تصدرت السباق التمهيدي للديمقراطيين عن «الدائرة ١٣» .. بـفارق٨٨٧ صوتاً
ديترويت – «صدى الوطن»
سجلت العربية الأميركية رشيدة طليب –الثلاثاء الماضي– فوزاً مؤزراً في السباق الديمقراطي لتمثيل دائرة ميشيغن الـ13 في مجلس النواب الأميركي، ما يضع المرشحة الفلسطينية الأصل على أعتاب دخول التاريخ كأول مشرعة مسلمة في الكونغرس، باعتبار أن الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم محسومة لصالح الديمقراطيين سلفاً.
وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن تقدم النائب السابقة في مجلس نواب ميشيغن، على منافسيها الخمسة، وفي مقدمتهم رئيسة مجلس ديترويت البلدي برندا جونز التي جاءت في المرتبة الثانية، ورئيس بلدية وستلاند بيل وايلد الذي حل ثالثاً.
وتصدرت طليب السباق بحصولها على 27,803 أصوات (31.18 بالمئة)، فيما جاءت جونز بالمرتبة الثانية بـ26,916 صوتاً (30.18 بالمئة)، ووايلد بالمرتبة الثالثة بـ12.589 صوتاً (14.12 بالمئة).
أما السناتور في مجلس شيوخ الولاية يونغ كولمان الابن فقد حل رابعاً بـ11,162 صوتاً (12.52 بالمئة)، تلاه السناتور في مجلس شيوخ الولاية أيان كونيرز بـ5,861 صوتاً (6.57 بالمئة)، فيما حلت بالمرتبة الأخيرة النائبة السابقة في مجلس نواب الولاية شانيل جاكسون بـ4,848 صوتاً (5.44 بالمئة).
وكان مقعد الدائرة 13 قد شغر العام الماضي بتقاعد عميد مجلس النواب الأميركي السابق، الديمقراطي جون كونيرز (88 عاماً) عقب اتهامه بالتحرش الجنسي من قبل موظفات سابقات في مكتبه، منهياً بذلك مسيرة تاريخية استمرت 53 عاماً ممثلاً لمنطقة ديترويت تحت قبة الكابيتول في العاصمة واشنطن.
وتضم الدائرة 13 معظم مدينتي ديترويت وديربورن هايتس، إضافة إلى كامل مدن غاردن سيتي وإنكستر ووين ووستلاند وهايلاند بارك وإيكورس وريفر روج وروميلوس وبلدة ردفورد.
وستتولى طليب مقعد «الدائرة ١٣» في مجلس النواب الأميركي ابتداءً من مطلع العام ٢٠١٩، في حين ستتولى برندا جونز المقعد حتى انتهاء فترة النائب المتقاعد جون كونيرز نهاية العام الجاري، وذلك إثر فوزها بسباق ثانوي لإكمال ولايته النيابية.
الحملة مستمرة
مساء الثلاثاء الماضي، تجمع العشرات من أنصار طليب في صالة «موتور سيتي جافا» المتواضعة بديترويت، لمتابعة نتائج الانتخابات التمهيدية، حيث انتظرت المرشحة التي تعتبر «نصيرة الفقراء» حتى قرابة الثالثة فجراً لكي تكون على يقين كامل من فوزها الذي جاء بفارق حوالي ٨٨٧ صوتاً، وفق النتائج النهائية.
وفي خطاب إعلان النصر، قالت طليب: «إن فوزنا يظهر أن سكان الدائرة 13 يفضلون الاهتمام بحاجات الناس اليومية بدل الاهتمام بأرباح الشركات الكبرى»، مضيفة: «هذه هي البداية فقط.. إن نصرنا اليوم هو مصدر إلهام للفتيات والشبان اليافعين من جميع الخلفيات الدينية.. وأكثر من ذلك للتفكير بأنفسنا كقادة».
وقبل إعلان النصر، توجهت طليب إلى الناخبين بالقول إن «البشاعة والكراهية التي تسمعون عنها.. لا تعكس حقيقتنا»، مضيفة: «هذه ليست حال البلد.. أؤكد لكم أنني قمت بزيارة آلاف المنازل ولم يسألني شخص واحد عن عقيدتي الدينية». وشددت على أن الناخبين «يريدون شخصاً يهتم بتحسين جودة حياتهم».
