أول امرأة من أصل عربي تشغل عضوية الكونغرس الأميركي
كليفلاند
عن عمر ناهز 85 عاماً، توفيت الرائدة السياسية والحقوقية المخضرمة ماري روز عوكر يوم السبت 13 أيلول (سبتمبر) الجاري، في دار للمسنين بمدينة كليفلاند في ولاية أوهايو، حيث أمر الحاكم مايك ديواين، بتنكيس الأعلام في جميع المباني الحكومية طوال يوم جنازتها المقرر في العشرين من الشهر الحالي، تكريماً لمسيرتها الاستثنائية في خدمة المجتمع المحلي وعموم البلاد.
وكانت عوكر التي ولدت لأبوين من أصول سورية لبنانية في عام 1940، أول عربية أميركية تنتخب لعضوية مجلس النواب الأميركي حيث مثّلت ولاية أوهايو عن الحزب الديمقراطي لثماني دورات متتالية بين عامي 1977 و1993، وتميزت خلالها بالدفاع عن حقوق النساء الاقتصادية والصحية.
كما تولت عوكر، رئاسة «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي)، بين عامي 2003 و2010 حيث قادت المنظمة غير الربحية خلال مرحلة حساسة بعد هجمات «١١ سبتمبر» الإرهابية عام 2001، مركزة على حماية الحقوق المدنية للعرب الأميركيين بمواجهة موجاتٍ غير مسبوقة من التمييز والمراقبة الحكومية ضدهم، حيث نجحت عوكر –خلال تلك الحقبة– في بناء عديد التحالفات مع المنظمات المدنية والمراكز الحقوقية الأميركية لتقديم الدعم القانوني للمتضررين، إلى جانب تعزيز الوعي بالقوانين الفدرالية ضد التمييز، وإرساء المبادرات التشريعية.
وبرز إرث عوكر التشريعي في جهودها الدؤوبة لتحقيق المساواة المؤسسية في الكونغرس، إذ نجحت في تأسيس «كتلة النساء» في مجلس النواب الأميركي، بالإضافة إلى دفاعها المستمر عن حقوق كبار السن، من خلال خدمتها في لجنة مجلس النواب الخاصة بشؤون الشيخوخة، وتقديم عديد التشريعات لحماية المسنّين من الإساءة وتوسيع خدمات الرعاية المخصصة لهم، ليتم تعيينها في عام 1995، ضمن المجلس الاستشاري لمؤتمر البيت الأبيض لشؤون كبار السن من قبل الرئيس بيل كلينتون.
بالتوازي مع خدمتها في مجلس النواب الأميركي، تقدمت عوكر في المناصب القيادية للحزب الديمقراطي، حيث شغلت منصب نائبة رئيس «تكتل الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي» بين عامي 1985 و1989، لتصبح واحدة من النساء القلائل اللواتي شغلن مناصب قيادية ضمن الحزب الأزرق، في تلك الفترة.
ولدت عوكر لأسرة من الطبقة العاملة في مدينة كليفلاند، ونشأت في بيئة حضرية متنوعة انعكس أثرها لاحقاً على مسيرتها السياسية والاجتماعية، وبدأت حياتها المهنية كعاملة هاتف لتغطية تكاليف دراستها الجامعية.
وتخرجت عوكر من «كلية أورسولين» بدرجة بكالوريوس في التعليم عام 1962، ثم حصلت على درجة الماجستير في التربية من «جامعة جون كارول» عام 1966، كما درست التمثيل والفنون الدرامية في الأكاديمية الملكية للفنون في لندن، ووسعت دراستها في مجالات متعددة في «جامعة كولومبيا»، بما في ذلك الدراسات الإنسانية والتعليم.
وفي عام 1976، أطلقت عوكر حملة مبتكرة للكونغرس، استخدمت خلالها سيارة «فورد» من طراز «موديل تي» مزينة بالورود، ووزعت أقلاماً على شكل وردة لتذكير الناخبين باسمها (روز)، وقالت عن الحملة: «كنا نجوب المدن بالسيارة، ويخرج الناس لرؤيتها، وكان ذلك يمنحني فرصة للتعرف عليهم».
وبعد مغادرتها الكونغرس مطلع عام 1993بسبب خسارتها أمام الجمهوري مارتن هوك في انتخابات 1992، انبرت عوكر للخدمة في مجلس نواب ولاية أوهايو من عام 2001 حتى 2003، وكذلك في مجلس تعليم الولاية من 2012 حتى 2016.
وركزت عوكر خلال مسيرتها العامة على تعزيز مكانة مدينة كليفلاند على المستويين المحلي والوطني، وكان من أبرز جهودها في هذا المضمار، العمل على استضافة المدينة لـ«قاعة مشاهير الروك أند رول» بهدف جذب السياحة ودعم الثقافة الموسيقية المتجذرة في تاريخ المدينة، إلى جانب دعمها لمشاريع الإسكان الميسورة لكبار السن، وحماية بحيرة إيري.
وعلى المستوى الشخصي، اتصفت عوكر بالتواضع والقدرة على التواصل مع الناس، بالإضافة إلى المرونة والصلابة في مواجهة التحديات السياسية والصحية، حيث كانت تحرص على الانخراط المجتمعي حتى أنفاسها الأخيرة.
وقالت «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» في بيان لها: «جسّدت عضوة الكونغرس عوكر قيم العدالة والخدمة والنزاهة. فهي لم تكن مدافعة شرسة عن العرب الأميركيين فحسب، بل كانت أيضاً صديقة عزيزة ومرشدة للكثيرين في مجتمعنا».
وأمر حاكم أوهايو الجمهوري ديواين تنكيس أعلام الولايات المتحدة وولاية أوهايو من على جميع المباني والأراضي العامة في مقاطعة كوياهوغا التي تضم كليفلاند بالإضافة إلى مبنى الكابيتول في عاصمة الولاية كولومبوس ومبان حكومية أخرى، من شروق الشمس إلى غروبها في يوم جنازتها.
Leave a Reply