لانسنغ، واشنطن، فلنت – «صدى الوطن»
واصل حاكم ولاية ميشيغن، الأسبوع الماضي جهوده لاحتواء أزمة تلوث مياه فلنت، معلناً عن إجراء مسح شامل لشبكة أنابيب المياه في المدينة تمهيداً لاستبدال جميع الأنابيب التي تحتوي مادة الرصاص السامة.
ورغم دعوات البعض الى المباشرة فوراً باستبدال شبكة المياه في فلنت، أكد ريك سنايدر على أن إجراء دراسة متأنية للشبكة سيتيح معالجة أفضل للكارثة، مشيراً الى أنه سيتم العمل أولاً على طلاء الأنابيب من الداخل بمادة الفوسفات لوقف تآكلها ومنع تسرب مادة الرصاص الى مياه الشرب. وبعد إجراء الدراسة الشاملة سوف يتم تحديد الأنابيب التي يتوجب استبدالها.
ويوجد في فلنت 56 قطعة أرض، حوالي 5200 منها متصلة بأنابيب تحتوي مادة الرصاص، في حين أن 25 ألف قطعة أرض أخرى في المدينة، لا تعرف طبيعة الأنابيب التي تخدمها، وهو ما يتطلب إجراء مسح دقيق، بحسب حكومة الولاية التي يتوجب عليها توفير التمويل اللازم لخطة استبدالها.
فحص المياه
وكانت وزارة الجودة البيئية في ولاية ميشيغن قد طرحت خطة على المسؤولين الفدراليين يوم الاثنين الماضي لاختبار المياه الملوثة بالرصاص في مدينة فلنت لتحديد إن كانت آمنة وصالحة للشرب. وقالت الوزارة في بيان إن الخطة تطالب بإجراء اختبارات للمياه في المنازل والمدارس والمطاعم وشبكات توزيع المياه علاوة على فحص عينات من الدم.
وقالت صحيفة «ديترويت فري برس» نقلا عن مسؤولين بالولاية إن بعض القطاعات بشبكة التغذية بالمياه قد تصبح صالحة للاستخدام بالتوالي بصفة نهائية في منتصف نيسان (أبريل) القادم.
وكان سنايدر قد مدد الاسبوع الماضي حالة الطوارئ حتى 14 نيسان لحين توفر مياه الشرب الصالحة لسكان المدينة.
وقالت وزارة البيئة في ميشيغن إن الخطة طرحت على الوكالة الأميركية لحماية البيئة للخروج من الأزمة الحالية. وأضافت الوزارة أن الخطة تدعو أيضاً الى اجراء اختبارات من أربع مراحل تستمر المرحلة الواحدة نحو أسبوعين.
ووافق المجلس التشريعي بالولاية على سريان العمل باعلان الطوارئ بالولاية جنباً الى جنب مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما حالة الطوارئ الفدرالية. وكان من المقرر انتهاء سريان الطوارئ على مستوى الولاية في الأول من شهر شباط (فبراير) الجاري.
ويقول محامون عن السكان إن البعض منهم أبلغ عن اصابته بالطفح الجلدي وسقوط الشعر ومشاكل أخرى في أعقاب تغيير مصدر التغذية بمياه الشرب بالمدينة. ويمكن ان يؤدي التلوث بالرصاص والمعادن الثقيلة الأخرى الى الحاق الضرر بالمخ والأعصاب ومهارات التعلم والانجاب والكلى ولاسيما بين الأطفال من بين مشكلات أخرى.
وقد اقدم المحامي المعروف من آناربر جيفري فايغر بدعوى تعويض بقيمة ١٠٠ مليون دولار لأحد الأطفال المصابين بتلوث الرصاص.
وتقوم السلطات بالتعاون مع منظمات خيرية بتوزيع مياه الشرب والصنابير الجديدة والمصافي على سكان المدينة المنكوبة بانتظار توفير المياه الصالحة للشرب.
لا توسيع لبرنامج «ويك» الغذائي
وفي سياق آخر، رفضت وزارة الزراعة الأميركية طلب حكومة ولاية ميشيغن بتوسيع مظلة برنامج التغذية الفدرالي للنساء والأطفال (ويك) ليشمل أطفال مدينة فلنت الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وعشر سنوات.
