بغداد – بعد ثلاثة أسابيع من مرور الموعد الذي أعلنه الرئيس الأميركي جورج بوش حول ابرام الاتفاقية الأمنية مع بغداد مازالت الإدارة الأميركية تخوض مفاوضات «معقدة» مع الحكومة العراقية حول عدة نقاط أساسيسة عالقة. إلا أن لا تزال لغة التفاؤل الأميركي سارية حول هذه المفاوضات وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس من بغداد الخميس الماضي، فقد أكدت أن الاتفاق الأمني بشأن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق «أصبح وشيكاً»، قائلة إن الولايات المتحدة والحكومة العراقية «تعملان كشركاء معاً لوضع مصلحة الجانبين في الاعتبار».
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها العراقي هوشيار زيباري، في بغداد الخميس، إنه تم تقريباً الانتهاء من إعداد مسودة أولية للاتفاق «الاستراتيجي» المزمع بين الجانبين.
من جانبه، قال وزير الخارجية العراقي إنه «تم إحراز تقدم كبير» فيما يتعلق بالاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة، مؤكداً أن الجانبين «أصبحا قريبين جداً من الاتفاق على الصياغة النهائية» للاتفاق.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية قد وصلت إلى بغداد الخميس في زيارة مفاجئة للعراق، وقال صحفيون يرافقونها في هذه الرحلة أنها تعتزم لقاء كبار المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء، نوري المالكي، وعلى رأس جدول أعمالها البحث في الاتفاقية الأمنية الخاصة بتنظيم الوجود العسكري الأميركي.
وذكرت تقارير أن رايس وصلت بغداد قادمة من قاعدة أنغرليك الأميركية في تركيا، والتي كانت قد أمضت ليلتها فيها الأربعاء الماضي قادمة من بولندا.
ونقل الصحفيون عن رايس قولها، إنها تعتقد بأن الزيارة «قد تكون مفيدة لمتابعة آخر التطورات وإفادة الرئيس، جورج بوش، بها»، ومعرفة الأمور التي ظلت عالقة.
وأضافت «إنها أوقات تبعث على السرور، نحن في وضع نعتقد فيه بأننا سنتمكن من تسليم معظم المهام الأمنية للعراقيين».
وجاءت الزيارة بعد ساعات من كشف مصدر عسكري أميركي لشبكة «سي أن أن» أن الحكومة العراقية توصلت إلى مسودة اتفاق أولية مع واشنطن، حول وضع قوات الولايات المتحدة في العراق ومستقبل وجودها العسكري، بعد أشهر من المفاوضات التي شهدت الكثير من التعثر على خلفية مطالب عراقية بوضع جدول زمني للانسحاب الأميركي.
غير أن المصدر أكد أن المسودة ما تزال تعاني بعض المشاكل على مستوى الصياغة، وقد قبلها الجانب الأميركي، لكنها ما تزال بحاجة لموافقة البيت الأبيض، في حين أن الجانب العراقي ما يزال بحاجة لعرضها على حكومته التي قد لا تقرها على الفور.
وكان وكيل وزارة الخارجية العراقية، محمد الحاج حمود، قد أشار مؤخراً إلى أن المسودة ستؤكد ضرورة انسحاب القوات الأميركية «من المدن والقرى» العراقية بحلول 30 حزيران (يونيو) 2009، غير أن الجانب الأميركي عاد فشدد على أن الاتفاق لن يحدد سوى «إطار زمني عام» يجري تطبيقه وفقاً لتطور الأوضاع ميدانياً.
وقال المصدر الأميركي الذي رفض الكشف عن اسمه، إن تاريخ 30 حزيران (يونيو) هو «هدف» نهائي، إلا أنه لا يجب أن يكون إلزامياً.
وأضاف «هذا التاريخ ليس جدولاً زمنياً، بل هو مشروط بتوفر الظروف».
بالمقابل، نفت الجهات الرسمية في الولايات المتحدة أن تكون بغداد وواشنطن قد توصلتا إلى «اتفاق أمني نهائي»، وقال روبرت وود، الناطق باسم الخارجية الأميركية إن ذلك «لم يتحقق بعد».
أما كبير مسؤولي الإعلام في البيت الأبيض، غوردون غوندرو، فأشار إلى أن المفاوضات «ما تزال جارية» بهدف إنجاز الاتفاقية.
وكان عدد كبير من المسؤولين الحكوميين العراقيين قد تناولوا خلال الأسابيع الماضية قضية الاتفاقية الأمنية، مشيرين إلى أنها ستنص على وجوب انسحاب الوحدات المقاتلة الأميركية من العراق بحلول عام 2010، على أن تغادر سائر الوحدات مع نهاية عام 2011.
وسيلزم الاتفاق الجديد، وقف ما ذكره المسؤولون العراقيون، القوات الأميركية على ملازمة قواعدها، وعدم التجول في دوريات، مع إمكانية أن تطلب بغداد من الجيش الأميركي تمديد فترة وجوده في العراق لاحقاً.
يذكر أن الوجود العسكري الحالي للقوات الأميركية على الأراضي العراقية يعتمد على قرار من مجلس الأمن تنتهي صلاحية العمل به بحلول نهاية العام الحالي، وترغب الولايات المتحدة بوضع اتفاق جديد قبل ذلك التاريخ، ينظّم الوجود العسكري لقواتها في العراق مستقبلاً.
ويلقى وضع اتفاق من هذا النوع معارضة العديد من القوى العراقية، وخاصة التيار الصدري، الذي طلب زعيمه، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، من «المرجعية» الشيعية إصدار موقف يحظر وضع اتفاقيات مماثلة، متعهداً بدعم الحكومة – رغم اختلافه معها – إذا قامت بذلك.

Leave a Reply