السناتور الديمقراطية تتجول في متاجر بديربورن وتحل ضيفة على «صدى الوطن»
في إطار جولة انتخابية خصت بها الجالية العربية في مدينة ديربورن، تفقدت السناتور الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، ديبي ستابينو عدداً من المتاجر في شرق المدينة حيث التقت بالناخبين واستمعت إلى مطالبهم قبل أن تستضيفها «صدى الوطن» في حوار مطول وشامل تناول العديد من القضايا الهامة محلياً ووطنياً ودولياً.
وتخوض السناتور ستابينو هذا الخريف سباقاً انتخابياً على صعيد ولاية ميشيغن بأكملها، للاحتفاظ بمقعدها تحت قبة الكابيتول في واشنطن لولاية رابعة من ستّ سنوات، بعد انتخابها لأول مرة عام ٢٠٠٠.
وفيما تبدو حظوظ السناتور الديمقراطية وافرة للفوز، إلا أن تحقيق ذلك يتطلب إقبالاً كثيفاً من أنصار الحزب على التصويت في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، سواء من الليبراليين أو النقابات أو الأقليات، بمن فيهم العرب الأميركيون الذين يشكلون ثقلاً انتخابياً وازناً في الولاية التي تحتضن ثالث أكبر تجمع لهم في البلاد، وفقاً لتقديرات الإحصاء الوطني.
تعصب صاخب
تشاطر ستابينو العرب والمسلمين الأميركيين قلقهم حول الصور السلبية التي تلصق بهم، محملة الرئيس دونالد ترامب مسؤولية تعميق الانقسامات في المجتمع الأميركي، وقالت إن الإدارة الحالية «لا تعمل وفق أهداف لخير أمتنا والعالم.. إنما كل شيء يركز على تقسيم الناس ودفعهم إلى عدم الثقة ببعضهم البعض».
ومن وجهة نظرها، فإن سياسات ترامب تأذن بظهور التعصب الصاخب وعالي النبرة» لدى «أقلية» من الأميركيين الذين ينخرطون في خطاب الكراهية ويرتكبون جرائم الكراهية، وفق تعبيرها.
ورغم أن الديمقراطيين يمثلون أقلية في الكونغرس، إلا أن ستابينو تقول إنها وزملاءها واظبوا على محاربة «سياسات التهميش القادمة من البيت الأبيض»، متوجهة بالشكر للنظام القضائي الذي «سارع إلى تحقيق التوزان مع سلطات الرئيس»، بتعليق أوامر ترامب بـ«حظر السفر».
حظر السفر.. ما التالي؟
بعد ساعات قليلة من إصدار الرئيس ترامب «حظر السفر» بنسخته الأولى في شتاء ٢٠١٧، وقعت ستابينو على مشروع قانون قدمه أحد الشيوخ الجمهوريين يدعو إلى إلغاء القرار الذي منع مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة. إلا أن مشروع القانون لم يطرح على التصويت بسبب معارضة الجمهوريين.
ومع اقتراب صدور حكم نهائي من المحكمة العليا (ذات الأغلبية الجمهورية) بدستورية «حظر السفر» الرئاسي، تقول ستابينو إن الكرة ستصبح في ملعب الناخبين الأميركيين للتوجه إلى صناديق الاقتراع بكثافة وانتخاب المرشحين الذين سيطعنون بالقرار.
وشددت السناتور على أن «حظر السفر» لا يحمي الأميركيين بأي شكل من الأشكال، بل –على العكس– «يجعلنا أقل أمناً في جميع أنحاء العالم إضافة إلى تأثيراته (السلبية) على عائلاتنا في ميشيغن.. إذا أردنا أن نكون آمنين فيجب أن نتحدث عن التكنولوجيا والموظفين وأشياء أخرى».
لوائح مراقبة الإرهاب
أظهرت وثائق استخباراتية نشرها موقع «انترسبت» عام 2014 أن ديربورن التي تضم كثافة عربية قد حلت كثاني مدينة أميركية بعد نيويورك، من حيث أعداد السكان المدرجين على قائمة مراقبة الإرهاب، وهي قائمة حكومية سرية «للإرهابيين المعروفين أو المشتبه بكونهم إرهابيين»، والتي تستخدم من قبل وكالات أمنية متعددة بما فيها «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي).
