على الرغم من أنَّ «صدى الوطن» إعتادت فـي السنوات الماضية على دعم لائحة المرشحين التي تصدرها اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي «أيباك» منذ إنطلاقتها عام ١٩٩٨، إلّا أنها إعتمدت نهج الإنفتاح والشفافـية والديمقراطية فـي إتخاذ قراراتها، كما أنَّ السباق المحموم على منصب حاكمية الولاية كان صعباً لـ«ايباك» كما هي الحال مع السواد الأعظم من الناخبين فـي الولاية. وبالتالي فإن قرار الدعم الذي إعتمدته «أيباك» قد خضع هذه المرَّة لتصويت مئات المشاركين فـي حفلها السنوي، والذي أفرز دعماً كاسحا للمرشح الديمقراطي مارك شاور على منافسه الجمهوري ريك سنايدر. وكذلك كانت نتيجة القرار الذي تناولته هيئة التحرير فـي صحيفتنا وذلك بعد نقاش مستفـيض تبين أن معظم الأعضاء فـي هيئة التحرير فضًلوا مارك شاور على منافسه الجمهوري.
فـي التوجه العام نحن نعتقد أن كِلا المرشحَيْن يحملان مصلحة ميشيغن فـي قلبيهما وإن كان نهجهما السياسي يختلف بشكل جذري.
وللأمانة التاريخية فقد قام الحاكم ريك سنايدر بعمل جدير بالثناء عبر تعديل موازنة الولاية والتركيز على إعادة الحياة الى مدينة ديترويت وإنقاذها من خلال قرارات شجاعة لم تخلُ من الهفوات. غير أنَّ بعض الخيارات الصعبة التي اتخذها خلال ولايته الحالية إنعكست سلباً على حياة بعض المواطنين، خاصة كبار السن والطلاب.
من جهته، وعد شاور بالقضاء على الضرائب المفروضة على الرواتب التقاعدية والعمل على زيادة التمويل المخصص للتعليم. كما أنَّ المنافس الديمقراطي لديه سعة من الخبرة السياسية ومهنة تشريعية طويلة إمتدت لفترة ١٢ سنة فـي المجلس التشريعي للولاية وسنتان فـي الكونغرس الأميركي. ويمكن ان تسعف صلاته فـي واشنطن على تأمين المنح الفـيدرالية الحيوية لإصلاح طرقنا ومساعدة الطبقة العاملة المكافحة.
وتعهد شاور أيضاً بجعل التعليم أولوية رقم واحد والقيام بتمويل كافٍ لمدارسنا كطريقة فضلى ووحيدة لخلق اقتصاد قوي فـي المستقبل. والمعروف أنَّْ الجالية العربية الأميركية هي جالية فتية ولديها مصلحة كبيرة فـي تعزيز التربية والمدارس التي شهدت تخفـيضات واقتطاعات تحت إدارة سنايدر.
شاور وعد كذلك بحقوق متساوية لجميع مواطني ولاية ميشيغن من دون تفرقة، وبغض النظر عن العرق أو الجنس أو التوجه الجنسي. وعندما سألته «صدى الوطن» عما إذا كان سيتحدث عن قضايا تواجه العرب الأميركيين مع الحكومة الفـيدرالية، مثل إغلاق الحسابات المصرفـية لبعض رجال الأعمال العرب ووضع البعض الآخر على قائمة الحظر الجوي، أكد شاور «سوف أقف مدافعاً عن شعب ميشيغن ضد جميع أنواع التنميط العنصري».
وفـي حين أن حاكم الولاية سنايدر يحمل سجلاً مؤيداً للهجرة والمهاجرين وتحدث فـي مناسبات عدة عن تعزيز التنوع والشمولية، إلا أنَّ سجله لا يتطابق مع كلامه. فسنايدر لم يعيِّن أياً من العرب الأميركيين فـي مناصب عالية فـي إدارته، على الرغم من أن جاليتنا تزخر بالأفراد الكفوئين والمؤهلين الذين يمكن أنْ يُساهموا بمواهبهم وطاقاتهم فـي رفعة الولاية وتزويدها بالخبرة اللازمة فـي كل المجالات. فـي المقابل، تعهد شاور فـي مقابلة مع «صدى الوطن» فـي يوليو (تموز) الماضي، بضم العرب الأميركيين إلى إدارته المتنوعة التي يعتزم تشكيلها فـي حال فوزه.
