عشية الانتخابات التمهيدية .. حملتا المرشحَين الديمقراطيين للرئاسة تنشطان في ديربورن
ديربورن – «صدى الوطن»
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التمهيدية 2020 بولاية ميشيغن، المقررة في العاشر من آذار (مارس) القادم، تتسابق حملتا المرشحين الديمقراطيين بيرني ساندرز ومايك بلومبرغ لكسب الصوت العربي والإسلامي في منطقة ديترويت الكبرى، والذي بات رقماً مفتاحياً في المشهد الانتخابي بولاية ميشيغن.
حملة بلومبرغ التي صرفت –حتى الآن – أكثر من سبعة ملايين دولار على الإعلانات التلفزيونية في ولاية ميشيغن، سجلت –على التوازي– حضوراً ميدانياً عبر ثمانية مكاتب تم افتتاحها في مختلف أنحاء الولاية، ومنها مكتب خاص بمدينتي ديربورن وديربورن هايتس حيث الثقل العربي الأميركي في مقاطعة وين.
ففي انتخابات الديمقراطيين التمهيدية 2016، رجّح الصوت العربي في الديربورنين كفّة ساندرز على منافسته –آنذاك – هيلاري كلينتون، حيث فاز السناتور عن فيرمونت بأصوات الولاية بفارق 1.4 بالمئة.
وفي الوقت الذي تستعد فيه حملة ساندرز للالتقاء بفعاليات عربية وإسلامية من منطقة ديترويت، الأسبوع القادم، بحسب ما علمت «صدى الوطن»، فقد عقد مسؤولون في حملة بلومبرغ –الأحد الماضي– اجتماعين منفصلين مع شخصيات عربية أميركية بمدينة ديربورن.
الاجتماع الأول عقد بمكاتب صحيفة «صدى الوطن»، وتخلله طرح علامات استفهام متعددة حول سياسات التضييق والتنميط العنصري للعرب والمسلمين في مدينة نيويورك إبان ترؤس بلومبرغ للبلدية، عقب أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001.
أما الاجتماع الثاني فالتأم بإشراف المديرة التنفيذية لـ«غرفة التجارة الأميركية العربية» فاي بيضون، ولم ترشح عنه أية معلومات.
مظاهر تنافس المرشحين اليهوديين الأميركيين على الصوت العربي لم تقتصر على عقد اللقاءات مع القيادات المحلية في منطقة ديترويت، وإنما ظهر –أيضاً – من خلال حرص كلتا الحملتين على افتتاح أحد مكاتبها في «عاصمة العرب الأميركيين».
سجل بلومبرغ
مساعي حملة الرئيس السابق لبلدية نيويورك لكسب الصوت العربي والإسلامي في ميشيغن، لم تمر بدون جدل وانقسام. ففي بيان صحفي أصدرته منظمة «محامون مسلمون» ومقرها واشنطن، أشار الناشط الحقوقي سكوت سيمبسون إلى أن بلدية نيويورك طبقت في عهد بلومبرغ برامج عنصرية لمراقبة العرب والمسلمين، لافتاً إلى أنه كان يتم وضع الأفراد تحت المراقبة لمجرد قراءتهم لصحيفة عربية أو ارتيادهم للمساجد والمطاعم الشرق الأوسطية.
وتابع البيان: «يقوم بلومبرغ، الآن، بحملة انتخابية باللغة نفسها التي كانت ذات تعامل كمصدر للشبهات، في برنامج التجسس الذي نفذته شرطة نيويورك، وعمدت من خلاله إلى تنميط الأشخاص على أساس أصولهم العرقية وأنواع المطاعم التي يقصدونها، واللغة التي يتحدثون بها، أو حتى ببساطة لمجرد ارتيادهم للمساجد».
وكانت حملة بلومبرغ، قد نشرت إعلاناً باللغة العربية في صحيفة «صدى الوطن»، تضمن أبرز عناوين الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي، والتي تمثلت بضمان الرعاية الصحية لجميع الأميركيين، ودعم الأعمال والاستثمارات الصغيرة، وكذلك إنهاء العنف المسلح.
بلدية نيويورك التي تولى بلومبرغ رئاستها لثلاث مرات، كانت قد وافقت –أيضاً – على قيام شرطة نيويورك بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) لنشر مخبرين سريين، أنيطت بهم مهمة مراقبة الأحياء الإسلامية، وفي بعض الحالات الإيقاع بالمسلمين وتوريطهم بقضايا إرهاب.
