سامر حجازي – «صدى الوطن»
تحوَّل موضوع الهجرة، فـي أميركا خلال الموسم الانتخابي هذا العام إلى سلعة ساخنة بين جميع المرشحين للرئاسة فـي وقتً يستخدمه كلا الفريقين الحزبيين الجمهوري والديمقراطي مطية لتحقيق مصالحهما أملاً بكسب المزيد من الاصوات التي تؤمن لهما الفوز فـي انتخابات ضحلة تفتقد إلى كاريزما المرشحين.
المرشحون الجمهوريون يستخدمون إصلاح الهجرة كتكتيك لدفع الناخبين البيض تحديداً إلى صناديق الاقتراع خوفاً من تدفُّق اللاجئين. وفـي الوقت نفسه، يستخدم المرشحون الديمقراطيون الموضوع نفسه ولكن فـي الاتجاه المعاكس -لجذب الأقليات- عبر تسليط الضوء على الهجرة باعتبارها واحدة من المداميك الرئيسية التي تأسس عليها هذا البلد.
ولا يقتصر هذا الانقسام على المرشحين من الحزبين بل ينسحب على الشعب الاميركي كله الذي تبيَّن انه هو ايضاً على طرفـي نقيض. ففـي الزاوية الأولى من الحلبة، يقف ناخبون وهم يدينون فكرة ان الذين يهيمنون على هذا البلد هم مواطنو الجيل الأول، بينما فـي الطرف الآخر يقف ناخبون يرحبون بالتنوع وبالفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها التعدُّدية.
بالنسبة لجماعات الأقليات، وبخاصة المجتمعات العربية الأميركية واللاتينية الأميركية، فإن وجود برنامج مؤيد للهجرة هو أمرٌ حساس فـي اختيار المرشح الرئاسي الصحيح.
لهذا السبب، فإن الجزء الأكبر من المرشحين الجمهوريين لا يجدون دعماً قوياً من هذه الأقليات -الذين يجري تصويرهم سلباً من قبل مرشحي الحزب الرئيسيين الهادفـين إلى معالجة بند إصلاح الهجرة بطريقة عدوانية وغير مستقرة.
دونالد ترامب يأتي فـي المرتبة الأولى بتعرضه للأقليات بعد اتهامه المهاجرين اللاتينيين غير الشرعيين بنشر الجريمة والمخدرات عبر الحدود. كذلك أشعل عاصفة اخرى من الانتقاد عندما قال بكل استحقاق انه سيرحل ١١ مليون مهاجر غير شرعي، قبل أن البعض منهم قد يكون قادراً على العودة.
«عندنا ١١ مليون شخص على الأقل فـي هذا البلد دخلوا بطريقة غير قانونية»، قال ترامب، وأضاف «انهم سوف يخرجون، وسوف يرجعون، البعض سوف يعود، من خلال عملية… قد لا تكون سريعة جداً، ولكن أعتقد أن هذا عادل جدا وصحيح جداً».
كما جعل ترامب موضوع بناء جدار حدودي مع المكسيك عنواناً لحملته الإنتخابية. وعلى الرغم من ان لدى النقاد سبب للاعتقاد ان مثل هذه الفكرة يمكن أن تتحول إلى حقيقة واقعة، غير أن ترامب يؤكد أن المكسيك نفسها ستدفع ثمن الجدار.
روبيو مؤيد للمهاجرين
أحد أكبر منتقدي «جدار ترامب»، منافسه السناتور ماركو روبيو الذي أشار إلى أن خطة نجم تلفزيون الواقع ليست واقعية فـي حد ذاته. روبيو، الذي ولد من أبوين كوبيين مهاجرين، قد يكون المرشَّح الأكثر حياداً فـي موضوع الهجرة من بين جميع المتسابقين الجمهوريين.
فقد صرَّح روبيو مرات عديدة انه سيتعامل مع إصلاح الهجرة خطوة بخطوة وإن الأولوية الأولى بالنسبة له هي تعزيز الحدود من أجل منع تسلل المهاجرين غير الشرعيين الى أميركا. وأردف «انا إبن وحفـيد مهاجرين، وأنا أعرف أن تأمين حدودنا ليس إجراءً معادياً للمهاجرين، ونحن سوف نفعل ذلك».
وفـي مهرجان أخير له هذا الأسبوع، شدد روبيو على تأمين الحدود من خلال توظيف ٢٠ ألف عنصر إضافـي من حرس الحدود. وبعد هذه الخطوة، قال انه سيترك الأمر فـي يد الجمهور لاتخاذ قرار بشأن كيفـية التعامل مع موضوع المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون حالياً فـي أميركا. وفـي مناظرة الحزب الجمهوري التي عقدت الأسبوع الماضي، أكد روبيو انه لن يقترح خطة لترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين، لكنه سيطبق نظاماً «عادلاً من شأنه أن يكون فرصة للعديد من الأسر للبقاء. نحن لن نحاصر ونرحل ١٢ مليون شخص، لكننا لسنا بصدد تسليم بطاقات الجنسية لهم أيضاً».
أما السناتور تيد كروز فـيدعم كذلك فكرة بناء جدار لتأمين حدود الولايات المتحدة.
