خليل رمال – «صدى الوطن»
حاكم الولاية ريك سنايدر مصر على قراره بأنه لن يشجع إعادة توطين اللاجئين السوريين فـي ميشيغن قبل التحقق من دقة عملية الفحص الأمني، معتبراً أن هذا هو العائق الوحيد أمام رغبته فـي استقدام اللاجئين الى ميشيغن.
ولا يبدو أن التطمينات والشروح المطولة التي قدمها المسؤولون الفدراليون حول عملية الفحص الأمني وتعقيداته كانت كافـية لسنايدر، خاصة وأن إدارة الرئيس باراك أوباما قررت مواصلة برنامج إعادة التوطين واكتفت باقتراح يسمح للحكام بمعرفة معلومات عامة عن اللاجئين بعد أن يتم توطينهم فـي ولاياتهم.
رد سنايدر الثلاثاء الماضي، بنشر مضمون رسالة كن قد وجهها قبل أسبوعين إلى المسؤولين الفدراليين، دعا فـيها إدارة الرئيس باراك أوباما الى مواصلة المحادثات لمعالجة مخاوف حكام الولايات من إمكانية تسلل الإرهابيين الى بلادهم، وذلك بعد يوم على اتصال أجراه مع كبير موظفـي البيت الأبيض اقترح فـيه الأخير على الحكام -إذا رغبوا- الحصول على تقارير شهرية، حول أعداد اللاجئين الذين سيجري توطينهم فـي ولاياتهم، تتضمن بيانات شخصية، مثل الجنسية والجنس والعمر.
رسالة سنايدر
توجه سنايدر فـي رسالته الى كل من وزير الخارجية جون كيري ووزير الأمن الداخلي جاي جونسون، مطالباً الإدارة بإشراك «مجلس حكام الولايات» فـي مناقشة المسائل المتعلقة بسلامة برنامج إعادة توطين اللاجئين. و«مجلس الحكام» هو هيئة استشارية مؤلفة من 10 أعضاء بينهم سنايدر، الذي دعا أيضاً الى تعاون الحكومة الفدرالية مع شرطة الولايات وخبراء الأمن الوطني، لمعالجة المخاوف الأمنية.
وأضاف سنايدر «بوجود هؤلاء الخبراء فـي غرفة واحدة، أنا واثق من أنه يمكننا أن ننخرط فـي حوار عميق حول فعالية عملية الفحص الأمني». وتابع الحاكم بالقول «علاوة على ذلك، أود توسيع النقاش ليشمل تعزيز التواصل بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والمسؤولين الحكوميين المحليين لضمان ان يكون الجمهور على علم جيد بمدى فعالية عملية الفحص الأمني لجميع الأفراد الراغبين فـي القدوم إلى أميركا».
وكان سنايدر من أوائل حكام الولايات الذين أبدوا معارضتهم لخطة الرئيس باراك أوباما لقبول عشرة آلاف لاجئ سوري فـي غضون عام، وذلك فـي أعقاب هجمات باريس الإرهابية التي أدت الى مقتل أكثر من ١٣٠ شخصاً فـي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، غير أن إدارة أوباما أكدت إصرارها على استقبال هؤلاء خلال السنة المالية الحالية.
وفـيما اكتفى سنايدر بالإعلان عن قرار تعليق جهوده لتوطين اللاجئين فـي ميشيغن، الى حين مراجعة العملية الأمنية، حث العديد من الحكام الآخرون إدارة أوباما على عدم استقبال أي لاجئ سوري أو عراقي لسنوات قادمة، خوفاً من أن يستخدم الإرهابيون برنامج توطين اللاجئين للتسلل إلى الأراضي الأميركية وتنفـيذ عمليات إرهابية.
اللاجئون قادمون
استقبلت ميشيغن خلال السنوات الماضية الآلاف من السوريين والعراقيين، وذلك أكثر من كل الولايات ما عدا واحدة أو اثنتين. ويبدو أن الولاية فـي طريقها الى استقبال المزيد منهم مع اعلان ادارة أوباما عن عزمها مواصلة توطينهم، رغم اعترض الحاكم.
ويؤكد أوباما ومستشاروه أن عملية الفحص الأمني للاجئين السوريين -وغالبيتهم من النساء والأطفال- تستغرق سنوات، وتتضمن العديد من المقابلات والتحقيقات الأمنية، مما يجعل من هذه العملية أقوى إجراء فعال للتحقق من اللاجئين إلى هذه البلاد.
