قوافل العائدين إلى الجنوب تؤرق دولة الاحتلال مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
تقرير أسبوعي
فجر الأربعاء 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق نار بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ بوساطة أميركية مستعجلة، جاءت بعد جولة قصف غير مسبوقة شنتها المقاومة على عمق الكيان يوم الأحد الماضي، حين أمطر «حزب الله» المدن والمستوطنات الإسرائيلية بنحو 340 صاروخاً طال العديد منها قلب تل أبيب دون أن تتمكن الدفاعات الجوية من صدها، بينما كانت قوات الاحتلال الغازية تتكبد خسائر فادحة في محاولاتها الحثيثة لبلوغ نهر الليطاني دون تحقيق أي تقدم يذكر.
وأمام الوضع الميداني الذي يشي بمزيد من التصعيد من جانب «حزب الله»، في مقابل نفاد «بنك الأهداف» الإسرائيلي الذي لم ينجح في ضعضعة المقاومة وقدراتها الدفاعية والهجومية، وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه مضطراً إلى وقف إطلاق النار ولو مؤقتاً، بذريعة إراحة الجيش وإعادة تذخيره و«التفرّغ لإيران»، ممنّياً النفس بفصل وحدة الساحات، عبر إغلاق جبهة المساندة التي فتحتها المقاومة اللبنانية نصرة لغزة منذ أكثر من ١٣ شهراً.
وخلال ساعات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، باشر الجيش اللبناني الانتشار في الجنوب، فيما كانت قوافل النازحين تتسابق في العودة إلى قراهم ومدنهم في مشهد أثار مشاعر الصدمة والغضب في الداخل الإسرائيلي وسط عجز المستوطنين عن العودة إلى بلدات الشمال.
في المحصلة يمكن القول إن الحرب التي خططت لها إسرائيل منذ العام ٢٠٠٦ للقضاء على حزب الله لم تؤت أكلها، حيث ظلت المقاومة متماسكة رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها مع بدء عملية «سهام الشمال» التي تكسرت على صدور «أولي البأس».
مشهد النصر
في مشهد أعاد إلى الأذهان لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار في 13 آب (اغسطس) 2006، غصت طرقات لبنان، في مختلف أنحائه، بقوافل العائدين، الذين سارعوا لاستقبال أول شعاع شمس يوم الأربعاء، وهم في مسار العودة، غير خائفين من تهديدات الاحتلال، والتدابير التي أراد من ورائها تخويفهم، في وقت رفض مئة ألف مستوطن، العودة إلى منازلهم في مستعمرات الشمال، ما دفع حكومة نتنياهو إلى الإعلان أن الحدود لا تزال منطقة عسكرية مغلقة.
وقد شكلت عودة الجنوبيين خصوصاً تحدياً صريحاً وصدمة قوية لإسرائيل التي بادرت إلى إصدار تهديدات ضد كل من يتحرك قرب قرى الحافة الأمامية في محاولة منها لتهدئة غضب الداخل وتعكير صورة النصر التي خطها اللبنانيون على الطرقات المؤدية إلى الجنوب والبقاع والتي تجلت بأخذ صور «السيلفي» مع الدبابات الإسرائيلية في مدينة الخيام الحدودية التي تصدى فيها المقاومون ببسالة لمحاولات ربع الساعة الأخير التي بذتها إسرائيل للخروج بصورة نصر بدت بعيدة المنال.
وقد سارعت إسرائيل إلى طلب تدخل الأميركيين لدى الجيش اللبناني لمنع الناس من العودة إلى منازلهم، بينما قامت بخرق الاتفاق في أكثر من موقع، وسط تكثيف الاتصالات من واشنطن وباريس وقيادة القوات الدولية للحؤول دون عودة الناس إلى قراهم خلافاً لما ينص عليه الاتفاق، خصوصاً بعدما كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعا قبل ساعات، النازحين للعودة إلى قراهم في أسرع وقت.
