لم يكن بإستطاعتي التخيل ان السفر عبر الزمن ممكن، او ان إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ممكنةٌ أيضاً.
ولكني، وأنا الساذج بطبعي، نسيت في ذروة “ربيع العرب” المخضّب بدمائهم، نسيت كتب التاريخ الحمراء. نسيت بطش أبي لهب والحجّاج.. وكل “العظماء” من سفّاحي الأمة.
وبدل البحث في اعماق الذاكرة عن تلك الحقبة “المُشرقة” كان من الأسهل أن أفتح التلفاز لأُشاهد التاريخ وهو يتكرر أمامي؛ من تونس المُتحررة تواً من ديكتاتورية العلمانية والمتجهة نحو ديكتاتورية الراديكالية، إلى مصر التي لم تتحرر من قبضة الجيش إلا لتقع بها مرة أخرى؛ مروراً بليبيا واليمن القيد، الذي يُرخي تارة ليعود ليُطبق أطواراً أخرى.
وليس من الكفر التعريج على سوريا التي تغتسل بدماء أبنائها في إستقبال الشهر الفضيل؛ وأغلب الظن ان قيادتها “العلمانية” قد مستها الروحانيّة في شهر المغفرة؛ ليس إبتغاء مرضاة الله، لكن فقط لإيجاد مخرج “للغُسل” بالأحمر القاني.
هذا في بلادٍ أصرّت على أن تصوم شهر المغفرة تحت أعين اللات والعزة.. ونسيت كل تعاليم محمد الذي ما أتى إلا لتحطيمها.
أما عنّا نحن معشر المُغتربين، فقد ظننت أننا دفنا هفوات الأجداد حين قررنا أن ندفن قلوبنا في ترابهم قبل أن نرحل.
ولكن هيهات.. فنحن قومٌ نخلِقُ كل يومٍ “لاتنا وعزّتنا”.. حتى في بلاد العم سام التي جعلت من كل العالم سواسية.
ففي بلاد العم سام ومع بداية الشهر الكريم، يحدث ما كنت أظنه من الماضي السحيق؛ ويا ليتني تعلمت من كُتب التاريخ، لكان الوقع أخف وطأة.
كنت كما غيري أنتظر دوري لأشتري السحور كما هو مفروض، ولكن صاحب عمامة سوداء داخل للتو، وأخذ منا كل أدوارنا، وكيف لا وهو سليل النبي، وهو الفقيه الذي أعطاه جده؛ هو وحده؛ مفتاح القرآن.. ومفاتيح الجنان.
ويستحوذ المحترم على اهتمام الموظفين “الغلابى”، ومعهم رب عملهم الذي حرص على حمل مُشتريات المحترم المجانية إلى السيارة.
كنت أتمنى أن يأتي “رمضان كريم” لتشمل رحمته أطفال الصومال وبغداد والقدس.. وكل أطفال القهر في عالمنا المليئ بأمثال صاحبنا سابق الذكر.
ولكن رمضان المرجو ذلك لم يأتِ بعد، وسأبقى أدعو رب الأرباب لكي يأتيهم رمضان كريم في يوم من الأيام لا يكون فيه إله غيره، ولا يكونوا بحاجة إلى وسطاء بينهم وبينه
Leave a Reply