اتصلت بكاتب المقال–الرد كي استوضح منه بعض الأمور، فوجدته رجلاً طيباً وبسيطاً من الجالية اليمنية الكريمة، لكنه لا يجيد كتابة العربية أو حتى التحدث بها، وعليه أحيل الرد إلى صاحب المقال الفعلي والحقيقي: ادارة المجمع الإسلامي المسؤولة (فقط المسؤولين والضالعين بصياغة المقال) وأمينه العام فؤاد بري الذي بدوره طلب من رئيس التحرير نشر المقال كاملاً تحت حجة أنه رأي لأحد داعمي المجمع الإسلامي!
أما بعد،
لقد دعوتكم في مقالي السابق إلى تقديم الإجابة عما حصل حتى يبقى المجمع الإسلامي للكل دون تفرقة وتمييز، ذكرت وقائع حصلت أمام جمهور واسع من الناس، وكنت شاهداً على جزءٍ منها، والنَّاس لا زالت تتداولها حتى الساعة. أبرزت الشاهد والدليل وهي الرسالة التي تم إيصالها إلى السيد القزويني وفيها قرار من إدارة المجمع بمنعه من صعود المنبر. ذكرت أيضاً ما حصل مع الشيخ حسن حبحاب الذي بالمناسبة ليس لي به سابق معرفة شخصية، ونقلت بعضاً مما كتبه على صفحته على موقع فيسبوك، والذي يعتبر وثيقة قانونية دامغة يحاسب عليها القانون وتدين صاحبها إذا ما كان هناك تعدّ على حقوق الآخرين، فجاء الرد بمقالٍ أقبح من ذنب، وبطريقة التوائية لا تنطلي على أحد وتعكس ذهنية راسخة في تدمير العمل المؤسساتي وتقويضه لصالح الأحادية والتعنّت والتحجّر…
لم تقاربوا جوهر الموضوع الذي تعرضت له ولم تفندوا الوقائع التي سردتها ولم تقدموا شرحاً حول منع السيد القزويني من صعود منبر المجمع الإسلامي، إلا إذا كان السيد القزويني قد خرج من الملّة ونحن لا نعلم ذلك، أفيدونا يرحمكم الله!
تجاهلتم الكلام النابي الذي تعرض به أمين عام المجمع فؤاد بري للشيخ حسن حبحاب، بل رحتم ومن خارج السياق تقصون (أو يقص) علينا مآثره وتسطّرون فيه (أو يُسطِّر في نفسه) المدائح و«الملاحم الخيرية»، وأنا معكم أربت على كتفه وأثني على كراماته الخارقة وأعماله الخيّرة النيّرة وأدعو له بالتوفيق في أعماله البنّاءة والمفيدة… ولكن ما زلت أحاول إيجاد الصِّلة بين الإساءة وعمل الخير، غير صدورهما من شخص واحد!
يقول الإمام الحسين (ع): الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محّصوا بالبلاء، قلّ الديّانون. فلا تحولوا الدين إلى تجارة وستارة تشبعون بها غرائزكم وترضون بها غروركم واغتراركم. ولا تحولوا جنازات الموتى إلى مناسبات لثأركم وبطشكم بالناس من دون اكتراث لمشاعر أهل مَن ارتحل عن هذه الدنيا. ولا تمارسوا سلطتكم الروحية والدينية مستغلين مصيبة أهل الفقيد كي تنتزعوا صكاً ببراءة من هنا وتبرير من هناك كي تُحولوا الأنظار عن جوهر المشكلة وأصلها.
لم يكن نقدي سلبياً كما ذكرتم، بل كان نقداً لتصرف سلبي دافعه الحرص على صرح إسلامي وروحي أكنّ له كل الاحترام ولا انتظر من أحد أن يعلمني ما هي قدسية المسجد ومقامه العالي النابعين من قوله تعالى: «انّ المساجد لله». فليس لأفراد مهما علا شأنهم ومهما غرتهم المقامات، أي مقام عالٍ أو أي قدسية أو تمييز عن أقرانهم من بني البشر.
يقول المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: لا تمكنوا الجهلة بالسيطرة على المجتمع، لأن المجتمع الذي يقوده الجهلة هو مجتمع يسير إلى الهلاك.
فيا سادة يا كرام، عودوا إلى رشدكم، واتركوا غروركم، وتصالحوا أولاً مع أنفسكم كي ينسجم القول مع الفعل ويقترن الكلام بالسلوك.
من يفشل في إدارة مدرسة لا يمكن الوثوق بقدراته لإدارة مجمع وقيادة مجتمع والتصدي لأمور العامة. ولا بأس إن أنصتم قليلاً لبعض الكفاءات والخبرات لإعطائكم درساً في إدارة المؤسسات المنتجة والناجحة، عسى أن تتعلموا وتتفقهوا بعلوم دنياكم العصرية في الإدارة والقيادة كي تتمكنوا من مواكبة الأجيال الجديدة بروح المحبة والسلام والوئام، بروحية الجمع لا التفريق والتقسيم، بروحية الاحتواء لا الانقضاض والانزواء.
مرةً أخرى أستعين بقول المرجع الحق آية الله فضل الله رحمه الله، «إن على أيّْ داعية لأي خط أو منهج أو فكرة أن يكون أول السائرين في الطريق الذي يدعو إليه». فكبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون فكيف اذا كُنتُم تنكرون ما تكتبون؟.
Leave a Reply