ديترويت – محمد رموني
عقب مرور سنة على الإعلان التاريخي لإفلاس ديترويت قال مدير الطوارئ المالية كفين أور بأن رئيس البلدية مايك داغن ومجلس ديترويت البلدي قادران على إدارة المدينة حال إنتهاء مهمته في أيلول (سبتمبر) القادم.
وقال أور في مقابلة مع صحيفة «فري برس» أنه معجب بتركيز داغن والمجلس البلدي على تحسين أوضاع المدينة دون النظر إلى الخلافات العميقة التي كانت واضحة إبان تسلم أور لمهام وظيفته في الشهور الأولى، وقال إن المعارك بين رئيس البلدية والمجلس البلدي إختفت جميعها، في حين حلت الخلافات في معظمها بينه وبين المسؤولين في البلدية بشكل ودي. وكان أور سلم إدارة المهمات اليومية تدريجيا لرئيس البلدية والمجلس، لكنه أكد انه ستكون هناك هيئة استشارية مالية لمدة 13 عاماً لضمان الأداء المالي السليم وتحقيق موازنات منضبطة دون الإفراط في الإقتراض أو التوسع في الإنفاق.
مبنى الـ«جي أم» في وسط ديترويت التجاري(منظوراً من جزيرة «بيل آيل» (عدسة: عماد محمد |
من جانبه قال داغن السبت الماضي «العلاقة بيني وبين أور مرت بمهنية ودون دراما وأعتقد أن الفترة الإنتقالية ستمر بمهنية ودون دراما أيضاً». وكان أور تلقى إنتقادات لاذعة قبل سنة من الآن إعتراضا على تعيينه في هذا المنصب وقيامه بتهميش دور رئيس البلدية السابق دايف بينغ. من ناحيتها قالت استاذ القانون في جامعة «واين ستايت» باث بارتيل بأن القاضي الفدرالي ستيفن رودز أنجز قضية الإفلاس في ديترويت بسرعة لم تكن متوقعة، وانه لم يسمح بإطالة الإجراءات القانونية التي لا مبرر لها وكان بذلك متميزا في إدارة قضية إفلاس لمدينة كبرى هي الاولى في تاريخ اميركا.
:روح التعاون بين دغان وجونز
عقب سنتين من الصراع بين رئيس البلدية والمجلس البلدي، انتخبت بريندا جونز رئيسة للمجلس، وللمرة الاولى بدأ المجلس يتحدث بلغة موحدة مع رئيس البلدية الجديد ومع أور، وكان داغن أطلق حملته الانتخابية باسم المرشح المقاتل من أجل إستعادة السيطرة على مقاليد الأمور في ديترويت وإخراج أور، في تلك الأثناء وقفت جونز وسط هذه المعمعة موقف المنتقد لتدخل الولاية في شؤون المدينة، لكنها سرعان ما بدت عليها علامات التحول إذ اضحت أكثر هدوءا ولكن أكثر منهجية في توجيه الإنتقاد، كانت حريصة على إثبات العكس في السمعة التي إشتهرت بها حكومة المدينة من انها غير متعاونة وتعاني من الصراع الداخلي.
وقالت جونز في مقابلة صحفية الاسبوع قبل الماضي «انا لا زلت بريندا جونز عضوة المجلس البلدي، ولكنني ايضا رئيسة المجلس، ما يعني أنني امثل المجلس ككل، وهذا معناه ان هناك فرقاً بين ان تمثل نفسك وان تمثل هيئة، أنا امثل المدينة برمتها». وقالت «المجلس برمته شهد تحولا، فنحن نعمل كفريق متعاون، واعتقد اننا فريق جيد». وقد أثنت على داغن باعتباره مستمع جيد لمقترحاتها وانه أقام اتصالات منتظمة وغير رسمية مع المجلس، وقالت إنها تتحدث معه في كثير من الاحيان وهذا شيء لم يكن يحدث مع رؤوساء البلدية السابقين.
من جانبه قال داغن إن جونز لم تتنازل عن مبادئها الاساسية، مشيراً إلى أنها صوتت ضد اقامة استاد رياضي لنادي «ريد وينغز» وكذلك لخصخصة جمع النفايات في ديترويت. وقال داغن «لا اعتقد انها اضحت شخصاً مختلفاً، ولكنني بادرت إلى التشاور معها في كل مسألة هامة وكنت حريصا على إبلاغها بكل شيء في وقت مبكر، وعندما تأخذ بآراء وافكار الآخرين يصبحوا داعمين لك، وهذا ليس الحال عندما تتجاهلهم، اذن اعتقد ان التغير حصل حينما عوملت جونز واعضاء المجلس بكل الاحترام. وقال داغن أنه لا يزال يعارض وجود مدير طوارئ مالية ولكن عليه التعامل مع الواقع السياسي، وقال «قلت اثناء حملتي الانتخابية بأنني سأتعامل مع مدير الطوارئ، فليس هناك خيار آخر أمامي» وأضاف أنه إذا اراد تحقيق انجاز في انارة الشوارع وازالة المباني المهجورة ومعالجة مشكلة الحافلات ودائرة الاطفاء، ينبغي عليه ان يكون متعاونا، وقال انه لم يكن سعيدا بتلك العلاقة، ولكن كان ذلك هو الترتيب الافضل الذي استطعت التوصل اليه، واعتقد انني وكفين أور استطعنا انجاز عملنا بمهنية. ووصف المحلل السياسي كريغ باوينز والذي كان المتحدث باسم رئيس بلدية ديترويت الاسبق دنيس آرتشر، التعاون الذي نشأ بين داغن وجونز والمجلس بانه يمثل «السياسة الذكية للمرحلة». وقال «انهم لا شك غير راضين عن قانون الطوارئ المالية، وكانوا سيتخلصون منه لو كان الأمر بيدهم، ولكنك حين تفوز في الانتخابات عليك ان تتعلم كيف تحكم، هذا فن السياسة، عليك ان تسعى للتخلص من نير مدير الطوارئ ولكن دون اعطاء الولاية المبرر لتزيد من ضغوطها عليك».
