خديجة شمص – «صدى الوطن»
من الصيدلة إلى القانون والسياسة وصولاً إلى الخدمة في سلاح الجو الأميركي، تعددت اهتمامات الشابة العربية الأميركية روان لطيف (24 عاماً) دون أن يغيب عن بالها يوماً، شعورها بالالتزام بخدمة مجتمعها المحلي ووطنها الأميركي الأرحب وردّ الجميل إليهما.
في العاشر من شهر أيار (مايو) الماضي، أصبحت روان لطيف، وهي من سكان ديترويت، ضابطاً مفوضاً برتبة نقيب في سلاح الجو الأميركي، وهي التي تحمل شهادة دكتوراه في الصيدلة وخبرة في التشريع والسياسة رغم صغر سنها. غير أنها قررت العام الماضي أن تتبع شغفها الأول بالانضمام للقوات المسلحة بعد أن قررت الانسحاب مبكراً من الساحة السياسة المحلية، التي اكتشفت سريعاً أنها تتعارض مع قناعاتها الشخصية.
لطيف التي تطلعت للخدمة في القوات المسلحة الأميركية منذ سنوات الدراسة في «ثانوية فوردسون»، ستباشر خدمتها في مقرها الجديد بقاعدة «إغلين» الجوية في فلوريدا. وهي تنحدر من أسرة خدم عدد من أفرادها في القوات المسلحة، حيث أن عمها كان ضابطاً رفيعاً في سلاح البحرية لمدة 30 عاماً، وكذلك ابن عمها الذي يخدم حالياً في سلاح الجو.
سنوات الدراسة والسياسة
تقول روان «خلال مرحلة مبكرة من دراستي في الثانوية، بدأت أفكر في الانضمام إلى الجيش، وربما الانتساب إلى أكاديمية وست بوينت»، لكنها قررت لاحقاً أن تتخصص في الصيدلة، فباشرت بدراستها خلال المرحلة الثانوية، حيث تمكنت من إنجاز معظم الصفوف المطلوبة مسبقاً، وتخرجت قبل الموعد المحدد بسنة كاملة مضيفةً «لذلك واصلت على هذا المسار بعد تخرجي».
وحازت لطيف على شهادة من «جامعة فيريس ستايت» وبدأت العمل كصيدلانية بدوام جزئي في سلسلة محلات «وولغرينز»، لكن انجذابها لخدمة المجتمع دفعها للتفكير في دراسة القانون.
وخلال دراستها للحقوق في «جامعة وين ستايت»، ازداد اهتمامها لطيف أكثر بالسياسة والتشريع، فعملت متدربة لدى السناتور الأميركية ديبي ستابينو (ديمقراطية عن ميشيغن) في ملف الرعاية الصحية، وبعد هذه التجربة المشجعة قررت لطيف التخلي عن كلية الحقوق والقفز فوراً إلى معترك السياسة.
عملت لطيف أيضاً في حملة النائبة الأميركية بريندا لورانس (ديمقراطية عن ساوثفيلد) في مسعاها للفوز بمقعد النائب السابق غاري بيترز الذي انتخب سناتوراً عن ميشيغن في مجلس الشيوخ الأميركي.
وفي عام 2015، قررت لطيف أن تدخل المعترك السياسي بنفسها، مزوّدة بخلفيتها الأكاديمية وخبرتها وحماستها لخدمة المجتمع المحلي الذي تعرفه عن كثب، وهي التي تربّت في كنف أسرة فقيرة في ديترويت، وبرعاية أم وحيدة، دون أب.
أعلنت لطيف في ذلك العام ترشحها لعضوية مجلس نوَّاب ولاية ميشيغن، عن الحزب الديمقراطي في الدائرة الانتخابية رقم 9، التي تضم أجزاء واسعة من غرب ديترويت إضافة إلى بضعة أحياء من شرق ديربورن، لكنّها سرعان ما قررت الانسحاب من السباق.
وحول ذلك تقول «بعد أن أدركت أنني لا أتفق تماماً مع السياسة الحزبية في ديترويت والميل اليساري المتطرف للديمقراطيين فيها، اخترت الانسحاب لأنني شعرت بأنني سوف لن أتمكن من تقديم خدمة للناخبين من خلال برامج انتخابية هم يدعمونها وأنا لا».
ويعود اهتمام لطيف بالسياسة إلى تربيتها ونشأتها العائلية. فقد ولدت وترعرعت في ديترويت وتعلمت في مدارسها العامة، ولكن تدهور أحوال المدينة وغياب الأمن عن مدارسها الثانوية، دفع لطيف إلى الالتفاف على القوانين والاستعانة بعنوان أحد أقرباء العائلة في ديربورن لتتمكن من الانتساب إلى ثانوية فوردسون والدراسة فيها.
لا تخفي لطيف أنها حاولت الاستفادة من أي فرصة تعليمية متاحة، خاصة وأنها من أسرة محدودة الدخل، فـ«عندما تقوم الأم بالعمل من دون توقف ولكنها في بعض الأحيان لا تستطيع أن تلبي ما نسد به رمقنا»، أحست لطيف مبكراً أن عليها أن تكسر دائرة الفقر بنفسها.
نقطة تحوّل
قبل فترة قصير من انسحابها من الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، أدركت لطيف أنه يمكن لها أن تخدم مجتمعها وبلدها بطريقة مختلفة عن السياسة. فشكّل لقاؤها صدفةً بمسؤول تجنيد، نقطة تحوّل في حياة الشابة الصيدلانية.
قررت لطيف ترك السياسة والانتخابات، وتقدمت بطلب انتساب للقوات الجوية، وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2016 تم قبول طلبها من قبل مجلس التجنيد في سلاح الجو الأميركي الذي يقوم بتعيين الضباط المفوضين بمختلف الاختصاصات والذين يخدمون بنفس مستوى الضباط العسكريين.
وتنحدر لطيف من عائلة متنوعة الأعراق ومتعددة الديانات. وهي نفسها نصف لبنانية من ناحية والدتها، وربع باكستانية وربع هندية. وتتألف عائلتها الأكبر من المسلمين الشيعة والسنة، والمسيحيين الأرثوذكس وغير المسيحيين، وغير المؤمنين والملحدين.
ولم تكن روان محاطة بالثقافة العربية فعلياً إلى أن انتسبت إلى ثانوية فوردسون في شرق ديربورن حيث معظم الطلاب هم من أصول عربية.
وأفادت «ان وجود أصدقاء من الشرق الأوسط، وقضاء بعض الوقت مع أسرهم، وكونهم جزءاً من حياتهم على مدى السنوات العشر الماضية، سمح لي هذا الوضع أن أرى جانباً مختلفاً عما يصور في كثير من الأحيان. أعتقد أن الناس كثيراً ما ينسون حجم التنوع الثقافي في الشرق الأوسط، في كل بلد، وحتى داخل البلد الواحد، لا توجد ثقافات وممارسات سائدة».
Leave a Reply