شيع آلاف من السودانيين الكاتب الروائي الطيب صالح، الذي يعتبر رحيله خسارة كبيرة للرواية العربية والعالمية، إلى مثواه الأخير بعد أن وصل جثمانه إلى الخرطوم من العاصمة البريطانية لندن.
ولد الطيب في شمال السودان عام ١٩٢٩ ودرس العلوم في جامعة الخرطوم ثم سافر إلى لندن ودرس الشؤون الدولية وعمل في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ثم عمل بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) في باريس وكان ممثلا لها في منطقة الخليج، كما عمل في وزارة الإعلام بدولة قطر.
ويُعدّ الطيب صالح واحدًا من أكبر الروائيين العرب في القرن الـ٢٠، وقد سطر اسمه في سجل الإبداع العربي بروايته الشهيرة “موسم الهجرة إلى الشمال” التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة، واستحق بها لقب “عبقري الرواية العربية”.
ورأى بعض الكتاب أن “موسم الهجرة إلى الشمال” طرحت قضية العلاقة بين الشمال والجنوب والإسلام والغرب بشخص مصطفى سعيد الذي غزا بريطانيا بعلمه وفحولته، قبل أن يطرحها المفكر الأميركي المثير للجدل صموئيل هنتغنتون بعشرات السنين.
غطت شهرة هذه الرواية على روايته الأولى “عرس الزين” التي كتبت عام ١٩٦٢ واستمرت مخيمة على باقي أعماله الأخرى التي صدرت في سبعينيات القرن العشرين. لكن “عرس الزين” حصلت على بعض الاهتمام عندما حولها المخرج الكويتي خالد الصديقي إلى فيلم يحمل الاسم ذاته، جرى عرضه في مهرجان كان عام ١٩٧٤.
وخلال عمله في “بي بي سي” في الخمسينيات كتب أول نص قصصي له بعنوان “نخلة على الجدول” وأذاعه عبر الإذاعة ذاتها. وأعقبه بـ”دومة ود حامد” العمل الذي يتناول حياة قرويين سودانيين يتمسكون بأرضهم وقيمهم. ونُشر العمل عام ١٩٦٠ بمجلة “أصوات” المتخصصة في الثقافة بلندن، وقد قام محرر المجلة المستشرق ديفد جونسون بترجمتها.
أثناء إقامته في لندن -التي كان يعود إليها من رحلاته الكثيرة- اشتغل الطيب صالح بالكتابة الصحفية حيث شارك في مجلة “المجلة” العربية الأسبوعية عبر زاوية ثابتة على مدى عشرة أعوام سماها “نحو أفق بعيد”. تناول فيها قضايا وهموم الكتابة بأجناسها المختلفة بقدر كبير من الجدية والرصانة.
وقد عمل الطيب صالح لفترة في الإذاعة السودانية، حيث اشتهر بسرده لسيرة ابن هشام في برنامج “سيرة ابن هشام” وبتقديم مقابلات مع رواد سودانيين في الأدب والفن.
حظي صالح بتقدير النقاد من كافة التيارات السياسية وصدرت عنه كتب نقدية منها “الطيب صالح عبقري الرواية العربية” بأقلام عدد من النقاد عام ١٩٧٦ كما فاز بجائزة ملتقى القاهرة الثالث للإبداع الروائي عام ٢٠٠٥.
وفي نهاية الشهر الماضي أرسلت مؤسسات ومراكز ثقافية في الخرطوم منها اتحاد الكتاب السودانيين رسالة إلى الأكاديمية السويدية ترشح فيها الطيب صالح لنيل جائزة نوبل في الآداب.
Leave a Reply