عماد مرمل – «صدى الوطن»
ترك فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية أصداء مدوية في لبنان، حيث كان معظم المتابعين يتوقعون انتصار هيلاري كلينتون في المبارزة الانتخابية، فأتت النتيجة المباغتة لتشكل مفاجأة من العيار الثقيل بكل المقاييس.
وإذا كان لبنان معنياً بالدرجة الأولى بما يمكن أن يتركه انتخاب ترامب من انعكاسات على ملفاته الحيوية ومحيطه الاقليمي، فانه يبدو أن طبيعة «العوارض الجانبية» المترتبة على «الانقلاب الديمقراطي» في الولايات المتحدة لن تتضح قبل أن يمر بعض الوقت وتتبين حقيقة نيّات ترامب وسياسته الخارجية.
ويقول رئيس «حزب الكتائب» اللبنانية النائب سامي الجميل لـ«صدى الوطن» إن فوز ترامب يؤشر الى أن غالبية الناخبين الأميركيين ملّت من الخطاب التقليدي وباتت تتفاعل مع ألأفكار الجديدة، وغير النمطية، لافتاً الانتباه الى أن التوق للتغيير بات «ظاهرة» أو «موضة» منتشرة، ومن يراقب ما يجري في أوروبا يلمس الصعود في هذا المنحى الرافض للمؤسسات التقليدية.
ويعرب عن اعتقاده بأن ترامب أجاد في استخدام لغة شعبوية، دغدغت عواطف الناخبين وحاكت غرائزهم، طارحاً معالجات غير تقليدية لهواجسهم ومشكلاتهم.
ويشير الى أن ترامب ليست لديه خبرة سياسية ولم يتحمل مسؤوليات رسمية في السابق، وبالتالي لا يمكن منذ الآن توقع ما الذي سيفعله وكيف سيتصرف، خصوصاً على مستوى ملفات المنطقة، في انتظار أن نعرف ممن سيتكون فريق عمله وما هي اتجاهات سياسته الخارجية، لكن عسى أن يفاجئنا بشكل إيجابي على الصعيد اللبناني.
وحتى ذلك الحين، يلاحظ الجميل أن فدرالية الطوائف تتكرّس أكثر فأكثر في لبنان، حيث تتوزع السلطة ومغانمها على مجموعة عشائر، كل منها يسند ظهره الى دولة اقليمية، حتى يعزز موقعه في المعادلة الداخلية، لافتاً الانتباه الى أن هذا الصراع موجود منذ زمن طويل لكنه كان كامناً، أما الآن فقد أصبح مكشوفاً.
وبينما يلاحظ الجميل أن إيران تدعم الشيعة في لبنان والسعودية تدعم السنّة، في اطار التجاذب المذهبي على امتداد المنطقة، يشير الى أن المسيحيين هم وحدهم تقريباً من دون ظهير، ما دفع بعضهم الى التحالف مع المكون الشيعي والبعض الآخر الى التحالف مع المكون السني، فضاعوا في خضم هذه الثنائية، في حين أن المطلوب منهم هو أن يؤدوا دوراً جامعاً كصلة وصل، خارج الاصطفافات، وان يسعوا الى تحييد لبنان عن الصراع السني-الشيعي.
ويشدد الجميل على انه لم يكن مقتنعا خلال السنوات العشر الماضية بخيارات عون الذي منح الغطاء لسلاح «حزب الله» ومنظومته العسكرية المستقلة عن الدولة اللبنانية، معتبرا أن قبول بعض القوى السياسية في «14 آذار» بانتخاب الجنرال بعد رفض لسنوات إنما يعكس رضوخاً للابتزاز السياسي الذي مارسه محور إيران-حزب الله.
خارج التسوية الرئاسية
ويلفت الجميل الانتباه الى أن كثراً دخلوا في التسوية الرئاسية من منطلقات مصلحية، بينما تمسكنا نحن بثوابتنا المبدئية ورفضنا المشاركة في بازار البيع والشراء خلافا لتقاليد معظم الطبقة السياسية اللبنانية.
ويرى الجميل أن الرابحين الحقيقيين من انتخاب عون هما إقليمياً إيران، ومحلياً السيد حسن نصرالله الذي ظل داعماً لترشيح الجنرال منذ البداية، ومع ذلك نريد أن نعطي فرصة للرئيس عون، ونحن سنحاسب على الأفعال وليس على النيات، آملا في أن يبدي الجنرال رد الفعل المناسب عند كل مساس بسيادة لبنان واستقلاله، لاسيما اننا كنا شركاء لـ«التيار الحر» في النضال ضد الاحتلال السوري منذ 1990 وحتى 2005. ويؤكد الجميل أنه لا يوجد مانع يحول دون مشاركة «الكتائب» في حكومة الوحدة الوطنية المفترضة، إذا كانت تركيبتها ملائمة، وغير اقصائية، مشيراً الى أن «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع تحاول الدفع في اتجاه اقصائنا عن الحكومة وعزلنا، ولكن هذه المحاولة لن تنجح، متسائلاً عما إذا كان المطلوب تدفيع الثمن لمن يصر على ثوابته ويواجه المحاصصات، علماً أننا لم نلمس أي نية سيئة من الرئيس عون حيالنا حتى الآن، والسلبية ضدنا تأتي من فريق واحد يتمثل في «القوات».
ويتابع: مشكلتنا في «الكتائب» اننا لم نكن يوماً في جيب أحد، ونحن لم نكترث عندما انتقدنا بعض الحلفاء، لأننا عارضنا حماسة «14 آذار» للقتال في سوريا وطالبنا بحياد لبنان، لعدم قناعتنا بالتدخل في الأزمة السورية. إن خطنا ثابت، والآخرون هم الذين يبتعدون أو يقتربون منه، وأياً يكن الأمر، نحن في «الكتائب» لا نطلب الرضى إلا من شهدائنا.
وعندما يُسأل الجميل: هل لا تزال «14 آذار» حيّة؟ يجيب مبتسماً: هل تقصد «حيّة» (أفعى)؟
Leave a Reply