القى سفير جامعة الدول العربية في واشنطن الدكتور محمد رجاء الحسيني الشريف محاضرة بعنوان «الربيع العربي ودور الجامعة العربية في الشرق الاوسط» يوم الاثنين في 22 أيلول (سبتمبر) في كلية «هنري فورد» بمدينة ديربورن. استهل الشريف كلمته بالتشديد على الأهمية الاقتصادية والجغرافية والدينية التي يكتسبها العالم العربي قائلا «انه يحوز على 58 بالمئة من الاحتياطات النفطية في العالم و28 بالمئة من احتياطات الغاز ويقع في منطقة استراتيجية في وسط العالم بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، كما انه مهد الحضارات والاديان السماوية و«لهذا السبب عندنا مشاكل وأزمات كثيرة، أزمات تعكس أهمية وغنى هذه المنطقة».
وتطرق الشريف الى نتائج «الربيع العربي» الذي حلت تباشيره في تونس عام 2011، فأشار الى انها لم تكن واعدة وقال: «لا أدري اذا كنا اليوم ما زلنا نستعمل عبارة «الربيع العربي» لاننا لم نر ربيعاً بعد، لقد قرأت ان أحدهم اطلق عليه في صحيفة «نيويورك تايمز» اسم «العقد العربي» وهذا الأسم له معنى افضل لأن نتائج الثورات لا تعطي نتائج مثمرة الا بعد سنوات». وأسهب الشريف بالحديث عن القوى الكامنة وراء الانتفاضات في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا والتي بدأت سلمية لكنها تحولت إلى حرب أهلية عنيفة في بعض البلدان، «الثورات تطالب بإحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والشفافية والديمقراطية لكن هذه المطالب الأساسية لم تكن موجودة» وأضاف «أن طول مدة حكم الحكام وظهور وسائل التواصل الإجتماعي وفي اشعال الانتفاضات، في مصر وتونس لم يدعم الجيش السلطة ضد المتظاهرين بعكس سوريا حيث انحاز الجيش الى النظام لأسباب مذهبية» على حد وصفه.
الشريف دبلوماسي سعودي كان قد خدم سفيرا لبلده في تركيا وكندا وبريطانيا وفنزويلا قبل ان يتبوأ منصب سفير الجامعة العربية في الولايات المتحدة، درس في الجامعة الاميركية في بيروت وحاز على درجة دكتوراه في السياسة الدولية من «جامعة هيوستن» بولاية تكساس.
وتابع الشريف حديثه فأكد ان تأثير «الربيع العربي» قد وصل الى دول عربية أخرى لم تقم فيها تظاهرات رئيسية «فتمدد فيها لكن بطريقة سلمية مما أدى ببعض الانظمة الى القيام باصلاحات سلفا من أجل تفادي الاضطراب السياسي». وأردف: «الجزائر أقامت انتخابات برلمانية بمراقبة دولية وفي المغرب والاردن منح الملكان سلطات اكثر لحكومتين منتخبتين، أما ملوك دول الخليج فقد انفقوا المال على تصحيح البنى التحتية وزيادة الرواتب من أجل افراح الشعب». ونسب سفير الجامعة الى الوليد بن طلال قوله: «اذا كان هناك من درس نتعلمه من الربيع العربي فهو ان رياح التغيير التي تهب حاليا على الشرق الأوسط سوف تصل في نهاية المطاف إلى كل الدول العربية. وهذا هو الوقت المناسب خصوصاً بالنسبة إلى الأنظمة الملكية العربية المتمتعة بقدر معتبر من الشرعية والإرادة الشعبية الطيبة (…) لكي تبدأ بتبني خطوات من شأنها أن تؤدي إلى مشاركة أكبر من المواطنين في حياة بلدهم السياسية».
وقال الشريف إن «السبب الرئيسي لتردد الولايات المتحدة في ضرب سوريا هو لأن إسرائيل لا تريد رحيل الرئيس السوري بشار الأسد» حسب زعمه. أما مسألة الإتفاق الروسي-الأميركي بنزع السلاح الكيميائي السوري فهو «يفيد إسرائيل التي ستكون الدولة الوحيدة في المنطقة المزودة بأسلحة نووية وكيميائية».
وعن الوضع الداخلي في أميركا، أفصح الشريف بأن اللوبي الإسرائيلي يسيطر على سياسة أميركا الخارجية في الشرق الاوسط وأعرب عن احترامه «لسطوة مراكز الأبحاث المؤيدة لإسرائيل في واشنطن والتي تستضيف متحدثين من كل أصقاع الأرض من أجل ترويج وجهات النظر الإسرائيلية». وأردف أن «الربيع العربي» وثوراته حصلت لكن إسرائيل لم تحبها لأنها كانت في حلف مع النظامين التونسي والمصري. وأضاف «مع أن تونس لم تقم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا أن السفير المصري في تل أبيب كان أيضاً يمثل تونس كما علمنا مؤخراً. وكانت إسرائيل تحب القذافي لأنها إذ كيف كانت ستجد مجنوناً مثله يقسم العرب؟».
ودلل الشريف على «نفاق السياسة الخارجية الأميركية التي لا تعترض على مجازر إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، فإزدواجية المعايير هي طريقة حياة الخارجية الأميركية ومشكلتنا مع أميركا هي ضمانها الإستراتيجي لأمن إسرائيل».
وإنتقد سفير الجامعة إسرائيل بسبب إستمرارها في بناء المستوطنات في الضفة الغربية، حتى بعد تجديد عملية مفاوضات السلام مع الفلسطينيين ولكنه إستطرد أن الرأي العام الإسرائيلي يتغير حيال الإحتلال. وأضاف أن الولايات المتحدة وإسرائيل نجحتا بصرف أنظار العرب عن قضية فلسطين من خلال إقناعهم بأن إيران هي الخطر الأكبر على منطقة الشرق الأوسط.
لكن الشريف لم يذكر كلمة واحدة عن الإنتفاضة الشعبية في البحرين والتي رفعت شعارات مشابهة لشعارات ثورات «الربيع العربي» منذ 2011. وعندما سئل عن السبب وصف الوضع في البحرين بتعابير مذهبية صرفة، وقال «الجالية الشيعية هناك غير سعيدة والحكومة تقول إن إيران تقف وراء التحريض والبحرين قريبة جداً للسعودية ومركز هام للأسطول الأميركي وبالتالي لن يسمح السعوديون بالتدخل الإيراني في شؤون البحرين». وإدعى الشريف أن الشيعة في البحرين ممثلون في الحكومة». وسألت «صدى الوطن» السفير الشريف عن إنتقال السلطة في قطر حيث تنحى الأمير حمد بن جاسم آل الثاني لمصلحة إبنه تميم وما إذا كان أحد الأسباب هو النزاع الدائر بين قطر والسعودية، فرد الشريف بالقول «حتى القطريون أنفسهم لا يعرفون لماذا تخلى الأمير (حمد بن جاسم) عن الحكم، وبحكم حجمها وموقعها فإن السعودية هي مثل الشقيق الأكبر لقطر. لكن هل يقبل القطريون هذه الحقيقة؟ هذه مسألة أخرى».
Leave a Reply