ويوم الأربعاء الماضي، أبرقت طليب رسالة إلكترونية إلى مناصريها، كتبت فيها: «لقد منحتموني فرصة العمر لخدمة مجتمعي وبلدي كعضو في الكونغرس عن الدائرة 13». وتابعت: «لعدم وجود مرشح جمهوري في نوفمبر القادم فنحن بالتأكيد سنذهب إلى العاصمة واشنطن لكي نناضل من أجل رعاية صحية للجميع، ولرفع الحد الأنى من الأجور إلى 15 دولاراً بالساعة، وإرساء سياسات بيئية مستدامة، وكليات عامة مجانية، وحق المساواة، وإصلاح عادل للهجرة، وأكثر من ذلك بكثير».
ورغم عدم وجود منافس جمهوري، إلا أن ذلك لن يمنع طليب من مواصلة حملتها الانتخابية لحين إجراء الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، حيث أكدت لصحيفة «ديترويت نيوز» بأنها تنوي مواصلة «العمل على الأرض» والاستمرار في زيارة العائلات ضمن دائرتها الانتخابية وعقد المناقشات العامة.
وقالت: «أحبّ حقيقة أن الدائرة 13 ذات أغلبية من الأفارقة الأميركيين، وأنهم صنعوا التاريخ. هذه رسالة قوية ومؤثرة.. وسوف ترفعنا جميعاً».
عاطفية وصلبة
ووصف ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني فوز طليب بـ«الحدث الكبير»، قائلاً «المسلمون الأميركيون يواجهون الكثير من الكراهية والتمييز بعد هجمات ١١ أيلول (سبتمبر) 2001»، لافتاً إلى ارتفاع وتيرة الكراهية في أعقاب انتخاب الرئيس دونالد ترامب في 2016.
وأضاف: «إن نصر طليب يؤكد على قيم ولايتنا ومواطنيها.. إنه صفعة سياسية على الوجه الأيمن لترامب»، مشيراً إلى أن الكثير من داعميها هم من المهاجرين الذين «يعرفون معنى أن يكون لهم مكان على الطاولة».
ووصف السبلاني المرشحة الفائزة بـ«العاطفية والصلبة في آن»، قائل «إنها تشعر بأوجاع الفقراء وتدرك أنهم يعانون من نقص في الخدمات. إنها مقاتلة صلبة.. يمكن أن تكون عاطفية وهذا أمر جيد، فنحن بحاجة لأن يكون لدينا عواطف حول هذه المواضيع وحول الأشخاص الذين يناضلون من أجل تحصيل حقوق الناس».
من باب إلى باب
وكانت الحملة الانتخابية للناشطة السياسية والحقوقية قد انطلقت بحيوية كبيرة في شباط (فبراير) الماضي، حيث زار المتطوعون أكثر من 50 ألف منزل وتحدثوا إلى العائلات في جميع أنحاء الدائرة، من مدينة روميلوس غرباً إلى الجانب الشرقي من مدينة ديترويت.
كما بذل أخوها رشيد العبد جهوداً مكثفة في جولات مستمرة للتواصل مع «ما يزيد على أربعة آلاف ناخب عربي أميركي في منطقة وورنديل» (غرب ديترويت) التي تضم كثافة سكانية للجالية العراقية، وكذلك منطقة جنوب غربي ديترويت ذات الكثافة اليمنية واللاتينية، إضافة إلى ديربورن هايتس حيث تتركز الجالية اللبنانية في دائرتها.
وأشارت طليب إلى أن أخاها أخذ إجازة من عمله لمدة أسبوعين للتواصل مع الناخبين، حين أظهر أحد استطلاعات الرأي أن حظوظها بالفوز متقاربة مع حظوظ منافستها برندا جونز.
وشددت على أن قضايا الناس كانت «روح وقلب» حملتها الانتخابية، لافتة إلى أن «أي شخص يمكنه الترويج لنفسه من خلال اللوحات الإعلانية والرسائل البريدية والقمصان.. لكن تلك الأشياء جميعها لا تعادل قوة التحدث إلى شخص واقف على مصطبة منزله». وقالت: «إن اتصالي المباشر بهم (الناخبين) والاستماع والإجابة على أسئلتهم، ذلك الاتصال الإنساني المباشر.. هو أساس ما قمنا به خلال الحملة».
وخلال حملتها الانتخابية، حظيت بدعم التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي ونجحت في جمع أكبر حجم من التبرعات الانتخابية في السباق، مستفيدة من مسيرة سياسية وحقوقية حافلة أطلقت خلالها حملة «مكافحة الكراهية» ضد التمييز العنصري، قبل أن تنضم إلى الحركة الاحتجاجية المعارضة للرئيس دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية.
