يبدو ان طاولة الحوار المعقودة في قصر بعبدا برئاسة العماد ميشال سليمان كانت المصيدة التي وقعت فيها قوى 14 اذار، او استطاعت المقاومة تحويلها الى مصيدة تعثر فيها «ثوار الارز»، وخابت فيها كل امالهم التي بنوها بعد هزيمة 7 ايار وما تلاها من انكسار سياسي في الدوحة اقنعوا انفسهم بأنه انتصار. فقد استطاعوا، ولاول مرة في تاريخ لبنان الحديث، ان ينتزعوا اتفاقاً يقضي بعدم تحقيق اهداف سياسية باستخدام السلاح، الذي تمكنوا من اقرار طاولة حوار من اجل وضعه ضمن استراتيجية دفاعية، حسب ما يرونها، تقضي على هذا السلاح وتجعله تحت امرتهم!. اليس هذا هو الكلام الذي تفوّه به «حكيم» 14 اذار سمير جعجع محاولاً ايهام جمهوره بأنه احرز النصر المبين في الدوحة بفضل موقعه السياسي الكبير وكلمته الراجحة لدى قوى «الارز».
ربما من خلال مراجعة ذاتية قصيرة، يجريها كل من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري للفترة الممتدة من نهاية حرب تموز وخطاب النصر الذي القاه السيد حسن نصرالله في الضاحية وطالب فيه بتأليف حكومة وحدة وطنية، (طالب وقتها بتعديل الحكومة القائمة ليتمثل فيها العماد عون، ومن الامور التي ما زالت مستغربة ان المعارضة وحزب الله تحديداً لم يثيرا مسألة استعادة الثلث المعطل بعد ان انقلب وزراء الرئيس لحود عليه) الى يوم السابع من ايار وما تمخض عنه في الدوحة، ربما اذا جرت المراجعة لتلك الفترة، وضمن حسابات الربح والخسارة، قد تفضي الى الندم والحزن على ما خسراه نتيجة الخيارات الخاطئة والقاتلة في بعض الاحيان.نفس المراجعة اذا اجراها النائب وليد جنبلاط (وربما اجراها) ستفضي الى نفس البؤس والاحباط من واقع الحال الذي وصلت اليه الطائفة الدرزية بفعل رهاناته ومقامراته الخاسرة التي كادت ان تطيح به من على وجه البسيطة.نفس المراجعة لذات الفترة، اذا ما اجراها سمير جعجع ستفضي الى العكس تماماً. مراجعة تكون نتيجتها البهجة والسعادة لما وصلت اليه البلاد وتحديداً تلك المنطقة العالقة في ذهنه والتي ما زال يسميها «الغربية» والتي عجز طيلة فترة الحرب عن قهرها والسيطرة عليها وعلى قرارها. وها هي اليوم اصبحت منقسمة على ذاتها، في جزء منها تعادي المقاومة وترفضها وتستعدي سوريا، وتفتح له ذراعيها وتمد امامه موائدها العامرة بما لذّ وطاب. اما على الصعيد المسيحي فليس امامه ما يخسره بعد ان تحدد حجمه بكتلة نيابية هزيلة.فكيف لا يكون سمير جعجع سعيداً ومنتشياً ولبنان الفيدرالي الذي اراده اصبح واقعاً داخل النفوس وداخل السياسة؟ كيف لا يكون سمير جعجع مبتهجاً عندما تنقض اسرائيل «حليفته القديمة» على المقاومة محاولة إلغاءها وتدمير بنيتها التحتية؟ ألم يبتهج سمير جعجع عندما وصلت المدمرة الاميركية «كول» قرابة السواحل اللبنانية؟ ألم يكن القواتيون في لبنان وفي كل انحاء العالم مبتهجين وفرحين في حرب تموز 2006 لانهم كانوا يعتقدون بأن تلك الحرب ستقضي على المقاومة؟ ألم يخرج كلاماً وصل الى قعر الحقارة، يبرئ اسرائيل من جرائمها في حق 1200 لبناني ويحمّل الضحايا المسؤولية؟ اليست هذه هي مدرسة القوات اللبنانية «وقوات الصدم» التي خرّجت من معسكراتها الحقد والكراهية والعنصرية وكل ألوان واشكال التعصب الاعمى الذي تجلى فى القتل على الاسم والهوية؟!.
Leave a Reply