«كرت الاعتداء الجنسي» في ربع الساعة الأخير
واشنطن – كان من المقرر أن تعقد اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس الماضي، جلسة للتصويت على ترشيح القاضي بريت كافانو لعضوية المحكمة العليا في الولايات المتحدة، إلا أن الظهور المفاجئ لاتهامات بالاعتداء الجنسي ضد مرشّح الرئيس دونالد ترامب، كان كفيلاً بتأجيل الجلسة إلى الاثنين القادم، وربما إلى أمد أطول بكثير.
في «توقيت مريب» بحسب أعضاء جمهوريين، وجد كافانو نفسه في ربع الساعة الأخير بمواجهة اتهامات جنسية من أستاذة جامعية كشفت مطلع الأسبوع الماضي أنه حاول اغتصابها خلال حفلة منزلية عندما كانا في سن المراهقة مطلع ثمانينات القرن العشرين.
وعلى الرغم من أن المدعية كريستين بلاسي فورد لا تتذكر بوضوح تاريخ أو مكان الحادثة التي مرّ عليها حوالي ٣٦ عاماً، إلا أن الديمقراطيين سارعوا إلى المطالبة بتأجيل التصويت على تعيين كافانو إلى حين مثول فورد أمام اللجنة للتحقق من مزاعمها.
وطلب الأعضاء الديمقراطيون العشرة في لجنة القضاء، تأجيل جلسة التصويت وقد انضم إليهم بعض الأعضاء الجمهوريين الذين أعربوا عن قلقهم حيال مزاعم المرأة، مما أثار تساؤلات حول مكانية شق الصف الجمهوري الذي يتمتع بأغلبية صوت واحد في مجلس الشيوخ مجتمعاً (٥١–٤٩)، وبالتالي قد يفقد كافانو حظوظه في حال معارضة أي من الأعضاء الجمهوريين لقرار تعيينه في أعلى سلطة قضائية في البلاد.
من جانبه، جدد ترامب، الأربعاء الماضي، دفاعه عن مرشحه لعضوية المحكمة العليا، معتبراً أنه من الصعب تخيل أن يكون كافانو أقدم على ارتكاب اعتداء جنسي. في وقت حدد فيه رئيس اللجنة القضائية السناتور الجمهوري تشاك غراسلي مهلة حتى صباح يوم الجمعة لكي تقرر فورد ما إذا كانت ستتحدث أمام المشرعين في جلسة الاثنين القادم، وفي حال حضورها قد ينجح الديمقراطيون بتأجيل الجلسة إلى موعد آخر وربما إلى ما بعد الانتخابات القادمة.
ورأى ترامب أنه سيكون أمراً مؤسفاً إذا لم تدل فورد بشهادتها أمام مجلس الشيوخ، وقال: «حسنا إذا حضرت وأدلت بإفادة يعتد بها فسيكون ذلك مثيرا للاهتمام وسنضطر لاتخاذ قرار.. لكن لا أستطيع القول سوى إنه رجل رائع ومن الصعب علي تخيل أن شيئاً كهذا حدث».
وأصدر مكتب غراسلي بياناً وصف رواية فورد بأنها «ادعاءات غير مؤكدة»، وأشار إلى أنه لم تظهر مثل هذه الاتهامات خلال التحقيقات المعمقة الست التي أجراها مكتب التحقيقات الفدرالي للتحقق عن خلفية كافانو خلال عقود خدمته العامة. كما انتقد البيان «تكتيكات ودوافع» الديمقراطيين لتظهر هذه الادعاءات إلى الضوء قبل أيام معدودة من موعد التصويت.
وقال غراسلي إن اللجنة ستعقد في 24 أيلول (سبتمبر) الجاري جلسة علنية تستمع خلالها إلى كافانو والأستاذة الجامعية التي تتهمه بالاعتداء جنسياً عليها، وهو ما يعني أن الجلسة التي كان مقرراً أن تعقدها اللجنة للتصويت على تعيين كافانو قد تأجلت إلى ما بعد الانتهاء من استجوابهما.