وقال شاور بالحرف «أنا أريد التأكد من أن إدارتي سوف تشبه شعب ولايتنا. وسوف استعين بأعضاء من الجالية العربية الأميركية والإسلامية، لمناصب قيادية فـي إدارتي». وكرر شاور هذا الوعد، من دون وجل، فـي حفل «أيباك» السنوي فـي ٢٢ أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، وأيضاً خلال حفل الاستقبال الذي أقيم له فـي «المتحف الوطني العربي الأميركي» فـي ديربورن يوم الاثنين الماضي.
أماالحاكم الجمهوري فقد جرح مشاعر الجالية العربية الأميركية عندما زار اسرائيل فـي العام الماضي. بل وخلال الزيارة، غير المحمودة، شارك بصفته الرسمية بإحتفال عيد الميلاد التسعين لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شيمون بيريز المعروف بجزار قانا، لأنه عندما كان فـي الحكومة الإسرائيلية فـي عام ١٩٩٦، ارتكب الجيش الإسرائيلي واحدة من أبشع جرائم الحرب فـي تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ووفقاً لعدة منظمات لحقوق الإنسان، بما فـي ذلك «هيومن رايتس واتش» ومنظمة العفو الدولية، يومها قصفت إسرائيل، عمداً، مجمعاً تابعاً للأمم المتحدة لجأ إليه مدنيون لبنانيون عزَّل من بلدة قانا فـي جنوب لبنان هرباً من الهمجية الإسرائيلية، وذلك فـي ١٨ نيسان (أبريل) ١٩٩٦. ونتيجة هذه المجزرة، التي هي ليست غريبة عن «تراث» إسرائيل، استشهد أكثر من ١٠٠ شخص من الأطفال والنساء والشيوخ، من بينهم إثنان من الأطفال الأميركيين من ولاية ميشيغن كانا يزوران جدتهما فـي لبنان للمرة الأولى، وهما هادي وعبد المحسن بيطار.
كان يتوجب على سنايدر أن يفكر بمواطنَيْن من ولايته قُتٍلا عن سابق تصور وتصميم وبأقارب الإخوة بيطار الذين هم ناخبوه، قبل الاحتفال برجل معروف فـي جاليتنا وفـي الضمير الإنساني العالمي بإسم «جزَّار قانا». وليتذكر سنايدر أنَّه حتى مدينة ديربورن أجرت توأمة مع قانا الشهيدة ولها نصب تذكاري فـي قلب المدينة الميشيغانية!
أما الإهانة الثانية التي وجهها سنايدر للجالية العربية والإسلامية جاءت من ديترويت هذه المرة لتصبَّ الملح على الجرح الذي لم يندمل بعد، فألقى فـي سبتمبر (أيلول) خطاباً عرمرمياً أثناء المؤتمر السنوي الواحد والخمسين للجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية «إسنا» فـي ديترويت، أكد فـيه «حق إسرائيل فـي الوجود والدفاع عن نفسها» رغم أنَّ دماء الغزاويين نتيجة مذابح إسرائيل لم تجف بعد. وهكذا حشر سنايدر إسرائيل فـي مؤتمر إسلامي أميركي لا علاقة له بالصراع فـي الشرق الأوسط. وأغاظت تصريحاته الاستفزازية منظمة «إسنا» وغيرها من المنظمات الإسلامية لدرجة أنها جميعها حثَّت أعضاءها على إلاتصال بمكتب الحاكم وشجب هذه التصريحات غير اللازمة خصوصاً وأنها تزامنت مع دعوة الرئيس الاميركي الأسبق جيمي كارتر بإقامة دولة فلسطينية وإنهاء العنصرية الإسرائيلية أثناء مشاركته فـي المؤتمر نفسه. وبينما كان الأجدر بسنايدر التركيز على تنشيط وتعزيز مدينة ديترويت، أفلح فـي توجيه إساءة لمنظمي المؤتمر الذي استمر لمدة أربعة أيام وحضره ٢٠ ألف زائر من جميع أنحاء أميركا جاءوا إلى مدينة تترنح إقتصادياً وتنزف بشرياً.
Leave a Reply