عماد مرمل
يواصل رئيس مجلس النواب نبيه بري رفع الصوت ضد تعطيل المؤسسات الدستورية فـي لبنان، بعدما أصبحت رئاسة الجمهورية والسلطة التشريعية والحكومة خارج الخدمة، مع تحولها إلى ساحات للنكايات السياسية وتصفـية الحسابات، على حساب وظيفتها الأصلية، وهي حماية مصالح الدولة والناس.
وبرغم التلاقي الإستراتيجي بين بري والعماد ميشال عون حول خيار المقاومة، إلا أنهما يختلفان تقريبا على كل شيء، خارج مساحة هذا الخيار: قانون الإنتخاب، الملف النفطي، التشريع النيابي، قطاع الكهرباء، التعامل مع الإغتراب اللبناني، التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي..
ويقول بري لـ«صدى الوطن» إنه لا يجوز أن يبقى مجلس الوزراء رهينة مطلب التيار الوطني الحر بتعيين قائد جديد للجيش منذ الآن، مشيراً إلى أنه فـي حال تعذر التفاهم على هذا الأمر، يجب الإنتقال إلى مناقشة البنود الأخرى فـي جدول الأعمال، ومنبها إلى محاذير شل الحكومة التي تكاد تكون المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال تعمل فـي ظل تعطيل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.
ويوضح بري أنه يؤيد تعيين العميد شامل روكز(صهر عون) قائداً للجيش عند إنتهاء خدمة قهوجي فـي أيلول المقبل، إلا أنه إذا أخفق مجلس الوزراء فـي إختيار بديل عنه، فلا مفر من التمديد له، لتفادي الفراغ فـي قيادة المؤسسسة العسكرية، وهو ما يرفضه عون الذي يصر على التعيين، إلى حد أنه طلب من وزيريه عدم القبول ببحث أي بند فـي مجلس الوزراء، قبل حسم مسألة قيادة الجيش.
ويؤكد بري تصميمه على حماية الشرعية الميثاقية للحكومة، من خلال تمسكه بالإبقاء على وزيري حركة أمل فـيها، حتى لو غادرها وزيرا «حزب الله» تضامنا مع العماد ميشال عون فـي حال قرر الانسحاب، موضحا أنه يؤيد الرئيس تمام سلام فـي إعطاء فرصة للمشاورات السياسية من أجل إعادة الإنتظام إلى عمل مجلس الوزراء، لكن إذا أخفقت هذه المشاورات فـي تحقيق نتائج ايجابية، فلا يجب إبقاء الحكومة مشلولة حتى إشعار آخر.
ويستهجن بري إصرار البعض على الإستمرار فـي تعطيل عمل مجلس النواب، عبر مقاطعة التشريع، بحجة رفض التكيف مع غياب رئيس الجمهورية، وصولا إلى الضغط فـي اتجاه انتخابه.
ويتابع: أنا أسأل هنا، إذا تبين بعد عام على إستخدام دواء المقاطعة أنه لم يحقق الشفاء ولم يساهم فـي انتخاب الرئيس.. فما الجدوى من استمرار تناوله عبثا، والمضي فـي شل المؤسسات الدستورية، مع ما يتركه ذلك من عوارض على جسم الدولة والمصالح الحيوية للناس، ولماذا لا يتم التفتيش عن دواء بديل يكون مردوده أفضل؟
وإزاء انسداد شرايين التسويات المحلية، يأمل بري فـي ان يؤدي الانجاز التام للاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة الاميركية قريبا، كما هو مفترض، إلى انعكاسات إيجابية على وضع العالم العربي، وأن يساهم فـي معالجة بعض الأزمات الإقليمية المستعصية، مكرراً التوقع بأن يكون لبنان من بين المستفـيدين من مردود هذا الإتفاق.
ويوضح بري انه أبلغ الموفدين الأجانب الذين زاروا لبنان مؤخرا، ومن بينهم الموفد الفرنسي فرنسوا جيرو، أن طريقة تعاطي الغرب مع إيران خلال السنوات الماضية كانت خاطئة، وأعطت مفعولاً عكسياً.
ويضيف: أنا لست محامي طهران، ولكن إذا ألقينا نظرة موضوعية على وضع إيران بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على الحصار المفروض عليها لوجدنا أنها أصبحت أقوى حضورا ونفوذا فـي سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين وغزة، قياسا إلى ما كانت عليه حين جرى عزلها فـي أعقاب انتصار الثورة، ويكفـي للدلالة على حجم التحول فـي موقع طهران ودورها انها باتت على سبيل المثال صاحبة التأثير الاكبر فـي العراق، بعدما كان عدوا لها وخاض ضدها حربا طويلة.
ويلفت بري الإنتباه إلى انه عندما يكون الهر محشورا فـي زاوية، فانه لا يتردد فـي القفز على الجدران، وإيران التي حوصرت صارت تقفز على كل جدران المنطقة، وفـي نهاية المطاف وجد الغرب انه لا مفر من التفاهم معها، بعدما اكتشف ان الوسائل الاخرى غير مفـيدة.
ويتطرق بري إلى الواقع السوري، مشددا على أن من مصلحة لبنان أن تكون سوريا، الجارة له، مستقرة وموحدة، منبها إلى أنه إذا التهمها حريق التقسيم والتفتيت، فان خطر تمدده الينا سيصبح داهما.
ويحذر بري من خطورة ما يجري على الارض فـي سوريا، ومحاولات انشاء دويلات مذهبية على أنقاض الدولة المركزية، قائلا: أنا أفضل 100 مرة أن يبقى إلى جانب حدودنا نظام كالنظام الحالي برغم أن هناك ملاحظات عليه، ولا أن يكون تنظيم «داعش» لمرة واحدة هو البديل.
ويشدد بري على ضرورة اعتماد الحل السياسي للازمة السورية، مشيراً إلى انه ينادي بهذا الحل منذ أربع سنوات، وسيستمر فـي ذلك.
ويؤكد بري أن معركة جرود القلمون كانت ضرورية، مضيفا: لقد اجتمعت إلى قيادات الصف الاول فـي حركة أمل وأبلغتها انني أؤيد «حزب الله» فـي هذه المعركة حتى النهاية، لأن هناك أراض لبنانية محتلة يجرب تحريرها واستعادة السيادة عليها، ولأن هناك منابع للإرهاب الموجه ضد الداخل اللبناني ينبغي تجفـيفها.
ولأن الأزمات كما التسويات تتبادل التأثير، فإن بري يأمل فـي أن توضع حرب اليمن على سكة الحل السياسي الذي لا بد منه عاجلا ام آجلا، لافتا الإنتباه إلى أن السعودية هي صاحبة المصلحة الأولى فـي إنهاء هذه الأزمة، للخروج سريعا من ورطة الرمال المتحركة فـي اليمن.
Leave a Reply