والده سوري من حمص.. لم يجرؤ يوما على الاتصال به
الأربعاء الماضي توفي ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “آبل” التي ساهم في تأسيسها، عن 56 عاماً، بعد معاناة من مرض سرطان البنكرياس، وجاءت وفاته بعد قليل من كشف عملاق التقنية الأميركي عن أحدث منتجاته، “آي فون 4 أس”. وأعلنت “أبل” وفاة جوبز في بيان بوقت متأخر الأربعاء الماضي، جاء فيه: “الإبداع والشغف والطاقة التي تمتع بها جوبز كانت مصدرا لاختراعات لا تعد ولا تحصى، أثرت وحسنت حياتنا..”.
ويوصف جوبز، وهو من أصول سورية، بأنه أحد أعظم الرؤساء التنفيذيين في جيله بالولايات المتحدة، وبأنه “ليوناردو دا فينشي العصر”، كما امتدحه الكاتب الصحفي في “نيويورك تايمز”، جو نوكيرا، في وقت سابق بأنه: “واحد من أعظم المبتكرين في تاريخ الرأسمالية الحديث”.
وصارع جوبز لسنوات مرض السرطان قبيل تنحيه، في آب (أغسطس) الماضي، كرئيس تنفيذي لـ”آبل” لعدم “قدرته الوفاء بالتزاماته والتوقعات”.
وقال حينها “لطالما قلت إنه إذا جاء اليوم الذي لا يمكنني فيه من القيام بواجباتي على أكمل وجه ووفقاً للتوقعات المطلوبة من الرئيس التنفيذي، فإنني سأكون أول من يعلمكم بذلك”.
يشار إلى أن ستيف جوبز كان قد نال إجازة مرضية في كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد أخرى خضع خلالها لعملية زراعة كبد سرية عام 2009، وتذبذب أسعار أسهم الشركة على وقع مخاوف حيال حالته الصحية.
وقاد جوبز الشركة، التي كانت في طريقها للانهيار في وقت ما، ليجعلها واحدة من أكثر الشركات ربحاً وتفوقاً في العالم.
يذكر أن جوبز ساهم في تطوير أجهزة الكمبيوتر “ماك” وأجهزة “آي بود” و”آي باد”، ولولا هذه الأجهزة لما كانت شقت طريقها لتصبح قوة فعالة في رسم ملامح التقنية الحديثة. وتم تبني جوبز بعد ولادته في 24 شباط (فبراير) عام 1955، وترعرع في مدينة كوبرتينو في كاليفورنيا، الولاية التي أصبحت المقر الرئيسي لشركة “آبل”. وأظهر شغفاً بالالكترونيات منذ مطلع مراهقته، وعُرض عليه عمل صيفي في شركة “هويليت-باكارد” بعدما هاتف رئيسها التنفيذي، ويليام هويليت، طلباً لقطع غيار لمشروع مدرسي. والتقى أثناء فترة عمره بالشركة بستيف ووزنياك، وأسسا لاحقاً نادي “وادي السيليكون”، وقررا بعد انضمام آخرين إليهما تأسيس شركة “آبل كمبيوتر انك”، في كراج عائلة جوبز عام 1976، واضطر جوبز لبيع سيارته لتمويل المشروع.
وفي العام التالي، كشفت “آبل” عن كمبيوتر “آبل 2” لتنطلق في إثره الشركة لإحداث ثورة في عالم تقنية المعلومات وأجهزة الكمبيوتر الشخصي.
ومن أقوال جوبز “عملك سيشغل حيزاً كبيراً في حياتك، والسبيل الوحيد للرضا الحقيقي هو القيام بما تعتقد أنه عمل عظيم، والسبل الوحيد لتحقيق هذا هو أن تحب ما تفعله”، وذلك في كلمة ألقاها أمام خريجي جامعة “ستانفورد” عام 2005.
ونعاه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ببيان اعتبر فيه أنه: “كان من بين أعظم المبتكرين الأميركيين، شجاعاً بما يكفي للتفكير بطريقة مختلفة، وجسورا بما يكفي ليؤمن بأن بإمكانه تغيير العالم، وموهوبا بما يكفي لتحقيق ذلك”.
أصوله السورية
جوبز، ذو أصول سورية، لكنه حصل على اسمه من والديه بالتبني، وهما بول وكلارا جوبز. لكنّ والد ستيف البيولوجي سوري، وهو ابن عائلة ثريّة من حمص، اسمه عبد الفتاح الجندلي. الإطلالة الوحيدة على حياة الجندلي (1931)، أتاحها الصحافي مهنّد الحاج علي، في لقاء أجراه معه خلال كانون الثاني (يناير) الماضي في صحيفة “الحياة” اللندنية.
وحسب الحاج علي، أقام الجندلي في بيروت مطلع الخمسينيات، حيث كان يتابع دراسته في “الجامعة الأميركية”، وهو قومي عربي، وكان رئيساً لجمعيّة “العروة الوثقى”، وعلى تماس مع قادة حركة القوميين العرب، وخصوصاً جورج حبش. بعد حلّ جمعيّة “العروة الوثقى” عام 1954، هاجر الجندلي إلى أميركا حيث أكمل دراسته وحاز شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية. أنجب الجندلي ابنه حين كان لا يزال طالباً، من زميلته في الدراسة جوان شيبل. العقلية المحافظة لأهل الحبيبة، منعت الثنائي من الزواج، ودفعت أم جوبز مكرهةً إلى عرض ابنها للتبنّي. لاحقاً، تزوّج الجندلي شيبل، وأنجبا ابنةً اسمها منى، لكنّهما انفصلا، فحملت الطفلة اسم زوج والدتها الثاني لتصير منى سمبسون، وهي روائية أميركية شهيرة. أما سبب الانفصال، فكانت عودة الجندلي للإقامة في سوريا إبان الوحدة مع مصر.
خلال شبابه، بحث جوبز عن والديه البيولوجيين، ويقول مهنّد الحاج علي إنّه “التقى بوالدته التي كانت تحمل الكثير من مشاعر الضغينة للجندلي، وأدت دوراً أساسياً في قطع العلاقات بين ستيف ووالده البيولوجي”. بعد سنوات، عاد جوبز والتقى أخته منى، وبقيت العلاقات بينهما مستقرّة، لكنّه لم يلتقِ والده قط، وكان يرفض ذكره في أي لقاء. واقتصرت العلاقة بين الاثنين على بعض الرسائل الإلكترونية في الأعياد، لكنّ “الجندلي لم يجرؤ يوماً على رفع سماعة الهاتف لمخاطبة ستيف” بحسب الحاج علي.
الجندلي الذي درّس العلوم السياسية في الجامعة، يدير حالياً كازينو في ولاية نيفادا، ويحلم بالعودة مرّة ثانية إلى بيروت، وما زال يحتفظ بأفكاره القومية العربية العتيقة.
Leave a Reply