وفي هذا السياق، أعربت ستابينو عن تعاطفها وشفقتها على المدرجين على تلك اللوائح، لافتة إلى أنه من السهل إضافة اسم شخص ما إلى تلك القوائم ولكن من الصعب جداً إزالته، لعدم وجود آلية متبعة في تلك التصنيفات. وقالت «إن معظم الحالات تحدث بسبب تشابه الأسماء»، مشيرة إلى أنها تحدثت –خلال إدارة أوباما– في عدة مناسبات مع وزير الأمن الداخلي السابق بشأن هذه القضية، لكن المحادثات لم تثمر عن تقدم.
ولأن إدارة ترامب غير متعاطفة مع المدرجين على لوائح مراقبة الإرهاب، فإن محاولات إزالة الأسماء تبقى وفق قاعدة كل اسم باسمه، بحسب ستابينو التي وصفت اللوائح بأنها «تنمط الأشخاص من وجهة نظر عنصرية أو دينية»، مشددة على أن «العملية تحتاج إلى تشريعات ولن يتم حلها –على الأرجح– على المستوى الإداري».
اللوبي المؤيد لإسرائيل
في آذار (مارس) الماضي، قام 55 سناتوراً أميركياً –بينهم السناتور الآخر عن ولاية ميشيغن الديمقراطي غاري بيترز– بالتوقيع على مشروع قانون يحظر الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل استثمارياً، رداً على قرار من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة حثّ فيه الشركات في كافة أنحاء العالم على وقف الاستثمارات في دولة الاحتلال.
القانون الذي عرف باسم «قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل» ينص على أنه من غير القانوني على الأميركيين المشاركة في مقاطعة إسرائيل أو فرض العقوبات الاقتصادية عليها. وفي هذا السياق، أكدت ستابينو أنها لم تدعم مشروع القانون لكونها قد شعرت بأنه ينتهك حرية التعبير، كما أنه لم «يكتب بالصيغة الصحيحة» التي تجعلها توافق عليه.
وفي السياق، انتقدت ستابينو قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، مؤكدة أنه كان يجب على الرئيس الأخذ بالنصائح التي حضته على عدم القيام بهذه الخطوة، وقالت «أعتقد أن ما فعلوه كان مؤسفاً للغاية.. ينكسر قلبي حقاً عندما أرى ما يحدث بسبب العنف».
ومع ذلك، فإن ستابينو صوتت لصالح قرارات تؤيد استمرار دعم الولايات المتحدة للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي تحت عنوان الحفاظ على الأنظمة الدفاعية للدولة العبرية ورفض عودتها إلى خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967.
حرب على إيران؟
بعد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، يشعر الكثيرون بالقلق من أن يقود التوتر إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.
تقول ستابينو إنها لا تعرف فيما إذا كانت أميركا ستخوض حرباً ضد إيران، معربة عن قلقها حول هذه المسألة ومجددة دعمها للاتفاق النووي «الذي جعل الأميركيين أكثر أمناً من التهديد النووي»، وقالت «كان لدينا تحالف ضخم من الشركاء .. وكان هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.. الآن حلفاؤنا لا يعرفون ما إذا كان بإمكانهم الوثوق بكلمتنا بعد الآن».
وأعربت ستابينو عن اعتقادها بأن قرارات البيت الأبيض «غير مدروسة بعناية»، وأن الرئيس غير مستعد للمنصب ويفتقد الخبرة والمعرفة لفهم تعقيدات العالم، وقالت «أشعر –وحسب– بأنه ليس لدينا يد ثابتة (في البيت الأبيض)».
واستدركت السناتور الديمقراطية بالقول «يجب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر صرامة تجاه إيران التي اختارت دعم الأنشطة الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط».
