القاضي بيطار يواصل التحقيق بانفجار مرفأ بيروت .. والحكومة تنكبّ على الملفات الشائكة
وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
انشغلت الأوساط الشعبية والسياسية خلال الأيام الماضية بقرار محكمة الاستئناف رفض كفّ يدّ قاضي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ، طارق بيطار، على عكس ما كان متوقعاً.
ومن خلال هذا القرار يكون البيطار قد حصل على جرعة دعم رسمية، محلية ودولية، تمكنه من السير قدماً في الملف الشائك رغم الانتقادات التي واجهها من قبيل اتهامه بالتسييس والاستنسابية في الاستدعاءات.
وعلى إثر قرار المحكمة، حدد البيطار مواعيد جديدة لاستجواب المسؤولين بدءاً من الوزير السابق علي حسن خليل في 12 أكتوبر الجاري، والوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق في 13 أكتوبر، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب في 28 منه. وكانت محكمة الاستئناف المدنية برئاسة القاضي نسيب إيليا قد ردّت طلبات النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر بكفّ يد البيطار عن التحقيق لعدم الاختصاص، وألزمتهم بدفع رسوم مالية بقيمة 800 ألف ليرة لكل طلب.
نيترات أيضاً وأيضاً…
وفي سياق متصل، أعلن الجيش اللبناني -الثلاثاء الماضي- ضبط أكثر من 28 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، في بلدة عرسال شمال شرقي لبنان قرب الحدود السورية. وقال الجيش في بيان إنه تم ضبط 28 ألفاً و275 كلغ من نيترات الأمونيوم، مدوَّن على أكياسها أن نسبة النيتروجين فيها 26 بالمئة. كذلك أعلن القبض على مواطن لبناني وثلاثة سوريين، وإحالتهم للتحقيق، فيما تُفحَص عيّنة من نيترات الأمونيوم للتحقق من نسبة النيتروجين فيها، وما إذا كانت مطابقة للشحنة التي انفجرت في مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
الحكومة الجديدة
عقد مجلس الوزراء جلسته الأولى في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يوم الأربعاء المنصرم، وذلك بعد عقد جلستها الأولى في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون في الأسبوع السابق.
وأكد وزير الإعلام عقب الجلسة أن الحكومة تعمل بكل إمكانياتها لمعالجة المشاكل، لاسيما الملحة منها، كما أكد الرئيس ميقاتي أن عدداً من المسؤولين الأجانب سوف يزورون لبنان خلال الأيام القليلة القادمة لتأكيد دعم بلدانهم للبنان، مضيفاً أنه أمام الحكومة «لوحة قيادة» من أربع نقاط هي «الحفاظ على الأمن بالاستناد إلى الجيش والقوى الأمنية وقوات الأمم المتحدة، والموضوع المالي، والموضوع الاجتماعي، بالإضافة إلى الخدمات العامة التي تشمل الكهرباء والمياه والهاتف والمرفأ والمطار والنفايات. وقد منح مجلس الوزراء موافقات استثنائية لجملة من القرارات.
ورداً على أسئلة الصحافيين حول البند المتعلق بعقود وزارة الطاقة، أجاب وزير الإعلام جورج قرداحي أن المسألة لم تناقش بسبب سفر وزير الطاقة الموجود في الأردن وهو لعقد اتفاقيات تتعلق باستجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن عبر سوريا. كما كشف قرداحي أنه جرى الطلب من وزير المالية إعداد الموازنة لعام 2022.
وفي ما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد، أشار قرداحي إلى أنها ستبدأ «قريباً جداً»، مؤكداً أن كل الأمور ما زالت قيد الدرس.
بدوره، أشار ميقاتي إلى أن أولوية الحكومة هي الوضع المالي والكهرباء، لافتاً إلى أن «لا قدرة لنا على شراء الوقود بالدولار لتشغيل معامل الكهرباء وتأمين التيار الكهربائي»، وتطرق رئيس الحكومة إلى ملف مرفأ بيروت كاشفاً عن مخطط لإعادة بنائه، وعن نية حكومته مساعدة أهالي ضحايا انفجار المرفأ من خلال تخصيص مبلغ 50 مليار ليرة لمساعدتهم.
وفيما يخص التحقيق في انفجار المرفأ، أكد ميقاتي مصداقية المحقق العدلي، مشيراً إلى توقيعه مشروع قانون يقضي برفع الحصانات عن الجميع للمثول أمام القضاء، لكنه لفت في الوقت عينه إلى أن الدستور يقول إن محاكمة الرؤساء والوزراء تجري أمام محكمة خاصة.
وبشأن الوقود الإيراني قال ميقاتي أن لا علاقة لحكومته بالبواخر الإيرانية.
ومن بين الوفود والشخصيات الأجنبية التي تتوافد إلى لبنان، بحث وزير الطاقة والمياه وليد فياض مع منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير، بيار دوكان، كيفية مساعدة لبنان في إطار الدعم الفرنسي على الصعد كافة. كما التقى السفيرة الايطالية نيكوليتا بومبارديير.