وفي تعبير فج عن انزعاجها، سارعت إسرائيل إلى خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث عمد جيش الاحتلال إلى شن غارة وحيدة، الخميس الماضي، زاعماً استهداف موقع لـ«حزب الله»، بينما واصل الطيران الاستطلاعي المعادي، التحليق فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل. ووصل عدد الخروقات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء حتى مساء اليوم التالي إلى 18.
وكانت الساعات الأخيرة التي سبقت فجر الأربعاء، كشفت عن معارضة شعبية وسياسية واسعة في إسرائيل للاتفاق على وقف إطلاق النار مع لبنان بشكله الحالي، في ظلّ عدم تحقيق الأهداف التي أعلنها نتنياهو منذ اندلاع المواجهات في أيلول (سبتمبر) الماضي، فيما تتصاعد الخلافات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل بسبب أزمة تجنيد المتديّنين المتشدّدين (الحريديم) وإدارة الحرب في غزة، فضلاً عن الأزمة التي يواجهها نتنياهو مباشرة، نتيجة وجوب خضوعه للاستجواب في محكمة إسرائيلية يوم 2 كانون أول (ديسمبر) المقبل، لاسيما بعد أن بات مطلوباً القبض عليه من قبل محكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وفي محاولة لتدارك المشهد بين فرحة اللبنانيين واستياء الإسرائيليين، خرج نتنياهو، الخميس الفائت، بتصريحات يهدد فيها باستئناف عملية «سهام الشمال»، موضحاً أن الجيش الإسرائيلي «تلقى تعليمات بالاستعداد لحرب واسعة النطاق في لبنان في حال حدوث أي انتهاك للهدنة» رغم زعمه أن «العمليات العسكرية في المنطقة ساهمت في تقليص هذا التهديد بشكل كبير».
في هذا الوقت كان الإعلام الإسرائيلي، يضج بمواقف «مندّدة بخضوع الحكومة لإملاءات حزب الله»، وأظهراستطلاع أجرته «القناة 13»، أن نحو 60.8 بالمئة من الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم، يعتقدون أن إسرائيل لم تهزم «حزب الله»، مقابل25.8 بالمئة يعتقدون أنها انتصرت، و13.4 بالمئة غير متأكدين. إضافة إلى ذلك، وبعد مرور نحو عام وشهر على «طوفان الأقصى»، أجاب 67.4 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع بأنهم يؤيدون إنشاء لجنة تحقيق رسمية، بينما في المقابل 18.3 بالمئة فقط يؤيدون إنشاء لجنة سياسية (لجنة تحقيق سيعينها الكنيست)، وهو ما يحاول نتنياهو الترويج له.
ومع توقف القتال على الجبهة الشمالية، دون التهديد بفرط عقد حكومة نتنياهو، مازال الجيش الإسرائيلي يخوض حرب الإبادة على غزة تحت تهديد أقطاب الحكومة بالانسحاب في حال توقفها، رغم الحديث الأميركي –الأوروبي عن مساع جديدة لتحريك محادثات الهدنة في القطاع المنكوب.
في المقابل، اعتبر «حزب الله» في بيان أصدره مساء يوم وقف إطلاق النار، أن النصر «تحقق مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وعودة آلاف النازحين الى بلداتهم وقراهم ولا سيما في جنوب لبنان». وقال متوجهاً إلى العائدين: «كان النصر من الله تعالى حليف القضيّة الحقّة التي احتضنتموها وحملتموها عائدين إلى قراكم وبيوتكم بشموخ وعنفوان»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «المقاومين سيبقون على أتم الجهوزيّة للتعامل مع أطماع العدو الإسرائيلي واعتداءاته، وأن أعينهم ستبقى تتابع تحركات وانسحابات قوّات العدو إلى ما خلف الحدود».
اتفاق وقف النار
برعاية أميركية فرنسية، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار لينهي القصف المتبادل بين إسرائيل و«حزب الله» منذ 8 أكتوبر 2023، والذي تحول إلى حرب واسعة بدأت بعملية تفجير أجهزة البيجر بآلاف عناصر المقاومة يوم 17 سبتمبر الماضي.