والأسبوع الماضي، اقترح مسؤول فـي البيت الأبيض على سنايدر وحكام آخرين منح الولايات صلاحية الوصول إلى معلومات حول اللاجئين ولكن بعد أن يتم توطينهم فـي الولايات، غير أن المسؤول لم يعلق على مطالب الحكام بوقف توطين اللاجئين السوريين والعراقيين بعد هجمات باريس التي تبناها تنظيم «داعش» الإرهابي.
ونقلت «ديترويت نيوز»، أن رئيس موظفـي البيت الأبيض، دنيس ماكدونو، اقترح على سنايدر و٣٣ من الحكام الآخرين خلال مكالمة مشتركة أجريت بعد أسبوع من هجمات باريس، اقترح امكانية حصول حكومات الولايات -إذا رغبت بذلك- على تقارير شهرية، عن أعداد اللاجئين الذين سيجري توطينهم فـي ولاياتهم، مع عرض جنسياتهم والفئات العمرية وجنسهم.
وسيتم توفـير المعلومات فقط بعد أن يتم توطين اللاجئين فـي الولاية، ولكن لن تشمل المعلومات أموراً خاصة محددة عنهم، مما يؤكد ليس فقط إصرار أوباما على الاستمرار فـي برنامج إعادة توطين اللاجئين بأقصى سرعة على الرغم من الجهود المبذولة لإبطائه، ولكن أيضاً كشف ضعف حيلة الحكام فـي تحديد أين سيعيش اللاجئون فـي الولايات المتحدة.
«يستجيب هذا الاقتراح للحكام وفـي نفس الوقت يكفل حماية خصوصية عائلات اللاجئين»، ذكر ماكدونو فـي رسالة لصحيفة «فري برس»، أشار فـيها أيضاً إلى احتمال اجراء محادثات فـي المستقبل بين إدارة أوباما وحكام الولايات حول عملية الفحص الأمني للاجئين.
ويبدو أن قرار سنايدر بنشر الرسالة جاء ليؤكد عدم الرضا على تعاطي البيت الأبيض مع القضية.
وكان الحاكم قد أبدى فـي رسالته لكيري وجونسون عن تقديره للـ«توضيح الدقيق والمطوّل» لعملية الفحص الأمني. لكنه أشار الى أن المخاوف الأمنية تحتاج الى من يهدّئها.
المشكلة السورية
على الرغم من أن سنايدر لم يذكر تلك المخاوف فـي الرسالة، الا ان بعض المسؤولين الفدراليين، بما فـي ذلك جونسون وجيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفـيدرالي (أف بي آي)، كشفا أن أكبر التحديات التي تواجه السلطات فـي عملية التدقيق الأمني هي انقطاع العلاقات مع الحكومة السورية واستحالة الحصول على تاريخ اللاجئين الجنائي أو الأمني من الدوائر الرسمية فـي سوريا.
وتحاول السلطات الأميركية تعويض ذلك عبر إجراء تحقيقات خاصة ومقابلات شخصية مع اللاجئين ومطابقة قصصهم مع غيرها من مصادر المعلومات للتأكد من مصداقيتها.
واقترح سنايدر ان تواصل الإدارة مناقشة هذا الموضوع مع مجلس الحكَّام فـي اجتماعه المقبل هذا الشهر. وقد كشف مسؤول فـي إدارة أوباما لصحيفة «ديترويت فري برس»، الأسبوع الماضي، أن البيت الأبيض ينظر فـي مسألة شمول نقاشات توطين اللاجئين فـي الاجتماع المقبل لـ«مجلس الحكام»، والذي لم يتم تحديد موعده بعد.
فـي حال أرضى البيت الأبيض الحكام المتوجسين أم لم يفعل، يبدو أن الإدارة الأميركية مصممة على استقبال اللاجئين السوريين وفق الخطط الموضوعة، وستكون ميشيغن قبلة للكثيرين منهم، برضا سنايدر أو بدونه.
إذ تعتبر ميشيغن مقصداً للاجئين السوريين والعراقيين منذ العام 2013، وحسب بيانات وزارة الخارجية استضافت الولايات المتحدة ٢٢٢٥ لاجئاً سورياً، أعيد توطين ٢١١ منهم فـي ميشيغن، بينما قصد كاليفورنيا ٢٤٣ لاجئاً وتكساس ٢٣٦ لاجئاً.
أما من حيث عدد اللاجئين العراقيين، فقط ولاية كاليفورنيا ضاهت ميشيغن حيث استقبلت ٧٦٠٢ شخص بينما قدم إلى ميشيغن ٦٦٦٠ لاجئاً عراقياً منذ بداية العام 2013.
Leave a Reply