واشنطن – حمّل تقرير أعدته لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، برئاسة السيناتور جون كيري، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دونالد رامسفيلد، مسؤولية إخفاق القوات الأمريكية في أفغانستان في القبض على زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.
فبعد شهرين على الغزو الأميركي لأفغانستان تحت هدف “هزيمة نظام طالبان وتدمير القاعدة عبر القبض على زعيمها أو قتله” تمكنت القوات الأميركية من الإطاحة بنظام طالبان وطرد فلول تنظيم “القاعدة” من ملاذها الآمن في البلاد إلى المناطق الجبلية المحاذية لباكستان، بحد أدنى من الخسائر في الأرواح في صفوف القوات الأميركية.
غير أن التقرير قال إن “المهمة فشلت في القبض على بن لادن أو قتله”. وجاء في التقرير أن الفشل في “إنهاء المهمة” يمثّل “فرصة ضائعة” عملت على تغيير مجرى الصراع في أفغانستان والإرهاب الدولي المستقبلي، وترك الشعب الأميركي أكثر عرضة للتهديد ووضع أسس التمرد المسلح الدائر في أفغانستان ويهدد باكستان المجاورة حالياً.
وقد نجحت “القاعدة” في نقل مراكز قواها من أفغانستان إلى باكستان، حيث قامت بتدريب المتطرفين الذين تم ربطهم بالكثير من المؤامرات والأحداث في باكستان، بما في ذلك مؤامرة تفجير الطائرات المدنية عبر الأطلسي التي تم الكشف عنها في تموز (يوليو) 2005.
وأضاف التقرير أنه في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2001، تم تضييق الخناق على بن لادن ضمن مجموعة من الكهوف والأنفاق في المنطقة الجبلية المعروفة باسم “تورا بورا” في شرقي أفغانستان، ولم يكن بمعيته سوى عدة مئات من المقاتلين. وفي الأثناء كانت الطائرات الأميركية تدك المنطقة الجبلية الوعرة بالصواريخ والقذائف بمعدل 100 طلعة جوية يومياً، بل وتم قصفها بقذيفة زنتها 15 ألف رطل، والتي هزت الجبال على بعد أميال عديدة.
وباتت مسألة اجتياح المنطقة على أيدي القوات الأميركية والأفغانية المتحالفة معها مسألة وقت.
وكان يتوقع مقتل بن لادن، خصوصاً وأنه كان قد كتبت وصيته في الرابع عشر من كانون الأول، غير أن اليوم التالي كشف أنه مازال حياً، في حين لم يكن هناك سوى 100 جندي أميركي من قوات الكوماندوس مع حلفائهم الأفغان، الذين طالبوا بتعزيزات عسكرية لشن هجوم نهائي للقبض على بن لادن.
غير أن طلبهم قوبل بالرفض، وظلت القوات الأميركية بمن فيهم القناصة على المنحدرات الجبلية، فيما اعتمدت القوات الأميركية على عمليات القصف الجوي وعناصر القوات الأفغانية وفيلق الحدود الباكستاني الحليف لشن هجمات على معاقل القاعدة في المنطقة الجبلية. أما من اتخذ قرار عدم نشر قوات أميركية لملاحقة بن لادن أو عدم إغلاق المنافذ في وجهه لمنعه من الهرب إلى المناطق الجبلية في باكستان، حيث يعتقد أنه ما يزال هناك حتى الآن، فهو وزير الدفاع الأميركي السابق، دونالد رامسفيلد، وقائد قواته الجنرال تومي فرانكس.
وقال رامسفيلد في ذلك الوقت إنه كان يشعر بالقلق من أن وجود عدد كبير من القوات الأميركية في أفغانستان سيخلق حالة عداء للأميركيين ويغذي التمرد المسلح على نطاق واسع.
وأوضح التقرير أنه كانت في الجوار قوات أميركية كافية لمهاجمة بن لادن ومنعه من النجاة، غير أن رامسفيلد وفرانكس رفضا ذلك بحجة القلق من إمكانية تعرض القوات الأمريكية لخسائر، في حين أن القادة العسكريين في الميدان وفي كل مكان في أفغانستان قالوا إن الأمر كان يستحق المجازفة.
وبعد نجاة بن لادن وفراره، انتقد قادة عسكريون ورجال المخابرات ومحللو المعلومات الاستخباراتية فشل البنتاغون في شن هجوم شامل رغم “قسوة” اللغة في خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش آنذاك. على أن فرانكس ونائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، وغيرهما من القيادات دافعوا عن قرار رامسفيلد مشيرين إلى أن المعلومات حول موقع اختباء بن لادن لم تكن مؤكدة. على أن كافة المعلومات والمقابلات السرية والمتاحة حول موقع بن لادن أكدت أنه كان موجوداً في تورا بورا.
Leave a Reply