يستمر رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل في التغريد خارج سرب الاصطفافات السياسية التي تتحكم بقواعد اللعبة الداخلية منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري.
ويكاد الجميل يبدو وحيداً في مواجهة ائتلاف السلطة «الهجين» الذي يضم مزيجاً مما كان يُعرف بـ«8» و«14 آذار» قبل أن تختلط أوراق التحالفات مجدداً على وقع التحولات، إذ أن الجميل يعارض خيارات رئيسي الجمهورية والحكومة وسياسات ثنائي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، إضافة إلى خصومته المزمنة لـ«حزب الله» واعتراضه على الطريقة التي يدير بها الرئيس نبيه بري بعض المسائل الداخلية، خصوصاً لجهة رفضه طرح المشاريع الانتخابية على التصويت في مجلس النواب برغم تعذر التوافق على احدها.
ولئن كانت المواجهة السياسية التي يخوضها الجميل في اتجاهات عدة تتسم بالصعوبة، لاسيما أنه يقاتل في وقت واحد على جبهات عدة تمتد من قانون الانتخاب إلى ملف الفساد وما بينهما، إلا أن العديد من المؤشرات تفيد بان شعبيته في الشارع المسيحي إلى صعود، بعدما تمكن خطابه من استقطاب عدد لا بأس به من الناقمين على الوضع الحالي، بمستوياته السياسية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية، مع الإشارة إلى أن أفرقاء الحكم الذين ينقسمون حول أمور كثيرة يتفقون على أن الجميل يستخدم تكتيك «المزايدات» لاستمالة الرأي العام إلى جانبه.
والأكيد، أن إخفاق الطبقة الحاكمة حتى الآن في وضع قانون عصري للانتخابات وفي اكتساب ثقة المواطن العادي عبر إنجازات نوعية، منح الجميل خدمة ثمينة وساهم في الترويج لخطابه لدى العديد من الأوساط الشعبية، وبالتالي فإن سلوك السلطة يوحي بأنه يشكل الحليف الاكبر لرئيس «الكتائب» الذي لم يجد صعوبة في استثمار مكامن الخلل في السياسات الرسمية من أجل تأمين المشروعية لمعارضته.
ويقول الجميل لـ«صدى الوطن» إنه بات متأكداً من وجود نية مسبقة لدى أطراف السلطة لفرض «قانون الستين» وإجراء الانتخابات النيابية على أساسه، بحجة تعذر التفاهم على قانون جديد، محذراً من أن «الستين» الغائي، لانه يسمح للاكثريات التي تحظى بـ51 بالمئة من الاصوات في الدوائر الانتخابية بإقصاء 49 بالمئة من الاصوات المغايرة، ومعتبراً أن ثنائي «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» سيحاول الاستفادة من هذا الأمر الواقع، إذا جرى فرضه، لالغاء «الكتائب» واختزال التمثيل المسيحي.
الجميع متواطئون
يتهم الجميل الجميع بالتواطؤ الضمني لاعتماد «قانون الستين» الذي يهدف إلى السماح لهذه الطبقة السياسية بالاستمرار في القبض على مقدرات الوطن وإرادة الشعب، لافتاً الانتباه إلى أن تعمد الحكومة إهمال البحث في قانون الانتخاب خلال الأشهر الأربعة الماضية قبل أن تستحضره مؤخراً، انما يحرض على طرح علامة استفهام كبرى حول سبب تقاعسها طيلة تلك المدة، برغم أن الوظيفة الاصلية التي تشكلت من أجلها هي وضع قانون جديد للانتخاب.
ويشير إلى أن الكل أصحاب مصلحة في «الستين» عملياً، وهم سيحاولون فقط التخفيف قدر الامكان من وطأة الأضرار المعنوية التي ستترتب عليهم بفعل تراجعهم عن موقفهم العلني برفض هذا الخيار، «ونحن سنسعى من جهتنا إلى عدم اعطائهم فرصة حصر الخسائر».
ويشير الجميل إلى أن مسار النقاش المعتمد في قانون الانتخاب يوحي بأنهم «لا يريدون وضع قانون انتخاب حقيقي يسمح باختيار النواب على أساس ديمقراطي، بل يسعون إلى قانون معلّب ومفصل على القياسات، من شأنه أن يسهل تعيين النواب وليس انتخابهم، وهذا مؤداه الاعلان عن النتائج، قبل إجراء الانتخابات».
ويشدد الجميل على أن «الكتائب» سيخوض الانتخابات بكل حماسة واندفاع حتى لو جرت على أساس «الستين» السيء، «لأنهم إذا كانوا يحاولون الدفع في اتجاه إلغائنا فإننا لن نسهل لهم المهمة من خلال الانكفاء الطوعي، بل سنشارك على قاعدة أنها معركة صمود».
ويضيف: لن نقاطع تحت شعارات طوباوية، ولن «نتغنج»، وانما سنكون مشاركين بكل ثقلنا، لأن المقاطعة تعني اننا سلمناهم كل شيء بإرادتنا، وهذا ما لا يمكن لنا أن نقبل به.
ويشدد الجميل على أن كل المشاركين في الحكومة سيكونون مساهمين في جريمة فرض «الستين»، متى وقعت، «ومن يحرص حقا على إنتاج قانون جديد، يجب أن يستقيل من هذه الحكومة التي اضاعت كل المهل الدستورية لاجراء الانتخابات».
Leave a Reply