايين الدولارات في أصوله العقارية.
ويقوم المحامي عقيل بتمثيل فاخوري وثلاثة من أفراد أسرته سبق أن تعرضوا للتضييق من قبل شرطة المدينة.
وجاء في الدعوى بأن الشرطة قامت بالقبض على أفراد أسرة فاخوري عدة مرات بتهمة التعدي على أملاك الغير، ولكن المحكمة كانت تبرّئ ساحتهم في كل مرة.
وتتضمن الدعوى بأن هدف أورايلي من التضييق على فاخوري هو إزاحته لصالح مستثمر عربي أميركي آخر هو مايك حمامي الذي كان شريكاً لفاخوري في السابق.
المتهمون في الدعوى هم: أورايلي، رقيب الشرطة أندرياس بارنيت، ومدعي عام البلدية وليام ديبياسي. وقال عقيل إن ما حدث لعائلة فاخوري «مأساة حقيقية» وأضاف «لا ينبغي تعريض عائلة لمثل هكذا معاملة، إنه شيء أشبه بالكابوس، هذا يمكن أن يحدث في بلدان العالم الثالث ولكن ليس في الولايات المتحدة.. لحسن الحظ لدينا دستور يحاسب الناس».
وأضاف عقيل «هذا الرجل بنى الكثير في غرب ديربورن وكانت الشرطة تلاحقه وكانت الدائرة القانونية في البلدية تلاحقه وتعرض للكثير من الإجراءات الجنائية، إنه شيء مخيف أن نعرف أن أمراً كهذا يحصل اليوم وفي هذا العصر».
وتكشف هذه الدعوى حجم التوترات المرافقة للنزاعات بين المستثمرين الراغبين في تطوير وسط غربي ديربورن، وهي المنطقة التي تتمتع بإمكانيات استثمارية هائلة مع التعافي الاقتصادي القائم والخطط الاستثمارية التي أعلنت عنها شركة «فورد» لتطوير مقرها العالمي في المدينة.
وكان فاخوري يعوّل على ازدهار «الداونتاون» في غرب ديربورن وجعله على نسق برمنغهام ورويال أوك، حيث يقضي الناس أوقاتهم وهم يتجولون بين المطاعم والحانات والشقق والمحلات التجارية، ولكن الذي حدث هو أن معظم العقارات التي كان قد تملكها فاخوري على جانبي شارع ميشيغن أفنيو ظلت شاغرة حتى اضطر الى فقدان معظمها.
وجاء في الدعوى بأن الحقوق الدستورية لعائلة فاخوري تم انتهاكها وتحديدا فقرة الحماية المتساوية في التعديل 14 من الدستور الأميركي، والتعديل الرابع المتعلق بحظر عمليات التفتيش والمصادرة غير المبررة.
وتتضمن الدعوى أيضاً أن زوجة فاخوري، أيبريل فاخوري تم تهديدها من قبل شخص يعمل لصالح حمامي قال لها في آذار (مارس) 2013 في ديربورن «عندي رصاصة مكتوب إسمك عليها» في إشارة الى تهديدها بالقتل، وحينئذ قدمت شكوى لدائرة الشرطة وبدلا من توجيه إتهامات لحمامي تم توجيه تهم لها بتقديم بلاغ كاذب مما جعلها تتنازل عن الشكوى.
وتضمن ملف الدعوى تعميماً من شرطة ديربورن بتاريخ نيسان (أبريل) ٢٠١٣، يحذر العناصر من فاخوري ويطالبهم بأن يبقوا متيقّظين لأية مشاكل محتملة.
رد أورايلي
من جانبه قال أورايلي لصحيفة «فري برس» «مشكلة فاخوري أنه يعتبر نفسه دوماً ضحية، هكذا هو يرى الأشياء» مؤكداً أنه لم يطلع على الدعوى ولكنه واثق من أن كل ما فيها غير صحيح، وقال إنه يحتفظ بجميع الرسائل الإلكترونية التي بعثها له فاخوري و«كلها طائشة وسخيفة»، بينما تعهّد قائد الشرطة رونالد حداد بدعم ومساندة رقيب الشرطة المتهم في الدعوى، وقال إنه سيطلع أولاً على الدعوى قبل أن يدلي بمزيد من التعليقات.
وقال حمامي الذي هو الآن يسيطر على الممتلكات التي كانت مملوكة لفاخوري سابقاً «إنها مسألة مثيرة للسخرية كيف لي أن أعتقد أن البلدية سلبت ممتلكات فاخوري ومنحتها لي، عليه أن لا يلوم إلا نفسه، انعدام الضمير وسلوكياته الأخلاقية وممارساته التجارية هي التي أوصلته الى ما هو فيه الآن».
