لنعترف منذ البداية دون مراوغة: ليس لدينا تربية بيئية، ولا ثقافة، في هذا الخصوص، وليس لدى مواطننا العربي أي هم بيئي، أو اهتمام بالظواهر البيئية المثيرة للقلق، كظواهر الاحتباس الحراري، وتلوث كوكب الأرض، و التغير المناخي، وثقب الآزون.. التي أصبحت مجرد مواد إعلامية يتابعها الناس بكل راحة ضمير.
وفي هذا الإطار، لا معنى للتساؤل عن دور وزارات البيئة في العالم العربي، التي تبدو وزارات “لقيطة”، أو “دخيلة” في الأنظمة السياسية العربية (حتى أنها تستعمل كجوائز ترضية في بعض البلدان)، فضلا عن أننا لا نعرف أي شيء عن برامجها وسياساتها في تقويم الأخطاء التي ترتكب بحق البيئة (بمعناها الضيق، هنا) خاصة وأن التلوث أصاب معظم مصادرنا الغذائية والمائية والهوائية.
الحقيقة الأخرى.. أن البيئة هي بيتنا، وكل ما يحيط بنا، وما يتصل ويؤثر بنا من ثقافة وسياسة وعلاقات اجتماعية، ومن غير المنتظر، أو المتوقع، أن تنجز وزارات البيئة في العالم العربي أية تأثيرات في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية، في الوقت الذي تعجز فيه عن مكافحة انتشار القمامة، وتلوث مياه الشرب.
وفي سياق التوعية البيئية، تم في الأسبوع الماضي عرض فيلم وثائقي (عصر الغباء) في قصر الأونيسكو في بيروت، يتناول موضوعة “الاحتباس الحراري” والنتائج الكارثية التي تنتظر مصير الجنس البشري في العقود القليلة القادمة. وزيادة في إثارة اهتمام المواطنين اللبنانيين تمت دعوة عدد من الفنانين والدبلوماسيين لحضور عرض الفيلم.
وبينما وصلت السفيرة البريطانية في بيروت، فرانسيس غاي، على دراجتها الهوائية بملابسها الرياضية، والعرق من يتصبب على وجهها وجسدها، وصل الفنان اللبناني راغب علامة بكامل أناقته، بطقمه وكرافته و”جلّ شعره” راكباً دراجة هوائية هو الآخر.. ويحيط به عدد كبير من المرافقين والمعجبين والمصورين!
ولا يحتاج الأمر لكثير من الذكاء، لنفهم أن صاحب أغنية “رح طيرلك حمام” ركب دراجته فقط لالتقاط الصور، ولتشجيع اللبنانيين على ركوب الدراجة بدلاً من ركوب السيارات التي تسمم هواء المدينة، وما من شك أن مثل تلك الرسالة ذهبت أدراج الرياح في بلد يعد من أكثر البلدان اكتظاظا بالسيارات، في العالم.
ولكي لا يبدو الأمر تحاملا على اللبنانيين، يكمن التذكير أن وطننا الحبيب (سوريا) قد استيقظ في السنوات الأخيرة، على برنامج إعلامي بيئي، يشجع السوريين على استعمال الدراجة الهوائية بدلاً من السيارة (هل تصدقون؟!) بهدف حماية البيئة.. في الوقت الذي تعتبر فيه السيارة حلماً سورياً عريقاً. فضلاً عن أن الدراجات الهوائية السورية لا يوجد لها مثيل في العالم، فسوريا.. هي البلد الوحيد في هذا الكوكب الذي تم فيه اختراع محركات (موتورات) للدراجات الهوائية، ليستعملها السوريون في مشاويرهم اليومية (شكرا للحلبيين.. الذين اخترعوا ذلك الموتور، وحلب بالمناسبة، يمكن اعتبارها بمثابة “صين” سوريا).
قد يكون راغب علامة على حق، فيما فعل، فالفنانون يستميون من أجل الشهرة، وعندما يحققونها، يبدأون بالشكوى منها، على أساس أنها تفقد الفنان حياته الخصوصية، ولهذا لا يستطيع الفنانون اللبنانيون الذهاب إلى “الروشة” على الدراجات، لإن المعجبين (والمعجبات خصوصا) سيحولون الأمر إلى كارثة، كما أن السياسيين اللبنانيين لا يستطيعون استعمال الدراجات أسوة بالسفيرة البريطانية، لأنهم مستهدفون..
والفكرة الأخيرة، فعلا فكرة غريبة، إذا كيف يستطيع السياسيون المستهدفون من نيل أصوات اللبنانيين الانتخابية، ويفشل الفنانون المحبوبون في نيلها، برأيكم إذا ترشح النجم المحبوب راغب علامة إلى انتخابات المجلس النيابي، كم صوتاً سوف يحصد. مع رجاء عدم إجراء مقارنات مع الفنان غسان الرحباني.
Leave a Reply