أطلق «يوم شباب مترو ديترويت» وأسّس منظمات تجارية أبرزها «جمعية ميشيغن للأغذية والمشروبات»
بلومفيلد
فقد المجتمع العربي الأميركي وعموم المجتمع الأميركي في ولاية ميشيغن، الصحافي ورجل الأعمال والقيادي المجتمعي المخضرم، إدوارد «إد» ديب عن عمر ناهز 89 عاماً في 2 أيلول (سبتمبر) الجاري، بحسب بيان نعي أصدرته عائلته.
ويُعتبر ديب أحد أهم الشخصيات في تاريخ ولاية ميشيغن الحديث، حيث ساهم في الارتقاء بمستويات العمل الاجتماعي والاقتصادي والتنموي والإعلامي وتحديداً في منطقة ديترويت الكبرى، تاركاً مسيرة حافلة بالعطاء والعمل التطوعي والأثر الطيب.
وكان ديب المولود في ديترويت عام 1936 لعائلة من أصول سورية لبنانية، قد اشتهر بتأسيس «يوم شباب مترو ديترويت» إلى جانب العديد من الجمعيات التجارية التي تضم آلاف الأعضاء في أنحاء ميشيغن، كما تميزت مسيرته في خدمة المجتمع المحلي على مدار 65 عاماً، بوصفه «سفيراً ثقافياً» عمل على التخفيف من حدة التوترات بين مختلف الجماعات العرقية في منطقة ديترويت، بما في ذلك المجتمعات العربية والكلدانية والأفريقية الأميركية.
وفي بيان النعي، وصفته عائلته بأنه «رجل وطني لا يكل، وصانع سلام، ورائد أعمال، ومدافع عن حقوق الشباب، وفاعل خير»، موضحة أنه توفي بمنزله في بلدة بلومفيلد لأسباب طبيعية.
وبحسب ديب، الذي خلّف وراءه زوجة وابناً وابنة وخمسة أحفاد، كان للخبرة الاجتماعية التي اكتسبها من خلال عمله في متاجر البقالة المملوكة لوالده في ديترويت، الأثر البالغ في نجاح جهوده في تقريب وجهات النظر بين المكونات العرقية المختلفة في المدينة ومعالجة الأزمات الطارئة بينهم، لاسيما بين أصحاب الأعمال العرب والكلدان من جهة، وسكان الأحياء من الأميركيين السود من جهة أخرى.
وبرز ديب –بدايةً– كصحافي من خلال جهوده في توثيق الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة خلال الاضطرابات العرقية التي شهدتها ديترويت عام 1967 والتي حاز من خلالها على تكريم خاص من مجلس الشيوخ الأميركي. ومنذ ذلك الحين، عمد الشاب الثلاثيني إلى تركيز جهوده على تخفيف التوترات العرقية في المدينة، مطلقاً مسيرة حافلة بالتنظيم والعطاء في هذا الإطار.
فعلى مدار مسيرته، حرص ديب على تنظيم الأعمال التجارية الصغيرة عبر تأسيس عدة منظمات لرعاية مصالحها، وعلى رأسها «جمعية ميشيغن للأغذية والمشروبات» التي قادها منذ العام 1964 حتى تقاعده، ومن جهة أخرى، بادر ديب إلى إطلاق العديد من المبادرات الخيرية لمساعدة المجتمع المحلي عبر التبرعات الخيرية وإقامة النشاطات الاجتماعية، ومن أبرزها «يوم شباب مترو ديترويت».
وقالت عائلة ديب: «لعائلتنا ذكريات جميلة كثيرة عن والدنا، وسنفتقده بشدة. كما ندرك أنه كان يعني جزالة العطاء للكثيرين في منطقة مترو ديترويت»، موضحة أن الفقيد عاش مع أسرته في مدينة غروس بوينت شورز لمدة 40 عاماً.
