عوقب بالسجن الإنفرادي لمطالبته بممارسة شعائره الدينية
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
كما للإنسان الحر حقوق، فللإنسان السجين حقوق تكفلها القوانين. ابراهيم سويدان، سجين عربي أميركي راسل من خلف زنزانته عدة مؤسسات وجهات حقوقية ودينية واجتماعية في منطقة ديربورن التي كان يعيش بها قبل دخوله السجن، شاكياً تجاوزات لحقوقه الدستورية على أسس تمييزية.
“صدى الوطن” تلقت عددا من الرسائل المتظلمة أرسلها إبراهيم المسجون في سجن فدرالي في ولاية جورجيا يشكو فيها من تعرضه لمضايقات متعددة بينها حرمانه من ممارسة شعائره الدينية ومعاقبته بالسجن الإنفرادي “دون سبب وجيه” على حد قوله.
سويدان كان قد أرسل، أيضاً، رسائل مماثلة لعائلته يشرح فيها معاناته المستمرة داخل السجن ويطالبها بالتواصل مع مؤسسات عربية أميركية، حقوقية ومدنية ودينية، للضغط على إدارة السجن لاسترجاع حقوقه المكفولة قانونيا ودستوريا.
وقد التقت “صدى الوطن” عائلة سويدان واطلعت على مضمون الرسائل التي جاء فيها عرض لبعض المشاكل التي يواجهها إبراهيم المسجون منذ تسع سنوات، ومنها حرمانه من حقه القانوني في ممارسة واجباته الدينية وتزويده بالأغذية الحلال (اللحم الحلال على وجه الخصوص). وقد أرفقت الرسائل مع بيانات ووثائق تظهر أن سويدان قد طالب إدارة السجن عدة مرات بتوفير بعض الحاجيات اللازمة لممارسة حقوقه الدينية والشخصية، إضافة إلى صور عن وثائق تظهر رفض إدارة السجن تلبيتها.
والأدهى من ذلك، حسب الرسائل، أن الإدارة كانت “تعاقب” سويدان على تقديمه تلك الطلبات عبر زجه في السجن الانفرادي لمدة تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر في سلوك تأديبي، قد يكون يراد منه إخضاع السجين وثنيه عن التقدم بطلبات مماثلة.
“صدى الوطن” التقت منار، شقيقة سويدان، التي تعيش في ديربورن، وقد شرحت بشكل مسهب ظروف اعتقال أخيها على خلفية اتهامه بتجارة المخدرات والحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً. وتؤكد منار براءة أخيها من التهمة المنسوبة إليه وتقول: “لقد وقع أخي ضحية مؤامرة فقد وجدت الشرطة سيارة مشبوهة في داخلها مبلغ كبير من المال، وكانت تلك السيارة قد ركنها أحد الزبائن في معرض السيارات الذي يملكه”.
وناشدت منار المؤسسات العربية، المدنية والدينية، لمساعدة شقيقها، وقالت: “للسجين بغض النظر عن الجريمة التي ارتكبها حقوق يجب أن تُصان وأرجو من المؤسسات العربية العمل ما بوسعها لحماية حقوق أخي وتحصيلها فما يتعرض إليه ينطبق عليه المثل: فوق الموتة عصّة قبر”.
وأضافت: “إن إدارة السجن لم ترفض فقط الطلبات التي قدمها أخي وإنما رفضت أيضا طلباتنا بنقل ابراهيم إلى سجن قريب من ولاية ميشيغن لكي نتمكن من زيارته”.
وأشارت منار بلوعة بالقول: “لقد حصل نفس الشيء عندما كان إبراهيم يمضي عقوبته في سجن في ولاية نيوجرسي وقد قمنا بتقديم طلب لنقله إلى سجن أقرب ولكن ادارة السجن قامت بنقله إلى سجن أبعد، وهو سجن جورجيا الذي يبعد 12 ساعة (بالسيارة) عن ديربورن، وقد شعرنا أن الإدارة فعلت ذلك كنوع من عقابنا”. ونوهت إلى أن عائلتها كانت قد اتصلت مع عدة مؤسسات عربية لمساعدتها في هذا الخصوص منذ فترة طويلة ولكن لا نتائج تفيد في أن ظروف أخي في السجن قد تحسنت.
وقال محمد أبو حمدان المسؤول في “المجمع الإسلامي الثقافي” في ديربورن وهو إحدى المؤسسات التي توجهت لها عائلة سويدان طلبا للمساعدة، “لقد قمنا بالاتصال بإدارة السجن أكثر من مرة للتنديد بالأسباب التمييزية التي تتبعها إدارة السجن في معاملة سويدان ولكن إدارة السجن نفت تلك الادعاءات وقالت إنها فقط تطبق القوانين المرعية”.
وأضاف أبو حمدان: “في النهاية قمنا بما يمكن القيام به، ولكن هذه المسألة هي من اختصاص المحامين، وقد علمنا أن المحامي نبيه عياد قد تولى هذه القضية، وهو أقدر بلا شك على متابعة الموضوع سواء من خلال خبرته المهنية أو من خلال نشاطه في مجال الحقوق المدنية”.
من ناحيته، أشار رئيس “الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية”، المحامي نبيه عياد، الى تلقيه إتصال من قبل سويدان يشكو فيه من التمييز الذي يتعرض له في السجن. فتولى عياد القضية بدوافع إنسانية وأرسل برسالة تنديدية الى إدارة سجن ولاية جورجيا حاول الإستفسار فيها عن مدى صحة تعرض موكله للتمييز العرقي والديني وطالبهم بضرورة إحترام القوانين التي تحمي حقوق السجناء المدنية. وتلقى عياد من إدارة السجن رسالة تنفي ممارسة التمييز على سويدان وتؤكد أن السجين يتلقى معاملة عادلة وحقوقه المدنية مصانة. وقد أرسل عياد نسخة من الرسالة التي تلقاها من إدارة السجن الى سويدان.
وتعهد عياد في حديث لـ”صدى الوطن” بمتابعة القضية لمعرفة آخر مستجداتها ومساندة سويدان في كل ما يحتاج اليه. وقال: “نتلقى دائما رسائل وإتصالات من السجون في بعض الولايات الأميركية حيث يشكو فيها المسجون من التمييز العرقي والديني الممارس عليه وحرمانه من حقه في ممارسة شعائره الدينية وغيرها”.
تجدر الإشارة، أنه لدى البحث على شبكة الانترنت، أن السجون في ولاية جورجيا لا تلتزم بالتعديل الـ13 في الدستور الأميركي، والذي ينص على حماية حقوق السجناء وعدم امتهانهم واستعبادهم، وقد شهدت سجون الولاية في العام 2010 اعتصام آلاف السجناء، فيما اعتبر أطول اعتصام في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك لتنفيذ مواد التعديل الـ13 التي تحمي السجناء ممن ممارسات التمييز العرقي والديني وتوفير الشروط الإنسانية اللازمة بما فيها تقديم أجور عن الأعمال التي يؤديها بعض السجناء.
وكان الاعتصام المذكور قد شهد تعتيما إعلاميا أثار الكثير من التساؤلات والشبهات خوفا من إتساع موجة الاعتصامات في سجون أميركية أخرى.
Leave a Reply