وزعمت الدعوى أن أورايلي التقى حمامي وأفراداً من أسرته عدة مرات في لقاءات خاصة هدفها تجريد فاخوري من ممتلكاته.
واحد من تلك اللقاءات تم يوم ١٥ شباط (فبراير) 2013 في «مطعم حبيب» وضم أورايلي وكبير موظفي البلدية مارك غايدو ومحامية البلدية ديبرا والينغ الى جانب حمامي وأفراد من عائلته، وبحسب الدعوى قال أورايلي يومها لأفراد العائلة إن عليهم فك شراكتهم التجارية مع فاخوري إذا رغبوا بممارسة الأعمال في ديربورن.
ماذا يقول فاخوري؟
في ثمانينات القرن الماضي بدأ فاخوري وزوجته بشراء المباني الواقعة على طول شارع ميشيغن أفنيو في غرب ديربورن، بهدف تأجيرها لشركات تجارية حيوية تكون قادرة على جذب المزيد من المستهلكين الى المنطقة.
نجحت رؤية فاخوري جزئياً وبدأت الشركات الكبرى تنتقل الى أملاكه الكثيرة على ضفتي ميشيغن أفنيو فأصبحت شركات مثل «بانيرا» و«بافلو وايلد وينغز» و«بيتزا باباليس» زبائن في مبانيه.
ويؤكد رجل الأعمال العربي الأميركي لـ«صدى الوطن» أنه بدأ بشراء العقارات في غرب ديربورن في الوقت الذي لم يكن فيه أحد يبدي اهتماماً بالمنطقة. ولكن في العام ٢٠٠٠ بدأت الصورة تتبدّل ودبّت الحياة مجدداً بداونتاون غرب المدينة، غير أن سياسات البلدية بفرض رسوم على مواقف السيارات شكلت عائقاً حقيقياً أمام ازدهار الحركة التجارية وأعادت الأمور الى الوراء، متهماً رئيس البلدية باستغلال نفوذه لـ«مسحه» من ديربورن.
ويشرح فاخوري قائلاً «عندما طورت مبنى «بانيرا» قررت البلدية اعتماد مواقف السيارات المدفوعة الثمن ليتحول الأمر الى مشكلة حقيقية لاحقاً».
وتابع بالقول «إن تكاليف مواقف السيارات والتشدد في ملاحقة المخالفين أثّرا سلباً على المحلات التجارية، فبعض الزبائن كانوا يحصلون على ثلاث مخالفات يومياً»، مشيراً الى أن ذلك أدى الى تعطيل الحركة التجارية في المنطقة «فأصبحت غرب ديربورن فارغة مجدداً».
أردف فاخوري أنه لطالما طالب مسؤولي البلدية بالتراجع عن هذه الخطوة دون جدوى، ولما انتقلت ملكية العقارات الى حمامي في حزيران (يونيو) ٢٠١٤، سارعت البلدية الى إلغاء المواقف المدفوعة، في توقيت لا يخلو من الرسائل بالنسبة لفاخوري الذي يؤكد أيضاً أن أورايلي كان يقول لشركات مستأجرة إن العقارات لم تعد ملكاً لفاخوري ولا يحق له جمع الإيجارات بعد الآن.
ويؤكد فاخوري أن أمام داونتاون غرب ديربورن مستقبل زاهر مع افتتاح المطاعم والحانات والشقق الجديدة الى جانب مشاريع شركة «فورد» التطويرية، مشيراً الى أنه على رئيس البلدية أن يكون ممتناً للعرب الأميركيين بسبب استثماراتهم الهائلة في المدينة. وقال «لدينا اقتصاد نشيط وهو (أورايلي) محظوظ لأن هناك الكثير من الشرق أوسطيين الذين يحبون هذه المدينة.. فهم يفتتحون المتاجر ويقومون بعمل استثنائي لاقتصاد ديربورن».
وتساءل فاخوري عن نوايا أورايلي قائلاً «لا أعرف ماذا يدور في رأسه.. هل هو يستخدم تأثيره لتوجيه الأمور في مصلحة أشخاص معينين؟ أنت تتحدث عن تطوير منطقة تجارية لا يتجاوز طولها أربعة بلوكات، فالأمر لا يحتاج كل هذا الجهد»، خاتماً بالقول «إن ديربورن اليوم في موقع ممتاز للعودة أقوى مما كانت».
Leave a Reply