ينص اتفاق وقف إطلاق النار على عدم قيام إسرائيل أو «حزب الله» بـ«أي عمل هجومي»، أحدهما ضد الآخر، وبأن تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، مع احتفاظ كل منهما بالحق «في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس»، على أن «تكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميين هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان».
ومن أبرز النقاط في اتفاق وقف إطلاق النار «إنشاء لجنة تحظى بموافقة كل من إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات”، على أن “تقدم إسرائيل ولبنان تقارير عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».
ووفق الاتفاق، «ستنسحب إسرائيل تدريجياً من جنوب الخط الأزرق في فترة تصل إلى 60 يوماً»، و«ستعزز الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها».
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن، مساء الثلاثاء الماضي، قبول لبنان وإسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكداً أن واشنطن «ستقدم الدعم لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار بالتعاون مع فرنسا»، وأنه «لن تكون هناك قوات أميركية في جنوب لبنان»، مضيفاً أن «الغرض من الاتفاق أن يكون وقفاً دائماً للأعمال القتالية».
ووفق بيان مشترك لبايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن «من شأن هذا الاتفاق أن يوفر الظروف اللازمة لاستعادة الهدوء الدائم والسماح للسكان في البلدين بالعودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق».
قبل ذلك، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن أن هناك أسباباً عدة لوقف النار في لبنان هي «التركيز على التهديد الإيراني، وإراحة القوات وتجديد مخازن السلاح، وكسر وحدة الساحات وفصل غزة عن لبنان». وهدد نتنياهو بأن «إسرائيل مصممة على إتمام القضاء على حركة حماس، وإعادة من تبقى من الرهائن في غزة».
من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إنَّ الاتفاق «خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان وعودة النازحين إلى قرارهم ومدنهم. كما أنه يساعد على إرساء الاستقرار الإقليمي»، مؤكداً «التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان»، داعياً «دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد». كما طالب ميقاتي «بالتزام العدو الاسرائيلي بشكل كامل بقرار وقف اطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي يحتلها والالتزام بالقرار 1701 كاملاً».
في سياق متصل، زار نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي، ميدان الشهداء في الضاحية الجنوبية موجها تحية الى «روح الشهيد السعيد المقدس السيد نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين والشهيد الشيخ نبيل قاووق والقادة الجهاديين»،
وقال في كلمته: «انتصرنا حيث أن العدو لم يحقق أي هدف من أهدافه، ولم يستطع أن يتقدم عند الحدود الأمامية في الجنوب»، لافتاً إلى أن صمود المقاومة في الجنوب أفشل العدوان ليس على لبنان فقط بل على الشرق الأوسط برمته.
ووجه قماطي تحية إلى «بيئة المقاومة التي سنكون أوفياء لها»، متعهداً «بإعادة إعمار ما تهدم في كل لبنان».وقال «إننا نُحضّر لتشييع السيدين نصرالله وصفي الدين، وسيكون استفتاء سياسياً ورسمياً وشعبياً لتبني المقاومة».
صدمات ما قبل الاتفاق
على الأرض، سبق إعلان اتفاق وقف إطلاق النار عدة صدمات متلاحقة أصابت العدوان جراء المواجهات البرية التي أسفرت عن منعه من دخول مدينة الخيام، أو بنت جبيل، أو الوصول إلى شاطئ البياضة، جنوب مدينة صور.
وفي سياق مسارها التصاعدي سجّلت المقاومة، السبت الماضي، أعلى عدد عمليات عسكرية في يوم واحد، في الجنوب، وفي عمق الأراضي المحتلة، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان، جرى تفصيلها في 42 بياناً أصدرها «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله»، حيث نفّذ المقاومون 51 عملية. ويوم الأحد، قصفت المقاومة منطقة تل أبيب وسط الكيان، عملاً بالمعادلة التي أعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بأن الردّ على استهداف العاصمة بيروت سيكون بقصف تل أبيب، بعدما ارتكب العدو مجزرة في منطقة البسطة في بيروت، في محاولة اغتيال فاشلة لقيادي في الحزب. كما أطلقت المقاومة أكثر من 340 صاروخاً في اتجاه الكيان والجيش الإسرائيلي، منها حوالي 20 صاروخاً نحو منطقة الوسط، ودوّت صافرات الإنذار أكثر من 500 مرة خلال يوم واحد مما أدى إلى نزول أربعة ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ.