«اذا اصبحت رئيساً سوف أوقف الهجرة غير الشرعية، وبناء جدار عازل وتعزيز أمن الحدود ثلاث مرات، ووضع أجهزة مراقبة وتتبع بيومترية لتأمين الحدود»، أفاد كروز، وأردف «أمن الحدود هو من الأمن الوطني. نحن بحاجة إلى وقف قانون عفو أوباما وإنفاذ سيادة القانون. ونحن بحاجة إلى إصلاح الهجرة القانونية لحماية العمال الأميركيين».
ويعارض كروز قرار الرئيس باراك أوباما بالسماح للأجانب غير الشرعيين ليصبحوا مقيمين دائمين، مشيراً إلى أنه ليس داعماً للناس الذين يخرقون القانون.
«أعتقد أنه من الخطأ أن نغفر لمن خرق القانون، لتمكينهم من أن يصبحوا مواطنين فـي الولايات المتحدة، وهذا هو السبب الذي جعلني أقود المعركة ضد منح الجنسية لأولئك الموجودين بطريقة غير شرعية».
وعبر حملته الانتخابية، كان كروز يسلط الضوء أيضاً باستمرار على أن تفضيل المهاجرين غير الشرعيين يشكل إساءة للأميركيين العاطلين عن العمل الذين يكافحون من أجل العثور على عمل مجنٍ.
كلينتون وساندرز
وفـي حين ان موضوع الهجرة غالباً ما تم تناوله بعداء على الجبهة الجمهورية، يقارب المرشحون الديمقراطيون الموضوع بحساسية فائقة.
فقد اتهمت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بالتناقض مع نفسها فـي موضوع الهجرة.
فـي عام ٢٠٠٦، صوتت لصالح «قانون السياج الآمن لعام ٢٠٠٦» الذي نص على بدء بناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. وعندما لم يكتمل بناء الجدار أشارت إلى أنها ستكون فـي صالح تعزيز الحدود الأميركية مع مبادرة مماثلة فـي وقت مبكر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
«لقد صوتت مرات عديدة عندما كنت عضوة فـي مجلس الشيوخ من اجل صرف المال لبناء حاجز فـي محاولة لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الدخول، وأنا لا أعتقد أن لدينا سيطرة على الحدود» صرحت كلينتون. لكن فـي الآونة الأخيرة، تحول موقف كلينتون إلى موالية للهجرة عندما صعدت لمرتبة مرشحة الحزب الديمقراطي الأوفر حظاً. وعندما سئلت عن «جدار ترامب»، أدانت كلينتون ذلك.
«انه دائما يجمع بين بناء الجدار وترحيل ١١ أو ١٢ مليون شخص ليبقوا فـي الجانب الآخر من الجدار» أفادت كلينتون، وأردفت «بالنسبة لي ليس هذا فقط غباء، بل مسيء».
والآن تصور كلينتون المهاجرين غير الشرعيين والمهاجرين المحتملين كمكون مشرق لماضي البلاد ومستقبلها. وأشارت إلى أنها ستدعم قرار أوباما التنفـيذي لوضع المهاجرين غير الشرعيين على سكة الحصول على الجنسية الأميركية.
وتابعت كلينتون «نحن بحاجة إلى إصلاح شامل للهجرة مع إيجاد مسار للمواطنة الكاملة والمتساوية واذا لم يتصرف الكونغرس، سأدافع عن القرار التنفـيذي للرئيس أوباما وسأذهب إلى أبعد من ذلك للحفاظ على تماسك الأسر. أنا سأضع حداً لاحتجاز الأسرة وسأغلق مراكز احتجاز المهاجرين الخاصة، وأساعد المزيد من الناس المؤهلين ليصبحوا مجنسين».
اما المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز فـيقارب موضوع الـ١١ مليون مهاجر غير شرعي يعيشون فـي الولايات المتحدة بمنتهى الإخلاص، مدعيا أنه اذا تسلَّم الرئاسة فسيقوم باتخاذ إجراءات فورية لوضع خطة من شأنها أن تخرجهم من الظل.
وأكد ساندرز على بناء وتعزيز قانون الهجرة التنفـيذي عام ٢٠١٤ الذي صادق عليه الرئيس أوباما.
«كرئيس سوف أكافح من أجل إصلاح شامل للهجرة يوفر خارطة طريق للحصول على الجنسية لـ١١ مليون أميركي طامح للعيش فـي هذا البلد»، أعلن ساندرز، وأضاف «لكن أنا لن أنتظر الكونغرس لكي يتصرف. وسوف أتخذ إجراءات تنفـيذية لإنجاز ما فشل الكونغرس فـي القيام به، وسأبني على أرضية أمر أوباما التنفـيذي للم شمل العائلات».
وفـي حملة ساندرز الإنتخابية، يواصل ساندرز التركيز على المهاجرين باعتبارهم فـي طليعة النقاش فـي البلاد، وتسليط الضوء على قصة عائلته الشخصية وضمان الأمن للملايين من الأميركيين المحتملين.
«أنا نفسي ابن مهاجر»، يفـيد ساندرز على موقعه على الانترنت ويضيف «قصتهم (المهاجرون)، قصتي، قصتنا جميعاً، هي قصة أميركا: أسر عاملة بجد قادمة إلى الولايات المتحدة لخلق مستقبل أكثر إشراقاً لأطفالهم. قصة الهجرة هي قصة أميركا. قصة متجذرة فـي الأسرة ويغذيها الأمل».
Leave a Reply