وفيما يتعلق بالموقف الأميركي تجاه الدورين الإيراني والإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، تهربت ستابينو من الحديث عن ازدواجية المعايير التي تنتهجها الإدارة الأميركية، واكتفت بالقول: «إن الوضع هناك معقد».
الحرب في اليمن
ساهم الانخراط الأميركي في العدوان السعودي على اليمن، في تأجيج كارثة إنسانية مستمرة مع انتشار المجاعة والأمراض، وصفتها الأمم المتحدة بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم».
وفي حزيران (يونيو) الماضي، صوّت مجلس الشيوخ بفارق ضئيل لصالح صفقة بقيمة 110 ملايين دولار لتسليح السعودية بالصواريخ الموجهة، عالية الدقة، التي تستخدم في العدوان المتواصل على اليمن. وقد عارض الصفقة 47 سناتوراً مقابل 53 مما أفسح المجال أمام وزارة الخارجية الأميركية لتزويد الرياض بذخائر، بقيمة 670 مليون دولار.
وقالت ستابينو إنها تنتقد بشدة تصرفات السعودية في اليمن ولهذا فقد صوتت ضد صفقة الأسلحة، وأضافت: «لا أعتقد بأن بلدنا يتخذ الموقف الصحيح في هذا الشأن.. هناك أزمة إنسانية ضخمة ولا أظن أن الولايات المتحدة تفعل ما يكفي بهذا الخصوص».
ووصفت اختيار ترامب للسعودية كأول بلد أجنبي يزوره بأنه أرسل «رسالة خاطئة»، مؤكدة أن الزيارة كانت يجب أن تكون لبلد يشاطر الولايات المتحدة القيم الديمقراطية.
الموجة الزرقاء؟
مع سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي، لا مجال لتغيير السياسات الداخلية والخارجية –وفق ستابينو– إلا عبر كثافة التصويت لصالح الديمقراطيين في نوفمبر القادم. وقالت «إذا تم انتخاب عدد كاف من الديمقراطيين لمجلس الشيوخ فهذا سيمكنهم من ترؤس لجان هامة، كلجان الأمن الداخلي أو القضاء أو العلاقات الخارجية، وفي هذه الحالة سوف يتحول النقاش إلى المحاسبة على السياسات (الخاطئة)، مثل: حظر السفر».
وفي السياق، حذرت ستابينو من التقليل من قوة تأثير تغريدات ترامب وخطابه في تغيير جوهر النقاش وحرف الأنظار عن المواضيع الهامة.
وعلى الرغم من أن ستابينو تعتقد بأن المناخ الانتخابي بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض يفضل القيم الديمقراطية، إلا أنها اعترفت بأن (التغيير) يتطلب الكثير من العمل الشاق. وقالت «أود أن أقول إن موجة زرقاء قادمة.. لكنني لن أقول ذلك.. أعتقد أن الناس بحاجة إلى العمل الجاد.. والكلمة الأخيرة ستكون للناخبين».
وتتقدم ستابينو في استطلاعات الرأي في حال مواجهتها أي من المرشحَين الجمهوريَين المتنافسَين على بطاقة حزبهما (ساندي بنسلر وجون جيمس). وفي هذا السياق، تقول: «إن أفضل ما يمكن أن تبذله حملتها الانتخابية هو مواصلة العمل الجاد وإنجاز الأمور التي يجب إنجازها»، متعهدة بـ«النضال في العاصمة واشنطن من أجل عائلات ميشيغن».
وفي كلمة توجهت بها إلى الجالية العربية عبر «صدى الوطن»، قالت ستابينو إنها تتشرف بتمثيل مجتمع متنوع يجعل ميشيغن ولاية تنافسية ونابضة بالحياة.
وأضافت «أنا آسفة جداً على الكلمات الصادرة عن هذه الإدارة.. إنهم مخطئون وكارهون وهم لا يمثلون غالبية الناس، وعلينا أن نساند بعضنا البعض بصوت عال.. وجزء من كون صوتك عالياً هو أن تصوت في الانتخابات.. لأننا نستطيع إحداث التغيير.. وجعل الأمور أفضل، ولكن علينا أولاً المشاركة لإنجاز ذلك».
Leave a Reply