ستمثُل
بحلول مساء الخميس، تراجع محامو فورد عن شرط طرحه، الديمقراطيون مطلع الأسبوع بتدخل مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) في القضية، قبل مثول موكلتهم أمام اللجنة. وقالت المحامية ديبورا كاتز لـ«نيويورك تايمز» إن فورد ستمثل أمام اللجنة في حال تلبية الشروط العادلة التي تضمن سلامتها، مشيرة إلى أنها تعرضت إلى تهديدات بالقتل منذ الكشف عن القضية قبل أيام.
وفي حال حضور فورد يوم الاثنين المقبل، سيتم على الأرجح تأجيل التصويت مرة أخرى، إذا قدمت ما يدعم ادعاءاتها، لاسيما وأن السناتور الجمهوري المعارض لترامب، جيف فليك، قد ألمح إلى إمكانية معارضته لتعيين كافانو.
أما القاضي المرشح فقد جدّد نفيه الاتهامات مطالباً بعقد جلسة استماع للدفاع عن «شرفه»، وقال في بيان: «أنفي بشدة ومن دون أي التباس هذه المزاعم. لم أفعل ذلك معها أو مع أي شخص، سواء في الثانوية أو في أي مرحلة أخرى».
وكانت فورد، وهي أستاذة في جامعة بالو ألتو، أوردت تفاصيل مزاعمها ضد كافانو، في رسائل سرية وجّهتها إلى ممثلة منطقتها في الكونغرس، ثم إلى سناتورة كاليفورنيا دايان فاينستين، العضو في لجنة القضاء، والتي لم تكشف عن الموضوع إلا مؤخراً.
وقالت فورد (51 عاماً) لصحيفة «واشنطن بوست» إنها قررت كشف هويتها، لأنها شعرت أن «من واجبها المدني» أن «تتغلّب على القلق والخوف من الردّ».
قصة غامضة
وروت فورد، وهي ناخبة ديمقراطية، أن كافانو وصديقاً له اعترضاها وهما «ثملان يترنحان»، داخل غرفة نوم خلال حفلة لطلاب ثانويين في منطقة مونتغومري على مشارف واشنطن. وتابعت أن كافانو كمّ فمها عندما حاولت الصراخ لطلب المساعدة. وأضافت أنها تمكّنت في النهاية من الفرار، عندما اندفع صديق ثالث في اتجاههما، وأغلقت الباب على نفسها في الحمام قبل أن تغادر المنزل، الذي لا تتذكر عنوانه أو حتى تاريخ الحادثة التي تقول إنها وقعت خلال صيف ١٩٨٢ عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها، فيما كان كافانو في السابعة عشر.
وأشارت فورد إلى أنها لم تخبر أحداً بالحادث، حتى العام 2012 عندما كانت تتابع جلسات علاج نفسي للأزواج. ولم يشر المعالج النفسي في أوراقه إلى كافانو بالاسم، لكن تفاصيل التحرّش متطابقة، وتفيد بأن مرتكبيه من طلاب «مدرسة نخبوية للفتيان» صاروا بعدها «أعضاء محترمين ونافذين في المجتمع في واشنطن». وفي جلسة علاج نفسي تالية بعد سنة، أشارت فورد إلى التحرّش بأنه «محاولة اغتصاب»، ويعد هذا التقرير، الدليل الوحيد على وقوع حادثة من هذا النوع في حياة فورد.
وقالت الصحيفة إن فورد خضعت أيضاً لاختبار جهاز كشف الكذب تحت إشراف عميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي وذلك بناء على نصيحة محاميها في أوائل آب (أغسطس) الماضي، دون أن تذكر من دفع تكاليف الاختبار الذي خلص –بحسب الصحيفة– إلى أنها كانت صادقة عندما قالت إن البيان الذي يلخص مزاعمها كان دقيقاً.
ويشار إلى أنه في حال المصادقة على تعيين القاضي المحافظ بريت كافانو لشغل المقعد الشاغر في المحكمة العليا، سترجح كفة القضاة المحافظين لأمد طويل داخل المحكمة، وهو ما يحاول الديمقراطيون منعه بأي ثمن، لاسيما بعد نجاح ترامب بتعيين القاضي المحافظ نيل غورسيتش العام الماضي.
Leave a Reply