وبلغت هجمات المقاومة بطائرات مسيرة (انقضاضية) قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الاشتباكات في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كما استهدفت مرة جديدة، بصليةٍ من الصواريخ النوعية، مقر «وحدة 8200» (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية) التي تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 110 كلم، في ضواحي مدينة تل أبيب، وسط عجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
وانتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، مقاطع فيديو توثّق الدمار الكبير الذي تسبّبت به الصواريخ التي أطلقت من لبنان وسقطت في تل أبيب، مؤكدة أن «حزب الله» تمكن من إجهاض الحرب الإسرائيلية من خلال الحفاظ على تماسكه وقدراته الدفاعية والهجومية.
وكعادته، شن جيش العدوان غارات انتقامية، ركزت على الضاحية الجنوبية ومنطقة بعلبك التي وقعت فيها مجازر مروعة، فيما طال العدوان قلب العاصمة بيروت، ، وشنت الطائرات غارات على مناطق الحمراء والباشورة وزقاق البلاط، فيما لم يسلم الجيش اللبناني من العدوان الذي أدى إلى سقوط جندي شهيدا وإصابة 18 آخرين. كما طال العدوان أطقم الدفاع المدني وفرق الإسعاف الطبي.
ومع دخول الاتفاق حيز التنفيذ، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3,961 شهيدا و16,520 جريحاً منذ 8 أكتوبر 2023.
وذكرت الوزارة أن أرقام الضحايا من الأطفال والنساء بلغت 984 شهيداً و4 آلاف و263 جريحاً، ومن الكوادر الصحية 222 شهيداً و330 جريحاً. فيما استهدفت إسرائيل 94 من المراكز الطبية والإسعافية، و40 مستشفى، و251 من الآليات التابعة للقطاع الصحي، ونفذت اعتداءات على 67 مستشفى، و231 من الجمعيات الإسعافية، بحسب الوزارة.
عودة حرب سوريا؟
في توقيت مشبوه تزامن مع بدء سريان وقف إطلاق النار في لبنان أعلنت «إدارة العمليات العسكرية» المستحدثة في إدلب، الأربعاء الماضي، عن بدء عملية عسكرية تحمل اسم «ردع العدوان» تهدف إلى السيطرة على طرقات حيوية تربط حلب بدمشق واللاذقية.
وبدأت العملية العسكرية على محورين، الأول في ريف حلب الغربي والثاني في ريف إدلب الشرقي، حيث سيطرت فصائل المعارضة على نحو 20 موقعاً يتنوع بين قرى وبلدات ونقاط عسكرية في ريف حلب الغربي، أبرزها «الفوج 46» الذي يعد موقعاً عسكرياً مهماً وخط دفاع رئيسياً عن مدينة حلب التي باتت تبعد نحو 10 كيلومترات عن الفصائل المسلحة.
وفي ريف إدلب الشرقي، بدأت فصائل المعارضة عملية عسكرية على مدينة سراقب الواقعة على الطريق الدولي دمشق–حلب، معلنة عن مقتل العشرات من قوات الجيش السوري، والتحصل على معدات ثقيلة من دبابات ومدرعات وأسلحة متوسطة.
ومن جانب آخر، استهدفت الجيش السوري مدعوماً بالطائرات الروسية مناطق متفرقة بشمال غرب سوريا في سرمين وإدلب وأريحا ودارة عزة وغيرها.
ومنذ عام 2020 لم تتغير حدود الصراع في سوريا. بما في ذلك منطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل متعددة أبرزها «هيئة تحرير الشام»، كذلك مناطق الشمال الشرقي التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد.
ورغم أن أنقرة ودمشق اتخذتا مؤخرا خطوات للأمام على صعيد فتح أبواب الحوار لم تصلا إلى نتيجة حتى الآن، في ظل إصرار الرئيس بشار الأسد على شرط انسحاب القوات التركية من سوريا.