وأسّس ديب «يوم شباب مترو ديترويت» عام 1981 لتخفيف التوترات بين الشباب والتجار المحليين، ومنذ ذلك الحين، قاد ديب هذا الحدث السنوي ليصبح أكبر فعالية شبابية في ولاية ميشيغن.
ويتضمن «يوم شباب مترو ديترويت»، الذي يقام سنوياً على جزيرة بيل آيل، أنشطةً تعليميةً وفعالياتٍ رياضيةً وورش عملٍ وترفيه ومأكولاتٍ وألعاباً وخيام صلاةٍ ومعلوماتٍ عن الجامعات. وقد ازداد عدد المشاركين في الفعالية من 1,100 طفل في عامها الأول إلى أكثر من 30 ألفاً في تموز (يوليو) 2025.
وعلى مستوى تنظيم الأعمال التجارية، أسس ديب وشارك في تأسيس عدة منظمات تجارية مثل «جمعية ميشيغن للأغذية والمشروبات»، و«جمعية ميشيغن للأعمال والمهن» المعروفة باسم MichBusiness، وجمعية تجار سوق «إيسترن ماركت» في وسط ديترويت.
وعُرف ديب بكونه مناصراً للشركات الصغيرة، وكثيراً ما «كان يُوفق بين الشركات والجهات الحكومية ورواد الأعمال والسكان من مختلف الجماعات العرقية»، وفقاً لبيان العائلة.
كذلك، شغل ديب مناصب قيادية في منظمة «يونايتد واي» الخيرية، وجمعية الكشافة الأميركية، وجمعية المحافظة على جزيرة بل آيل، حيث تم إطلاق اسمه على أحد الشوارع في الجزيرة عام 2018.
وخلال مسيرته الحافلة، حاز ديب على العديد من الجوائز، من بينها وسام «نقطة الضوء» الوطني الذي منحه إياها الرئيس جورج بوش الأب عام 1991 عن تأسيسه وقيادته «يوم شباب مترو ديترويت»، كما نال ديب جائزة القيادة المجتمعية من مكتب التحقيقات الفدرالي عام 2011.
وأُدخل ديب إلى قاعة مشاهير الصحافة في ولاية ميشيغن لمسيرته الغنية في مجلة «كورب!»، كما منحته جامعتا «ماريغروف» و«دافنبورت» شهادتي دكتوراه فخريتين.
ويشار إلى أن الراحل تخرج من «جامعة ميشيغن ستايت» بشهادتي بكالوريوس بالصحافة والإعلان عام 1960، والتحق بعد ذلك بصفوف القوات الجوية الأميركية وخدم في صفوف الاحتياط.
وخلال مسيرته كصحافي في ستينيات القرن الماضي، عمل ديب كمنسّق إنتاج ومراسل ثم كمحرر لمجلة «غروسرز سبوت لايت» المتخصصة بشؤون متاجر البقالة. وفي وقت لاحق عمل ديب محرراً لمجلة «كورب» !Corp الاقتصادية المتخصصة بشؤون أصحاب الأعمال والرؤساء التنفيذيين.
وأصدر ديب في العام 2021، كتاباً يروي فيه تفاصيل مثيرة عن مسيرته الغنية بعنوان «الرجل المُفضّل: حياة وذكريات رجل مُحرِّك ومغيًّر وصانع سلام في منطقة ديترويت».
وفي مقابلة مع «صدى الوطن» تعود إلى عام 2007، أكد ديب على فخره بأصوله العربية قائلاً إنه لم ينس جذوره قط، مشيراً إلى أن والده جورج ديب كان قد هاجر من سوريا إلى الولايات المتحدة عام 1911، وعمل في مصانع «فورد» للسيارات لمدة عشرين سنة تقريباً قبل أن يمتلك ثلاثة متاجر بقالة في مدينة ديترويت.
وكذلك، كانت والدته، سارة مشهور، ضمن موجات المهاجرين السوريين واللبنانيين الذين جاؤوا إلى ميشيغن في أوائل القرن العشرين.
Leave a Reply