من أسرار النجاح
مدير حملة طليب الانتخابية آندي غوديريس لفت إلى أن الاستطلاع الذي أجرته الحملة في وقت مبكر، أظهر أن الناخبين الذين يعرفونها قد فضلوها بقوة على المرشحين الآخرين، مستدركاً «لكن الكثيرين في دائرتها لم يعرفوا من تكون.. لأنها كانت تنافس أشخاصاً معروفين ولهم تاريخهم السياسي الطويل في المنطقة».
وللتصدي لذلك التحدي، أضاف غوديريس، «ركزت الحملة جهودها على زيارة المنازل»، لافتاً إلى أنّ طليب قد قامت بزيارة ما ينوف على خمسة آلاف منزل خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات التمهيدية.
وتابع: «أن يأتي مرشح لمنصب رسمي إليك ويسألك عما يهمك.. فهذا مؤثر جداً»، مشيراً إلى أن حملة طليب الانتخابية قد «حددت عشرات الآلاف من الأشخاص الذين أرادوا التواصل معنا.. إنها عملية طويلة أن تبرق رسائل بريدية لتنبيههم حول الزيارات المخطط لها».
كما أشار إلى أن مستشار طليب، النائب السابق في مجلس نواب الولاية والمدير التنفيذي لمؤسسة «غلوبال ديترويت» المؤيدة للهجرة ستيف توبوكمان، هو من غرس فيها فكرة أن «طرق الأبواب مهم»، وأن «التركيز على أي شيء آخر هو مضيعة للوقت».
وأكد على أن الناخبين العرب الأميركيين باتوا أكثر اهتماماً بالانخراط السياسي في أعقاب وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وأن حملة طليب قد أدركت الحاجة إلى دفع الناخبين غير التقليديين إلى صناديق الاقتراع، وقال: «الناس كانوا متحمسين فعلاً لإسماع أصواتهم.. وإنني أشعر بسعادة غامرة للطريقة التي عبروا فيها عن أنفسهم».
وفي هذا السياق، أكدت طليب أنها كانت مدفوعة للترشح لأن الناس يريدون مرشحين يشبهونهم، كما أعربت عن اعتقادها بأن ترشح العربي الأميركي عبدول السيد لحاكمية ميشيغن قد ساعدها على كسب المزيد من التأييد.
وقالت: «الناس من أمثالي لا يترشحون للمناصب الرسمية والحكومية.. وأعتقد أن هذا الأمر يسبب مشكلة في الكونغرس وكذلك في كافة المستويات الحكومية… الحقيقة أن نصف الأشخاص في الكونغرس هم من أصحاب الملايين ولذلك فإن العديدين منهم لا يأبهون بحاجات الشعب الأميركي».
وأكدت أنها ستعمل على إنشاء مراكز خدماتية لتزويد السكان بالموارد والفرص، في جميع أنحاء دائرتها الانتخابية، في ديترويت وفي غرب مقاطعة وين وفي مدن الـ«داونريفر»، تماماً كما فعلت حين شغلت مقعد «الدائرة 6» في مجلس نواب الولاية (2008–2014)، كأول مسلمة تتولى هذا المنصب في تاريخ ميشيغن.
احتفال في فلسطين
توافد أفراد عائلة رشيدة طليب التي تستعد لتكون أول امرأة مسلمة تدخل الكونغرس الأميركي على منزل العائلة بالضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية للاحتفال بفوزها الأربعاء الماضي.
واستقبلت جدة رشيدة وأخوالها وخالاتها الجيران في قرية بيت عور الفوقا بالضفة الغربية المحتلة وتجمعوا أمام المنزل المؤلف من طابق واحد بجوار أشجار الزيتون لتقديم التهنئة.
وقال خالها بسام طليب «سعدنا وفرحنا كثيراً وهذا فخر لنا.. فخر لعائلتنا ولقريتنا ولفلسطين والعرب وللأمة الإسلامية».
وقالت عائلة طليب إن النائبة الأميركية المقبلة أقامت حفل عرسها في بيت عور في عام 1997، وإن آخر زياراتها للقرية كانت في عام 2006. ولدت رشيدة، وهي كبرى إخوتها الـ١٤ المولودين، لأبوين من المهاجرين الفلسطينيين في مدينة ديترويت. وعمل والدها في مصنع تابع لشركة «فورد»، وأصبحت أول امرأة مسلمة تنتخب لمجلس نواب ولاية ميشيغن، وهي متزوجة ولها ولدان.
Leave a Reply