ويأتي تحريك الجبهات في سوريا بعد تكثيف ملحوظ للاعتداءات الإسرائيلية التي قاربت المئة، في أقل من شهر، وقد تركز عدد منها على المعابر الحدودية مع لبنان، والتي كان آخرها استهداف معبري العريضة والدبوسية في شمال لبنان، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى.
وجاءت الغارات الإسرائيلية على المعبرين بالتزامن مع تحرك فصائل المعارضة المسلحة في شمال سوريا بعد تحذير أطلقه نتنياهو خلال كلمته بشأن وقف النار مع لبنان، مهدداً بإمكانية فتح جبهة جديدة وواصفاً الرئيس الأسد، بأنه «يلعب بالنار».
حرب غزة
في قطاع غزة، لا يزال التشاؤم بشأن التوصل إلى اتفاق تهدئة هو السائد، وسط استمرار تعثر المفاوضات بسبب العديد من النقاط الخلافية. وفيما يستمر الإسرائيليون في رفض أي إدارة فلسطينية للقطاع، كأساس لصياغة أي اتفاق، يشير السلوك العدواني لجيش الاحتلال في القطاع إلى أن حكومة نتنياهو مصرة على سفك المزيد من الدم الفلسطيني.
فعلى مدى الأيام الماضية، سُجّلت كثافة في عمليات استهداف المنازل والشقق السكنية ومراكز الإيواء، وحتى الشوارع والأسواق وتجمعات الأطفال، ما تسبّب في استشهاد عائلات كاملة، في أحياء الشيخ رضوان والزيتون والشجاعية.
وبالتوازي مع ذلك، استمرت العملية البرية في مخيم جباليا، حيث كثّف جيش الاحتلال من عمليات نسف ومسح المربّعات السكنية، وصعّد من هجماته في محيط مراكز الإيواء المكتظّة بالسكان والنازحين في مدينة بيت لاهيا، لإجبار الأهالي على إخلاء المنطقة تمهيداً للهجوم عليها، غير أن الأهالي رفضوا الامتثال له. وتقدّر مصادر محلية بأن أكثر من 30 ألفاً من الأهالي لا يزالون في المناطق المحاصرة شمالي القطاع، والتي يرفض جيش الاحتلال حتى اليوم السماح بإدخال المساعدات والمياه الصالحة للشرب والوقود إلى المستشفيات العاملة فيها، ما ينذر بمجاعة قد تتسبّب في موت الأهالي جوعاً.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس الماضي، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي الرسمية إلى 44,330 شهيداً، منذ 7 أكتوبر 2023، فيما قارب عدد الجرحى ١٠٥ آلاف، فضلاً عن أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة واسعة في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وحول توقف جبهة الإسناد اللبنانية، صرح القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بلبنان أسامة حمدان، أن الحركة تدعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحليفها اللبناني «حزب الله»، مؤكداً أن الحزب «وقف إلى جانب شعبنا وقدم تضحيات كبيرة».
جبهات الإسناد
مع تعليق القتال على الجبهة اللبنانية ووسط تهديدات أميركية وإسرائيلية متزايدة بضرب العراق رداً على عمليات المقاومة هناك، أعلن زعيم جماعة «أنصار الله» في اليمن، الخميس الماضي، أن بلاده ستستمر في شن الهجمات على إسرائيل، برغم تعرض معاقل الجماعة لـغارات أميركية بريطانية.
وأكد السيد عبد الملك الحوثي استمرار الهجمات التي يشنها الحوثيون «بالصواريخ والمسيّرات» على إسرائيل، غداة بدء سريان وقف لإطلاق النار بينها وبين «حزب الله» في لبنان.
وقال الحوثي في خطابه الأسبوعي إن «العمليات من جبهة اليمن المساندة للشعب الفلسطيني بالقصف بالصواريخ والمسيّرات على العدو الإسرائيلي مستمرة»، فضلاً عن مواصلة الحصار البحري على السفن الأميركية والبريطانية وغيرها من السفن المتوجهة إلى دولة الاحتلال عبر البحر الأحمر.
Leave a Reply