وفي هذا السياق، أكد المدير القانوني في «اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) عبد أيوب أن بلومبرغ لم يعتذر عن تلك السياسات التي مورست في عهده، مع أنه اعتذر عن سياسة «التوقيف والتفتيش» التي طبقت خلال عهده في مدينة نيويورك، والتي استهدفت في الغالب الأفارقة الأميركيين، حيث كان يسمح للشرطة بتوقيفهم وتفتيشهم دون مبرر قانوني.
وأكد أيوب أن بلومبرغ لم يعتذر أيضاً عن برامج المراقبة الإلكترونية للمسلمين أيضاً، وقال: «خاصة، عندما تأتي إلى مدينة ديربورن، فيجب أن يكون هنالك اعتذار على الأقل، قبل العمل للحصول على دعمنا»، مضيفاً أن بلومبرغ «لم يتخذ أية خطوات للاعتراف بأخطائه.. لقد وضع أسس برامج المراقبة بعد أحداث 11 سبتمبر».
مسؤولون في حملة بلومبرغ أفادوا لصحيفة «ديترويت فري برس» أن الاجتماعات التي عقدت في ديربورن لن تكون الأولى ولا الأخيرة، وأضافوا بالقول: «إن فريقنا ملتزم بالحوار المستمر حول القضايا التي تهم المجتمع المحلي، وكيفية العمل معاً لهزيمة دونالد ترامب الذي هاجم بلا هوادة، العرب والمسلمين في خطاباته وسياساته».
من جانبه، أعرب الناشط والكوميديان الفلسطيني عامر زهر عن اعتقاده بأن ساندرز هو المرشح الذي يجب أن يكون خيار الناخبين العرب والمسلمين، لمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية وللحقوق المدنية.
زهر، وهو ممثل عن حملة ساندرز في ولاية ميشيغن، تساءل قائلاً: «هل نبيع قيمنا ونذهب لتأييد شخص لمجرد أنه أفضل قليلاً من ترامب؟ إذا فعلنا ذلك، فإننا نساوم على قيمنا في التعامل مع أحد المرشحين لأننا نعتقد أنه قد يهزم ترامب، وبذلك نحن نحطّ من قيم مجتمعنا ومن مكانته».
وأشار أستاذ القانون في جامعة «ديترويت ميرسي» إلى أن بلومبرغ دعم أيضاً العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة عام 2014 وأسفر عن مقتل أكثر من ألفي شخص.
وقال إنه على الرغم من إيمانه بأن الاجتماع مع السياسيين «أمر جيد»، إلا أن دعمهم هو مسألة أخرى تماماً. وأضاف: «يجب أن نتذكر دائماً أنهم (السياسيين) يعملون معنا، وليس العكس. ويجب أن يشعروا بالامتنان للعمل معنا، وليس العكس».
مؤسس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» (أي سي آر أل)، المحامي نبيه عياد، قال إنه على الرغم من أن ساندرز محبوب جداً في المجتمع العربي الأميركي، إلا أن ترشح بلومبرغ يجب ألا يُقلل من شأنه.
عياد الذي حضر اجتماعي حملة بلومبرغ مع الفعاليات العربية والإسلامية، الأحد الماضي، أعرب عن اعتقاده بأن الرئيس السابق لبلدية نيويورك لديه حظوظ جيدة للفوز بالرئاسة الأميركية، وقال: «أحب ساندرز، أعتقد أننا جميعاً نحب ساندرز»، واستدرك قائلاً: «لكن السؤال الآن، من سيكون لديه المال الوفير (لمواجهة ترامب). إن بلومبرغ هو من سكان نيويورك، وهو قادر على أن يواجه خطاب ترامب على تويتر».
وأضاف: «في نهاية المطاف، الأمر سيعتمد على الناخبين، سنرى كيف سيكون أداؤهم.. حملة بلومبرغ بدأت للتو وأصبحت في المرتبة الثالثة، وهذا شيء يجب أن يؤخذ بالحسبان».
وأشار رئيس الموظفين في حكومة مقاطعة وين، أسعد طرفة، إلى أنه شعر بأن ممثلة حملة بلومبرغ، فاطمة شامة، وهي أميركية من أصل فلسطيني، كانت «صادقة» وأنها أبدت «تفهمها» لمخاوف العرب والمسلمين. وقال إنه يُحب ساندرز أيضاً ولكنه يعتقد أن بلومبرغ لديه فرصة أفضل لهزيمة ترامب.
وأكد طرفة على أهمية التواصل مع جميع الحملات الانتخابية، وقال إنه من المهم لمجتمعنا أن يكون ممثلاً في تلك الحملات، مضيفاً: «من المهم لمجتمعنا أن يمتلك إمكانية الوصول إلى تلك الحملات حتى يتم سماع أصواتنا وإيصال مخاوفنا».