عبد اللهيان في بيروت
ومساء الأربعاء الماضي، وصل إلى بيروت وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حيث التقى في اليوم التالي، الرئيس عون الذي أكد له دعم لبنان للجهود التي تُبذل لتعزيز التقارب بين دول المنطقة.
من جهته، أكد عبد اللهيان لعون وقوف إيران الدائم إلى جانب لبنان. وقد التقى الوزير الإيراني في وقت لاحق ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. وأكد عبد اللهيان في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة اللبنانية بيروت، أن بلاده مستعدة لبناء معملَين للطاقة في لبنان، في غضون 18 شهراً. وأوضح أن طهران جاهزة أيضاً للمساعدة في إعادة بناء ميناء بيروت، في حال طلبت الحكومة اللبنانية ذلك. وكان عدد من الناشطين قد استبقوا وصول عبد اللهيان إلى بيروت، بتنظيم تظاهرة احتجاج في الأشرفية.
ترسيم الحدود
قبل نحو أسبوعين أعلنت إسرائيل أنها بدأت عملية التنقيب عن الغاز في إحدى المناطق البحرية المتنازع عليها مع لبنان. وعلى إثر ذلك أعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس عون، بحث مع رئيس الحكومة، ميقاتي، ووزير الخارجية، عبد الله أبو حبيب، الخطوات التي سيتخذها لبنان رداً على الخطوة إسرائيل.
وكانت الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة قد انتهت من دون نتائج وجرى تأجيل الجولة السادسة إلى أجل غير مسمى.
في موازاة ذلك، نُقل عن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية أن آموس هوشستين، ذي الأصول اليهودية والمولود في إسرائيل، وأحد المقربين جداً من الرئيس الأميركي جو بايدن، سيزور لبنان وإسرائيل هذا الشهر في محاولة لإعادة إحياء المحادثات، فيما طلب لبنان إيضاحات من المجتمع الدولي بعد أن منحت إسرائيل شركة الخدمات البترولية الأميركية «هاليبرتون» عقداً للتنقيب في المنطقة البحرية المتنازع عليها.
كسر الحصار مستمر
وسط التخبط الذي يعانيه اللبنانيون، أفادت خدمة «تانكر دراكر» لتتبع حركة الناقلات بأن السفينة الإيرانية الثالثة المحمّلة بالبنزين هذه المرة، قد وصلت مرفأ بانياس في سوريا، يوم الأربعاء الماضي لإفراغ حمولتها هناك ليقوم «حزب الله» في ما بعد بإدخالها إلى الأراضي اللبنانية عبر صهاريج توفرها الحكومة السورية على نفقتها الخاصة لتوزيعها في الداخل اللبناني.
وخلال الأسبوع الماضي، شهدت محطات الوقود عودة نسبية لـ«طوابير الذل» بعد أن سرت شائعات عن قرب نفاد الوقود من المحطات، وعدم موافقة المصرف المركزي على فتح اعتمادات جديدة لاستيراد الوقود.
مصادر في وزارة الطاقة أكدت أن لا عودة للطوابير على الأقل في الأيام العشرة المقبلة، لكن أسعار المحروقات سترتفع حكماً، وأن هناك اتجاهاً لإصدار جدول أسعار جديد من دون تحرير السعر كلياً، وأن الزيادة قد تكون بين 15 و20 ألف ليرة.
وبالفعل وقّع مصرف لبنان يوم الخميس الفائت أذونات لاستيراد مادة البنزين، في كميات ستكفي على الأقل لشهر تشرين الأول الجاري، ما قد يمنح بعض الاستقرار لسوق المحروقات.
وثائق «باندورا»
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» بمشاركة «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين»، ما سمّته «وثائق باندورا» التي تضمنت 12 مليون وثيقة، والتي كان للبنان، نصيب الأسد فيها من حيث عدد المسؤولين ورجال الأعمال الذي لجأوا إلى تسجيل شركاتهم في «ملاذات ضريبية» حول العالم.
الوثائق كشفت أسماء مهمة كرئيسَ الحكومة نجيب ميقاتي وسلفه حسان دياب، ومستشار رئيس الجمهورية النائب السابق أمل أبو زيد، والوزير السابق والمصرفي مروان خير الدين، وغيرهم من أصحاب وسائل الإعلام كتحسين خياط، ومصرفيين آخرين مثل سمير حنا وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تحقق معه بالفعل السلطات الفرنسية بتهمة غسل الأموال!
وفي رده على تسريبات «وثائق باندورا» التي كشفت أنه يمتلك شركة ساعدت على شرائه عقاراً في موناكو بأكثر من عشرة ملايين دولار، أكد ميقاتي أن ثروة عائلته قانونية وشرعية.
ما كشفته «وثائق باندورا» يأتي في وقت يعيش فيه اللبنانيون أسوأ أزمة في تاريخ بلدهم، وهي أزمة قد طالت مختلف جوانب حياتهم وأوصلتهم إلى حد الانهيار الشامل… لكن ذلك لم يمنعهم من التندّر على ما رشح عن «وثائق باندورا» بالقول: «المهم الزعماء يضلوا بخير»!
Leave a Reply