وجاء طلب الحاكم ريك سنايدر ضمن جهود حكومته في المساعدة في تخفيف آثار كارثة تلوث مياه فلنت عبر تحسين المستوى الغذائي لأطفال المدينة الذي يعاني جزء كبير منهم من تلوث الدم بمادة الرصاص السامة.
وقالت وزارة الزراعة الأميركية في ردها الجمعة الماضي بأن هذا البرنامج الفدرالي يشمل فقط الأطفال دون سن الخامسة وفق القانون الفدرالي، مشيرة الى أن أي تعديل في هذا الشأن يحتاج الى قرار من الكونغرس.
ورد سنايدر السبت الماضي على جواب الوزارة طالباً منها إعادة النظر في قرارها، وأشار الى أنه يدرك أن تمويل البرنامج الغذائي لا يغطي الأطفال فوق سن خمس سنوات، لكن الحاجة لتحسين صحة ونمو الأطفال الذين تعرضوا لمادة الرصاص يتطلب التنازل عن اللائحة التنظيمية للبرنامج، وأضاف «أرى أن الحكومة بجميع مستوياتها عليها تقديم شيء لمساعدة فلنت على التعافي من أزمتها، مثلما كان للحكومة بجميع مستوياتها دور في خلق الأزمة في المدينة»، في إشارة الى مسؤولية الحكومات المحلية والفدرالية في وقوع أزمة تلوث مياه فلنت.
وقال سنايدر في رده «علينا الإعتماد على جميع الموارد الممكنة والعمل بشكل تعاوني لتلبية إحتياجات سكان فلنت سواء الفورية أو طويلة الأجل».
وكان سنايدر قد وقع يوم الجمعة الماضي قانوناً جديداً يسمح لحكومة الولاية بإنفاق 28 مليون دولار من الموازنة لمساعد فلنت في إجتياز محنتها.
وقال سنايدر الأربعاء الماضي إنه سيطلب من المجلس التشريعي في لانسنغ إقرار تمويل إضافي بقيمة 30 مليون دولار لتعويض سكان المدينة عن فوايتر المياه الملوثة، وذلك ضمن موازنة العام 2016-2017.
من المسؤول؟
وعقدت لجنة فرعية في مجلس النواب الأميركي، الأربعاء الماضي، جلسة استجواب في قضية تلوث مياه فلنت، طغى عليها تبادل الاتهامات بين المسؤولين، وهو ما دفع رئيس اللجنة النائب جايسون شافيتز (جمهوري عن يوتاه) الى الإعراب عن خيبة أمله الكبيرة بسبب فشل السلطات المحلية والفدرالية الذي أودى الى تلوث مياه الشرب بالرصاص. وقال شافيتز «إنه فشل على جميع المستويات».
وكانت وكالة حماية البيئة الفدرالية قد اتهمت وزارة البيئة في ميشيغن بعدم الجدية في إجراء فحوص المياه، ولكن المسؤولين في ميشيغن حملوا الوكالة تأخرها لأشهر للرد على استفسار رفعته ميشيغن بشأن ضرورة التحرك لمواجهة الأزمة، ولم يأتها رد من الجانب الفدرالي حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بحسب ما كشفت رسائل الكترونية متبادلة بين الطرفين.
والجدير بالذكر أن مدير الطوارىء المالية السابق لمدينة فلنت، دارنيل إيرلي، والذي اتخذ في عهده قرار التحول من استخدام مياه ديترويت الى مياه نهر فلنت مما تسبب بأزمة التلوث، لم يحضر جلسة الاستجواب في الكونغرس رغم استدعائه اليها، مما دفع ببعض المشرعين الى الدعوة لملاحقته بتهمة ازدراء الكونغرس وهي تهمة تتراوح عقوبتها بين غرامة بقيمة ألف دولار والسجن لمدة عام كامل.
وكان إيرلي (٤٦ عاماً) قد قدم الأسبوع الماضي استقالته من منصبه كمدير طوارئ مالية لمدارس ديتروي العامة، وهو منصب تولاه بعد مغادرته موقعه في فلنت.
وفي سياق آخر، أعلن متحدث باسم وزارة العدل الأميركي، أن مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) بالتعاون مع وكالات أمنية قد بدأ التحقيق في أزمة مياه فلنت لتحديد المسؤولين عن الكارثة.
Leave a Reply