ولفت طرفة إلى أنه دعم ساندرز في انتخابات 2016، لكنه سيدعم بلومبرغ في الانتخابات المقبلة، وقال: «لقد بدأت أشعر بأنه المرشح الأنسب لانتخابات 2020».
وكان استطلاعاً للرأي أجرته «جامعة كوينبياك» في ميشيغن وشمل 845 شخصاً خلال الفترة الممتدة بين 12 و18 شباط (فبراير) الجاري، قد أظهر فرقاً لا يتعدى 1 بالمئة بين حظوظ المرشحَين الديمقراطيَين في هزيمة ترامب، حيث أعرب 48 بالمئة من المستطلعة آراؤهم عن اعتقادهم بأن سناتور فيرمونت هو المرشح الأمثل لهزيمة ترامب، فيما اختار 47 بالمئة من المستطلعين رئيس بلدية نيويورك السابق لإنجاز هذه المهمة.
من جانبه، أشار ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، إلى أن الاجتماع الذي عقد في مكاتب الصحيفة مع ممثلي حملة بلومبرغ، ضم فعاليات من جميع الأطياف العربية والإسلامية، وقال: «كان بين الحضور لبنانيون وفلسطينيون ويمنيون وعراقيون، كان بينهم مسيحيون ومسلمون، سنة وشيعة».
وأشار إلى أن «صدى الوطن» لم تقرر بعد من ستدعم في الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أنه أعرب خلال الاجتماع عن مخاوفه من استمرار السياسات التنميطية للعرب والمسلمين الأميركيين الذين يدرج الكثيرون منهم على بعض اللوائح المثيرة للتساؤل، مثل «لوائح المراقبة» و«لوائح حظر السفر». وقال لقد وضعنا في عهدة ممثلة الحملة، فاطمة شامة، بعض الأسئلة لكي تنقلها إلى المرشح الديمقراطي، ونحن بانتظار الإجابة عليها، وعلى أساسها سنحدد لمن سنمنح أصواتنا في صناديق الاقتراع.
وشدد: «لدينا مخاوف كبيرة جداً من برامج التجسس الإلكتروني، ونريد أجوبة من حملة بلومبرغ».
حملة ساندرز
في الأثناء، كانت حملة المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، بيرني ساندرز، قد عززت حضورها في ميشيغن بالإعلان عن افتتاح خمسة مكاتب ميدانية في أنحاء متفرقة من الولاية –من بينها ديربورن – وذلك قبل أقل من ثلاثة أسابيع على موعد الانتخابات التمهيدية في 10 مارس المقبل.
وتتوزع مكاتب حملة ساندرز الخمسة في ديترويت وديربورن وآناربر وفلنت وغراند رابيدز. كما قامت الحملة بتوظيف منسق عام ومدير ميداني على مستوى الولاية بأكملها، إضافة إلى أربعة مدراء إقليميين وأربعة منظمين ميدانيين، وفقاً لبيان صحفي صدر الأسبوع الماضي وتلقت «صدى الوطن» نسخة منه.
وقال المنسق العام الجديد لحملة ساندرز في ميشيغن، مايكل فاسولو، إنه من خلال الماكينة الانتخابية التي يتم بناؤها في ميشيغن، لن يتمكن بيرني ساندرز من الفوز بالانتخابات التمهيدية وحسب، بل سيتمكن من استعادة الولاية التي فاز بها دونالد ترامب قبل أربع سنوات.
ويعتبر ساندرز، ثالث مرشح ينخرط ميدانياً في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في ولاية ميشيغن، بعد كل من، السناتورة عن ولاية ماساتشوستس إليزابيث وورن التي افتتحت مكتباً لحملتها في ديترويت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ورئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ الذي لديه حالياً ثمانية مكاتب في جميع أنحاء ميشيغن.
وكانت آخر مرة زار فيها ساندرز، الولاية، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث ألقى كلمة في ديترويت ونال تأييد عضو الكونغرس الأميركي عن المدينة رشيدة طليب.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي في ميشيغن، إلى أن ساندرز يحتل المركز الثالث في الولاية خلف كل من بلومبرغ ونائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، متقدماً على كل من وورن وبيت بوتيجدج، وفقاً لاستطلاع أجرته «غلينغاريف غروب» بين 3 و7 كانون الثاني (يناير) الماضي وشمل 600 ناخب محتمل.
والجدير بالذكر أن جولة ميشيغن التمهيدية ستجرى بالتزامن مع خمس ولايات أخرى، بعد أسبوع واحد من يوم «الثلاثاء الكبير» (3 مارس) الذي ستقام فيه الانتخابات بـ14 ولاية أميركية، مما قد يدفع بعض المرشحين إلى الانسحاب من السباق.
Leave a Reply