:لقاء بالصدفة وصفقة كبرى
لقاء بالصدفة شكل طوق نجاة للمتقاعدين ومعهد ديترويت الفني وهو لقاء تم بين قاض ورئيس منظمة خيرية، حيث طلب القاضي رودس من قاضي المحكمة الجزئية الاميركية جيرالد روزين التوسط بين البلدية والدائنين. شاءت الأقدار ان يلتقي روزين برئيسة مؤسسة «كوميونتي» في جنوب شرق ميشيغن ماريام نولاند بأحد المطاعم في ديترويت الخريف الماضي، وبث لها همومه فسألته ان كان بيدها شيء تستطيع من خلاله تقديم العون.
بعد عدة شهور استطاع روزين إقناع منظمات خيرية كبرى بالتبرع بـ 350 مليون دولار، وهذه المنظمات اضافة الى حكومة الولاية ومعهد ديترويت الفني استعدوا لدفع 816 مليون دولار في مقابل تخفيض المبالغ المقتطعة من أموال المعاشات التقاعدية ووضع المعهد تحت سيطرة مؤسسة غير ربحية بدلاً من البلدية، وذلك بهدف حماية كنوز المعهد الفنية من البيع لتسديد ديون ديترويت.
وكان يشترط من اجل توفير هذا المبلغ موافقة المتقاعدين على خطة أور والذي اعتبر هذا المبلغ بمثابة نعمة من السماء، بدونها سيضطر الى تخفيض أكبر في رواتب المتقاعدين، وعليه صوت المتقاعدون والعاملون لصالح الخطة، الساعة الخامسة مساء الجمعة وتعهد أور بعدم الكشف عن نتائج التصويت الرسمية إلاّ في 21 تموز (يوليو). وقال نقاد إن ما عرض على المتقاعدين معادلة بسيطة قيل لهم اذا لم تصوتوا لصالح الخطة فإننا سنخسر 816 مليون دولار.
وبموجب خطة أور فإن معاشات المتقاعدين في دائرتي الشرطة والإطفاء لن تمس، ولكن سيجري تخفيض تعديلات تكلفة المعيشة الى النصف، في حين ستخفض رواتب المتقاعدين الآخرين بنسبة 4،5 بالمئة وستلغى تعديلات تكلفة المعيشة. كما شهد المتقاعدون تخفيضات هائلة في مزايا الرعاية الصحية، مثلما فرض على المتقاعدين باستثناء الشرطة والإطفاء الذين شاركوا في برنامج الإدخار التسديد على أقساط ما تقول البلدية انها كانت دفعات فائدة مفرطة، بذلك ورغم ما يوصف بالصفقة الكبرى الا ان المتقاعدين تلقوا لطمة كبرى.
:وجها لوجه .. محادثات مع المشرعين
وجد داغن والمجلس آذانا صاغية في اوساط المشرعين هذا الصيف لناحية التكتل لسن قوانين من شأنها مكافحة سرقة المواد المعدنية، بما كان لهذه الآفة من اضرار على الانارة في الشوارع جراء سرقة الاسلاك النحاسية. ثم جاء التصويت بموافقة الاغلبية من الحزبين على مشاركة الولاية بدفع 195 مليون دولار، في مقابل مراقبة الولاية للاداء في ديترويت لمدة طويلة، استطاع داغن والمجلس تقصيرها من 20 الى 13 عاما. عقد المحلل السياسي المخضرم ستيف ميشيل بين التوافق في وجهات النظر بين داغن الديمقراطي وحاكم الولاية ريك سنايدر الجمهوري من جهة وبين التوافق الذي كان قائما بين رئيس بلدية ديترويت الاسبق كولمان يونغ الديمقراطي وحاكم الولاية آنذاك الجمهوري وليام مليكين في السبعينيات من القرن الماضي. وارجع ميشيل الفضل في ذلك الى الدهاء الذي يتمتع به داغن في قدرته على التعاون مع كل من المشرعين والمجلس البلدي، وقال انه قادر على المحافظة على استمرارية هذا التوافق. وتعهد داغن وجونز بالمحافظة على علاقات جيدة مع المشرعين من الحزبين، وقالت جونز انها كانت سعيدة بلقاء المشرعين وجها لوجه لما يشكله التعاون مع كونغرس الولاية من اهمية، وقالت «التحدث معهم مباشرة أحدث فرقا، وقالت آمل ان تستمر العلاقات الودية معهم».
Leave a Reply