فيما أكدت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، على تعاون السلطات السورية مع فريق مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، عبر تأكيدها أن الفريق، الذي بدأ عملية «تأمين سلامة» المواقع التي سيعمل فيها، حقق «تقدماً أولياً مشجعاً» في إطار عمله من أجل التخلص من ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، يبدو أن الصراع بين مقاتلي «الجيش الحر» ومقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) آخذ بالإحتدام في شمالي البلاد، وسط معلومات عن لقاءات سرية بين ممثلين عن النظام و«الجيش الحر» اعتبرها المراقبون أول غيث التحضيرات لمؤتمر جنيف ٢ الذي تدفع موسكو باتجاهه دون شروط مسبقة.
واندلعت المعارك بين مسلحي المعارضة قبل أسبوع في مدينة اعزاز شمالا، بالقرب من الحدود التركية لتمتد شرقا الى الرقة ودير الزور، والى اقصى شمال الشرق السوري لتدخل قوات الحماية الكردية على خط الاقتتال مع داعش في صراع يأخذ طابعا مختلفا عن الصراع مع «الحر» فيما شهدت الرستن التي تعتبر إحدى أهم المعاقل للحر في المنطقة الوسطى، اتفاقا بين قياديي ألوية «الحر» على منع «داعش» من الاقتراب من منطقتهم وعدم قبول تواجدها بأي شكل من الأشكال في ريف حمص الشمالي.
ويأتي عمل الفريق وسط مخاطر جمة، حيث يتسع الشرخ بين المجموعات المسلحة، مع استمرار المواجهات بين كتائب وألوية مختلفة من جهة ومقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، في حين تمكنت القوات السورية من استعادة بلدة خناصر الاستراتيجية بين حماه وحلب، ما قد يخفف من قسوة الحصار المفروض عليها من جانب المسلحين.
وقد تسربت أنباء عن لقاءات سرية بين مندوب رئاسي سوري مع ممثلين عن «الجيش الحر» تمت في دمشق بضمان رئاسي لسلامة «المتفاوضين» والتي وصلت الى التفاهم على اربع نقاط ابرزها ان الحوار يجب ان يكون في الداخل السوري والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة وادانة النزاع المدني والطائفي والعرقي والاتجاه بسوريا نحو الديمقراطية ولم تأت التفاهمات على ذكر اسقاط النظام.
وفي الوقت الذي عبرت فيه السعودية عن «إحباطها» من «الجمود الدولي» حول الملفين السوري والفلسطيني، أعلنت موسكو أن النظام السوري قد يبدأ مفاوضات مع العناصر المعتدلة في المعارضة المسلحة في مؤتمر السلام الدولي المقرر عقده في جنيف الشهر المقبل.
وأشار لافروف إلى احتمال تفاوض نظام الأسد مباشرة مع شق من المعارضين يقاتلونه، وذلك بعد تأكيد صحيفة «الاندبندنت» البريطانية على أن الجيش السوري «الحر» بدأ بالفعل في إجراء محادثات في دمشق مع مسؤولين كبار في نظام الأسد.
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف لا أستبعد أن يكون للمعارضة تمثيل جيد في هذا المؤتمر «جنيف 2» إذا لم تكن متبنية لمواقف المتطرفين ولم تكن لديها افكار ارهابية. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في اعقاب محادثات مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إكمال الدين إحسان أوغلي، «هذا أمر قاله أيضا الرئيس الاسد».
المعلم: الحرب فـي سوريا على الارهاب
من جانبه، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم في كلمته أمام الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي، أن ما يحدث في سوريا حاليا ليس حربا اهلية، وإنما هي حرب ضد الارهاب. وأشار المعلم الى أن بعض الدول لا تريد أن ترى أو تسمع أن تنظيم «القاعدة» الدولي أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم بأذرعه المتعددة، «كـجبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام ولواء الإسلام» وغيرها، هو من يقاتل على الأرض السورية.
وأشار المعلم الى أن دولا شنت حروبا مدمرة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب في الوقت الذي تقوم هي نفسها بدعم الإرهاب في سوريا ضاربة عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة وكل القيم الإنسانية والأخلاقية.
وأكد وزير الخارجية السوري أن سوريا وافقت على المبادرة الروسية، وانضمت الى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مما يثبت التزامها بالوقوف ضد استخدام الأسلحة الكيميائية. وتابع قائلا إن «سوريا معروفة بالوفاء بتعهداتها والتزاماتها، وانطلاقا من ذلك فإنني أؤكد التزام سورية بتنفيذ أحكام الاتفاقية كاملة وبالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كدولة طرف في الاتفاقية، لكن التحدي الذي يواجه الجميع الآن هو هل سيلتزم من يمد الإرهابيين بهذا النوع من السلاح وغيره بالتوقف عن ذلك فورا، لأن الإرهابيين في بلادي يحصلون على السلاح الكيميائي من دول باتت معروفة للجميع، إقليمية وغربية، وهم من يطلقون الغازات السامة على جنودنا ومدنيينا العزل».
ولفت المعلم إلى أن هناك من لا يريد الحل السياسي ويتجه دائما إلى العدوان إما مباشرة أو عن طريق عملائه على الأرض. وأضاف أن التزام سوريا بالحل السياسي لا يعني أنها ستترك الإرهاب يضرب المواطنين الآمنين والإرث الحضاري التاريخي لسوريا والإنسانية. وأشار الى أن هناك إرهابيين من أكثر من 83 دولة يمارسون قتل شعبنا وجيشنا تحت نداء الجهاد التكفيري العالمي، مشددا على أنه لا يمكن مطالبة السلطات السورية بتجاهل مسؤولياتها الدستورية في حماية مواطنيها والحفاظ على وحدة بلدهم وسيادته واستقراره.
كما دعا وزير خارجية دمشق المجتمع الدولي إلى العمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل. وأعاد الى الأذهان المبادرة السورية بهذا الخصوص التي طرحت في عام 2003. وأكد أن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل غير قابل للتحقيق من دون انضمام إسرائيل، القوة النووية الوحيدة في المنطقة، إلى كل معاهدات حظر هذه الأسلحة وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أعلن في لقاء صحفي مع التلفزيون الايطالي «راي نيوز24» أن سوريا ستحترم قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية معتبراً أن التقارب الإيراني الأميركي سيكون إيجابياً بالنسبة لسوريا مقللاً في الوقت نفسه من الدور الأوروبي في مؤتمر «جنيف 2».
ورفض الرئيس السوري تسمية المجموعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري بـالمعارضة، موضحاً أن المعارضة هي كيان سياسي وبرنامج سياسي ورؤية سياسية. أما إذا كانت هناك أسلحة وتدمير وقتل واغتيال، فهذه ليست معارضة. هذا ما يسمى إرهاباً في جميع أنحاء العالم وفي كل البلدان.
Leave a Reply